قراءة في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول الأعاقة بالمغرب.

27 سبتمبر 2012آخر تحديث :
قراءة في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول الأعاقة بالمغرب.

بقلم: ذ. لحبيب ابن طالب
( فاعل جمعوي وباحث في شأن الإعاقة)

أطل علينا في مستهل هذا الأسبوع المجلس الاقتصادي والاجتماعي ضمن تقاريره المهتمة بجميع الفئات الاجتماعية بالمغرب بتقرير يشخص فيه وضعية الإعاقة بالمغرب.وقد تفاجأ المغاربة لهذه الصورة القاتمة التي يعيش فيها المواطنون المغاربة ذوي الإعاقات. إلا أن هذه الحالة لا تخفى على المتتبعين والباحثين في شأن الإعاقة بالمغرب والذين اعتبروا هذه الوضعية السيئة عادية منذ حصول المغرب على الاستقلال،وهي وضعية شائكة ودقيقة أمام غياب المؤسسات القانونية التي تعنى بهذه الشريحة العريضة من المجتمع.

وقد حذر هذا التقرير التشاؤمي بطريقة نقدية محضة الحكومة الحالية من الوضعية اللاإنسانية التي يعيش فيها المعاق حيث نتيجة السياسات الحكومية التي لم ترتكز على المقاربة الحقوقية التي تضفي العيش الكريم للمواطن المغربي في وضعية إعاقة.

إن الجانب القانوني لوضعية ذوي الإعاقات لا تقل سوداوية و قتامة من التي رسمها المجلس الاجتماعي والاقتصادي بحيث أن القانون المغربي غير متكامل ولا يشكل اطارا عاما للوضعية القانونية للمعاق ولا يلبي حاجياته ولا يستجيب للمعايير الدولية خاصة الإعلان العالمي لحقوق الأشخاص المعاقين ولا يتلاءم مع المسار التنموي الذي يجعل الإنسان الرأسمال الحقيقي لكل تنمية، وقد استبشر المعاق المغربي خيرا حينما وقع المغرب الاتفاقية الدولية وصادق عليها لأنها تلزم الحكومة المغربية على حماية وتعزيز حقوقه اضافة الى الفصل 34 من الدستور المغربي الجديد الذي ينص على قيام السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة الى هؤلاء و اعادة تأهيلهم وادماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتيسير تمتيعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع ،اضف الى ذلك البرنامج الحكومي الذي أدخل بصيصا من الأمل على هؤلاء الأشخاص من خلال الاعلان عن مجموعة من التدابير والاجراءات التي لم يتحقق ولو جزء منها وتبقى بين غياهب المجهول وانتظارات هذه الشريحة.

وعودة الى تقرير المجلس الذي كشف على أن إقصاء هذه الشريحة يقدر في خسارة اقتصادية للمغرب تقدر بأكثر من 900 مليار سنتيم…وأن أزيد من 55 بالمائة من الأشخاص في وضعية اعاقة الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة لم يلجوا سوق الشغل.
وفي ذات السياق أكد المجلس بضرورة تعزيز الولوج إلى البرامج العمومية للتكوين المهني والدراسات العليا، عن طريق إعادة تهيئة الأقسام التحضيرية، و ملاءمة البرامج البيداغوجية لفائدة مختلف أنواع الإعاقة، مع توفير المنح الدراسية، مؤكدا من جهة ثانية على ضرورة إصلاح نظام كوطا لولوج الأشخاص في وضعية إعاقة للوظيفة العمومية، ووضع إجراءات تحفيزية لفائدة المقاولات التي تسعى لتشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة.
وفي هذا الصدد كشف التقرير أن ما سبق أن حدده المخطط الإستعجالي لوزارة التربية الوطنية للفترة ما بين 2009و2012، من أهداف لضمان ولوج عادل إلى التعليم لفائدة الأطفال ذوي الاعاقات، لم يتم حتى نهاية 2010، وذلك بتأهيل 351 مؤسسة تعليمية عادية فقط لاستقبال الأطفال المعاقين، ولم يتم تسجيل سوى 2099 طفلا في هذه المدارس بدل 9600 التي كانت متوقعة.
هذا وخلص التقرير إلى أن النظام التعليمي الوطني العمومي لا يسمح بتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين، داعيا إلى تنفيذ إجراءات زجرية عند منع أي طفل في وضعية إعاقة من التسجيل في المدارس العمومية.
وشدد المجلس على ضرورة تهيئة وتجهيز مدارس الإدماج المدرسي والمؤسسات المتخصصة بعدد كاف، وضمان سيرها المباشر من طرف المؤسسات التعليمية العمومية، ومطالبا بتعزيز الكشف المبكر والتقييم المستمر لقدرات الأطفال، وملاءمة البرامج البيداغوجية والوسائل الديداكتيكية مع مختلف أنواع الإعاقة، كمكتبات ناطقة للمكفوفين.
أما فيما يتعلق بالتغطية الصحية فقد كشف تقرير المجلس بناء على البحث الوطني حول الاعاقة أن 12 بالمائة فقط من الأشخاص المعاقين منخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو في مؤسسة للتامين أو تعاضدية، و11 بالمائة فقط صرحوا بأن تأمينهم يغطي 100 بالمائة من مجموع النفقات المترتبة عن إعاقتهم.
وفي هذا الجانب أكد تقرير المجلس أن شخصا من بين كل خمسة أشخاص لم يسبق له أن زار مؤسسة صحية، موصيا بتقديم مساعدات اجتماعية للعائلات المعوزة التي لديها طفل أو أكثر في وضعية إعاقة، تخصص لتغطية المصاريف الإضافية المرتبطة بإعاقة الطفل، وكذا تحويل مساعدات للمعاقين البالغين الذين تحول إعاقتهم دون الحصول على شغل، لتوفير الحد الأدنى من الدخل وضمان عيش كريم مع التركيز على المسنين منهم.
وفي ختام التقرير اوصي بنموسى الحكومة الحالية بعدة توصيات قصد اصلاح ما يمكن اصلاحه من أهمها انجاز قاعدة بيانات وطنية خاصة بالاشخاص في وضعية اعاقة ،وادماج هذه المسالة في الأبحاث والدراسات المنجزة من قبل مختلف المؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية ومعاهد البحث العلمي والأكاديمي ، تعيين داخل ادارات الوزارات أجهزة مكلفة بتنفيذ البرامج والسياسات المرتبطة بالاعاقة بدرجة تراتبية عالية، احداث هيآت مكلفة بتطبيق السياسات الوطنية المتعلقة بالاعاقة على المستوى الجهوي والمحلي، احداث مندوبية وزارية تابعة لرئيس الحكومة مكلفة بتنسيق ورصد وتقييم السياسات العمومية الخاصة بالاعاقة، احداث هياة وطنية مستقلة من كل الفاعلين في هذا المجال مكلفة بتتبع السياسات العمومية الخاصة بالاعاقة وتوجيهها، تحديد توجهات استراتيجية الوقاية من الاعاقة للفترة الممتدة بين 2009و2015 وتفعيلها بالتركيز على المؤشرات الدقيقة التي تمكن من تحقيق الأهداف المنشودة ، تضمين الولوجيات في القوانين الخاصة بالتعمير والنقل والتواصل وبث برامج بلغة الاشارات وعلى طريقة ” برايل” وبلغة مبسطة في وسائل الاعلام العمومية وذلك بتخصيص حصص كوطا في هاته الوسائل.
وبقراءة هذا التقرير يتبين لنا ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي قد أحرج الحكومة الحالية بهذه الصورة السيئة التي يتواجد فيها المواطن المغربي في وضعية اعاقة، وربما يكون تحفيزا يمكن ان تعتمد عليه وتضيفه الى ما أعلنت عنه في تصريحها الحكومي ، وتبقى ان هناك نقطة بسيطة لا بد من الاشارة اليها وهي كون الرئيس الحالي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي يتحمل جزء كبيرا في هذه الوضعية باعتباره كان وزيرا سابقا للداخلية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات 4 تعليقات
  • مهتم
    مهتم منذ 12 سنة

    تحية تقدير لأطر مدينة ازغنغان

  • hmidid mohamed
    hmidid mohamed منذ 12 سنة

    ظن أنه يجب علينا إعادة النظر في تعريف كلمة “إعاقة” أو “احتياجات خاصة”. فماذا ينقص هؤلاء الأبطال “المعاقين” الذين أعادوا للبلد شيئا من هيبته الرياضية التي مرغت في التراب من طرف “الأصحاء” العائدين بصدور عارية من الميداليات عدا نحاسية إيكدير اليتيمة التي حفظنا بها سنتيلترات من ماء الوجه, ذات الوجه الذي توالت عليه اللطمات خلال السنوات الأخيرة بدءا بكرة القدم التي يسيرها السوبرمان الفاسي الفهري -زيادة على الما والضو- و وصولا إلى ألعاب القوى التي يديرها بقبضة لاسلكية مسير شركة “جوال هو عنواني”

    أعتقد أن الإعاقة الحقيقية و الخفية طبعا، في زمن لم نعد نؤمن فيه سوى بالمرئي و الملموس، هو انعدام الغيرة على الوطن و غياب مفاهيم التضحية و التفاني و المسؤولية و الانضباط عند المسؤولين عن قطاع الشباب و الرياضة في بلد نسبة الشباب المتابع فيه للأحداث الرياضية كبيرة جدا.

    مثال على “ذوي الاحتياجات الخاصة” في النضج الفكري و التوازن الأخلاقي و حس المسؤولية هو منصف بلخياط، الوزير السابق لهذا القطاع، الذي قضى أسبوعه المنصرم في كازينوهات ماربيا الإسبانية صارفا الملايين و منتقلا من ملهى إلى أخر في الوقت الذي تتهدد البلد أزمة اقتصادية خانقة هي قاب قوسين أو أدنى من أن تشعل فتيل حرب اجتماعية طاحنة.

    هناك من يعاني أيضا من “احتياج خاص” للأجنبي, فرنسي هولندي و بلجيكي, فلا يهدأ له بال حتى يأتي بمدرب من وراء البحار، أشقر و ذو بشرة بيضاء ناصعة يصرف عليه الملايين من مال “كحل الراس” � لا نعرف لحد الان كم بالضبط – ليختار لنا تشكيلة من اللاعبين المغاربة المقيمين بالخارج و يعلمنا بالفرنسية كيف نضع الكرة في الشباك. إعاقة الإحساس بالنقص هته تكلفنا الملايير لنقل اللاعبين إلى لشبونة و ماربيا في كاباريهات عفوا معسكرات لا نجني منها شيئا، و بلدنا و لله الحمد من أجمل الدول طبيعة و أنقاها هواءا.

    لكي لا نطيل الحديث عن المعاقين الحقيقيين لأنهم كثر و ينتشرون في كل القطاعات و الوزارات و في أسمى المراتب و أعلى مصادر القرارات, أفضل أن أختم بالتحية الخاصة للأبطال المغاربة الثلاثة الذين أحرزوا الذهب و الأرقام القياسية فأنتم يا سادة الأصحاء و هم المعاقون، و أنتم المعافون وهم المبتلون, والله يعفو عليهوم

  • مهتم
    مهتم منذ 12 سنة

    أنا كنشوف بللي المعاق خص الدولة اديرلو منحة شهرية

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق