جمعية ثسغناس تنظم الأيام الثقافية الفنية و الإشعاعية بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيسها

11 أبريل 2014آخر تحديث :
جمعية ثسغناس تنظم الأيام الثقافية الفنية و الإشعاعية بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيسها

تقديم:
الذاكرة هي السند الفيزيولوجي الأوحد الداعم للوجود الانساني،وهي الوعاء الفكري و المخيال الفردي و الجماعي الضامن لاستمرار الكينونة،وبين الذاكرة والتاريخ أواصر زمنية متماهية و مترابطة باعتبارهما معا سلاحا ضد النسيان، ففي توحدهما مؤشرات للتصالح مع الذات والاخر وترصيص للسلم العادل،وفي تباعدهما وانفصالها أمارات لتداعي المأساة بما يعطل العقل و القلب و الادراك والخيال. ولأن الذاكرة تتنافى و مبدأ الفراغ فأنه كل حدث في مجرى التاريخ يفترض حيزا واقعيا يوازيه حيز مطابق له في الذاكرة، بيد أن حضورها يضل أقوى من هالة الكتابة والتدوين لأن سلطتها الرمزية مدعومة باللغة الأم و الثقافة الشفاهية و المعتقد الديني و الطقوسي….وكل ما هو جوهري في الانسان بعيدا عن الانتقاء و الغربلة….
والتاريخ حين يحيل ضرورة على الذاكرة فانه يفسح المجال لاستنطاق واستبئار المسكوت عنه والهامش وهامش الهامش والمكبوت الفردي والجماعي…
فالتاريخ الريفي ضل منذ بزوغه محكوما بإرادة سياسية ساهمت سلبا في طمس الخصوصية الهوياتية للإنسان الأمازيغي بالريف وعزله ككائن تاريخي عن جذوره العميقة و استبدالها بتاريخ تقويضي يأسر جوهره الحقيقي في زمن اختزالي،كما عملت هذه الارادة السياسية على اجتثاث الانسان الأمازيغي بالريف من جذوره واستهداف استقراره عبر أشكال من التجهير والتهجين والتغريب والتعنيف…
ومن هذا المنطلق عدت الذاكرة ترميمها للتاريخ واستعادة موجبة للحقيقة المنسية والمغيبة بل هي تمثل طبيعي وموضوعي للمكان والحدث والتصاق صميمي بالمجال ووعي عميق بالخصوصي، انها اذن شرط للوجود الأمازيغي الحقيقي وترسيخ لبعده الهوياتي الأنجع.فكل ذاكرة حال ترميمها للتاريخ تصبح قراءة جديدة للذات.
وتنبع راهنية الموضوع من المستجدات التي طرأت على الساحة السياسية الوطنية على أعقاب الحراك النضالي للقوى المدنية الحية وما واكبها من ترافعات في المحافل الوطنية والدولية والتي توخت بإقرار الوثيقة الدستورية للأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية وإحداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كمؤسسة رسمية تعنى بالشأن الثقافي واللغوي والفكري للتلوينات الأمازيغية الثلاث.
ان رد الاعتبار والمصالحة مع الذات يقتضيان في المقام الأول مراجعة واعية وموضوعية للتاريخ، واعترافا بلغتها وأعرافها ومصادر تشريعاتها ورموزها الثقافية بالإضافة إلى إنصاف ساكنتها ممن طالتهم حملات القمع والتقتيل منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي، نحن شأن المصالحة مع الذاكرة : تيسير مهمة بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات وطبعا لا يتأتى إنجاح مثل هذه المشاريع ما لم تعبئ له كافة القوى الوطنية الحية على امتداد ربوع الوطن بما في ذلك مؤسسات التربية والتكوين الناشئة باعتبارها الإسيسة الأساس لكل مستقبل ممكن .
ايمانا واعترافا منا بما حققته جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية من تراكم زاخر على مستوى التنمية المحلية بالريف، فقد رأينا من واجبنا أن نقف وقفة قراءة في الذات الجمعوية الفاعلة التي راهنت طيلة خمسة عشر سنة على خلق اشعاع جمعوي وتنموي جادين من أجل ضخ روح جديدة في شرايين الجمعية والدفع بها نحو تشكيل رؤيا جديدة وبديلة غير منقطعة عن جذورها التأسيسية الأولى.
وتندرج هذه الأيام الثقافية في اطار الاحتفاء بالجمعية لمالها من وشائح عميقة بالذاكرة المحلية وباعتبار هذه المحطة مناسبة رمزية لإعادة كتابة التاريخ ورد الاعتبار للذاكرة المحلية و الوطنية بشكل عام.

جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية ASTICUDE

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق