عام الهيليكوبتر وإفلاس عقراء المخزن بالريف!!

23 يونيو 2017آخر تحديث :
عام الهيليكوبتر وإفلاس عقراء المخزن بالريف!!

فريد آيت لحسن

مثلهم ، كان فيرناندز مانويل سيلفيستري المحارب الاستعماري خارج الحدود حالما حين صرح بكل ثقة أنه سيشرب الشاي خلال ساعات ببيت ابن عبد الكريم، إلا أن الكأس كانت مترعة باسم الهزيمة، تجرعه خائبا لينتهي منتحرا عند اطراف إحدى البلدات الريفية، وسيسجل اسمه لاحقا كما غيره في صفحات العدوان الإجرامي على الشعب الريفي الاعزل، صفحات هزيمة الحنيرلات بانوال الخالدة، تلك الهزيمة التي اعتبرها الريفيون رغم كل شيء تراجيديا الانتصار المفروضة عليهم وكان ممكنا تجنبها لو ساد منطق الحوار والتسامح.

هكذا يعيد التاريخ نفسه وكأن عجلة الزمن لا تدور والذين يعتقدون أنهم يمسكون بمفاتيح قضايا الريف – الوطن، لا يتعلمون من دروس التاريخ .نفس المعطيات ونفس السيناريو يتكرر ونفس ردات الفعل الاستئصالية التي لا تأخذ الأمور على محمل الجد لتجنب الريفيين عموما هذه المأساة و تبعاتها على المدى القريب والبعيد.

صرخة الشهيد محسن وهو بآلة الطحن تحولت لجذوة متقدة لم تفلح كل الرياح التي نفخوها في إخمادها، بل ظلت تتمدد بعنفوان إلى أن أصبحت بركانا يغلي يصعب التحكم بالحمم التي ينفثها ولا بالشظايا التي تتطاير والتي تصيب المناطق الأخرى .

لم يكن الحراك فورة حزن ونزوة مراهقين ستندثر مع الوقت…الحراك فكرة/حلم بكل بيت ريفي وببيت كل حر لا يرضى بالظلم ولا بالاستبداد… الحراك هو ستون سنة من العذابات والانكسارات اقتطعت من عمر الريف النازف تحت أعين الدولة المخزنية وبرعايتها قد فيها قميص الصبر وما عادت ورقتي المصالحة والعهد الجديد تخفي عورة جرائم دولة المخزن وانتهاكاتها المستمرة ، التي وشمت جسد الريف العصي على الخنوع والركوع للظلم والعدوان.

ستون سنة من التهميش والاقصاء وهذا الارث الثقيل من الاحتقان يتدحرج ككرة ثلج من جيل الى جيل .

ستون سنة من التهجير والضياع ببلاد الشتات ومساعي حثيثة لسحق هوية الانسان الريفي وزعزعته سيكولوجيا لنصل لمرحلة لم يعد بمقدور الكأس احتمال انسكاب نقطة أخرى ؛ أما وقد انسكبت وفاض الماء فقد تكشفت حقائق صادمة عن وهم الاصلاح والمصالحة وعن عبثية العهد الجديد ودولة الحق والقانون ودولة المؤسسات . يظهر جليا وبما لا يدع مجالا للشك ان هناك خللا ما بكل أجهزة الدولة من أعلى الهرم إلى أسفله فيكتشف المواطن البسيط أن المساحة الجغرافية التي تحتويه ليست بوطن إنما هي غابة تحكمها عصابة و تقودها بقانون الغاب .

تعود سنوات الرصاص بكل ثقلها لترزح على صدر المواطن تخنق أنفاسه وتروع أمنه وتقض مضجعه ، لم تعد أبواب بيوتنا آمنة إذ لا ندري متى ستكون زيارة خفافيش الظلام التي تدخل دون استأذان متعمدة كسر الأبواب لإثارة الرعب والفوضى وسط الأطفال والنساء بأسلوب انتقامي شاذ وهجين….

عرى النظام عن أنيابه كوحش كاسر ضاربا ببنود الدستور وبالمواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير وحرية التظاهر واستنفذ كل وسائله العدائية الانتقامية المتاحة دون أن يصل لمبتغاه …الفكرة تجذرت والقسم عند الانسان الريفي لا ينكث فالريف صخرة صلبة انكسرت عليها احلام الطامعين والعابثين …من خرج بصدر عار الا من ارادة وعزيمة لا تلين ولا تستكين لا يريد العودة الا بحل يرضيه وأن ضرب حول الريف سياج من حديد …هي صرخة صلاح لخشم وصرخة كل المعتقلين أن نكون أو نكون لا حل بالوسط ولو على حساب حياتنا.

سال الكثير من المداد بخصوص لقاء نظمه الجناح الامني للكوركاس الريفي الجمعة الماضية بمدينة طنجة ، وحضرته جميع أنواع الفراشة (Vendeur à la sauvette ). ومشتقاته الوظيفية محليا ووطنيا وبحضور وجوه من الشتات الاوروبي خصوصا من أوروبا وأمريكا الشمالية.

قبله، تابعنا ومباشرة بعد اختطاف واعتقال القياديين الميدانيين للحراك الريفي وعلى رأسهم الصنديد ناصر الزفزافي ومحمد جلول ، خرجات عراب الكوركاس الريفي ، ومباشرة بعد يوم من اعتقال الزفزافي ، خرجات ذات حمولة هجومية وحاملة لرسائل موجهة بالأساس للمخزن مفادها أنني مازلت هنا، وقادرا على فعل المستحيل من اجل التآمر على الحراك وعلنا هاته المرة ، لذلك كان طبيعيا أن بجد منافذ آمنة عبر منابر الإعلام الملكي والصحفيين الملكيين المغضوب عليهم من المربع الأستشاري بالبلاط، أمرا طرح في وقته الكثير من التساؤلات في وسط المتتبعين للحراك الريفي وكذا المنتسبين إليه من ناشطين ومساندين ومتضامنين، تساؤلات مست بالأساس التوقيت الزمني لتلك الخرجات والمبتغى منها، مقابل استحضار واقع جهنمي على الارض تمثل في تشديد القمع والاعتقالات والاختطافات وسط النشطاء الريفيين والناشطات الريفية على امتداد تراب العديد من المداشر والبلدات الريفية المحيطة بمدينة الحسيمة وخارجها.

لا اتي بجديد حين أقول أن حصيلة تاريخ عراب الكوركاس الريفي وجماعته هي مجمل تلك الكرنفالات المخزنية التي يسوق فيها القضايا الأليمة للشعب الريفي قصد كسب رضى الصدر الأعظم.

منذ زلزال 2004 حاولت الجماعة العاقرة بالريف تسويق الأوهام للريفيين عبر مداخل واليات متعددة، وهكذا استطاعت أن تنمو على فتات الاتوات والريع المخزني خلال مدة قصيرة ، فما بين 2004 و2012 جرت مياه كثيرة في نهر الريع المخزني وعلى أطراف سفوح النزيف الريفي، كلنا نتذكر هنا المحاكمات الصورية الجائرة في حق الشباب البوعياشي وعلى رأسهم البوعياشي الورياغلي النبيل محمد جلول ، محاكمات تواطىء فيها الكوركاس الريفي عبر عناصر سخافاته المسخرة بشكل هجين، وتبين ذلك لاحقا للعيان حجم تلك المؤامرة. نتذكر هنا أيضا اسطوانة براءة المعتقلين ، والمطالبة بإطلاق سراحهم والفو الملكي….الخ..

وإذ استحضر سيناريوهات المؤامرة التي تم فبركتها ضد الشباب البوعياشي خلال سنتي 2011-2012 لابد من تسجيل بعض الملاحظات الحصرية فقط التالية:

– لايمكن مقارنة الحراك البوعياشي بالحراك الشعبي الريفي اليوم من نواحي عديدة.

– استفادة شباب الحراك من إيجابيات وسلبيات الحراك البوعياشي كان أساس نجاح الحراك الشعبي اليوم وبالتالي تجذره وسط المجتمع الريفي بمختلف فئاته العمرية والاجتماعية.

– إقفال أبواب الحراك في وجه عناصر الكوركاس الريفي وفراشاته بالريف شكل مناعة لعدم الانزلاق في ممارسات غير سلمية من جهة والاختراق من طرف مليشياته الوظيفية.

– استقلالية القيادة الميدانية عن أحزاب البلاط وسلمية الحراك شكل مناعة علنية ومشروعة في وجه الاختراق المخزني والحزبية وساهم في التفاف الريفيات والريفيين حول الحراك بريف الداخل وريف الشتات، جسدتها ملاحم لم يعرفها تاريخ الريف المعاصر منذ عقود من الزمن.

– خلق الحراك الشعبي في صيرورته النضالية عزلة شعبية وادانة رمزية لمجمل القوى والدكاكين الحزبية التي أنتجتها العمليات الانتخابية.

اذن نحن الآن أمام السيناريو الأمني الذي جوبه به حراك ايث بوعياش، المتمثل في تشديد القبضة الحديدية القمعية، وشيطنة الناشطين والمتضامنين بالداخل والخارج ، ووسط هذا الجو أيضا تم تنظيم كرنفال الجرار من أجل نصرة أعوان وخدام المخزن أنفسهم ، وقطعيا ليس من أجل نصرة المعتقلين السياسيين الريفيين ولا من أجل تأكيد شرعية وعدالة الملف الحقوقي الذي طرحه الحراك الشعبي الريفي على طاولة الدولة، لأنه لايعقل أن يكون الطرف المسبب للمشكل هو نفسه الباحث عن الحلول.

ان تكالب وانخراط مايسمى بالصحافة الملكية في تسويق رموز أطراف المشاكل بالريف عبر المواقع الإلكترونية ومباشرة بعد اعتقال قيادات وشباب الحراك كما قلت، يبين بوضوح تبني الدولة العميقة لخيارات الحسم القمعي من منطلق انا الرابح الأبدي، وبالتالي فما توظيف رموز الجماعة العاقرة إلا من أجل ذر الرماد في العيون ومحاولات اللعب على الوقت وليس إلا.

بالنسبة للحراك الشعبي اليوم لا خيار له سوى خيار الوفاء الميداني للمختطفين والمعتقلين السياسيين الريفيين القابعين بسجون العار عبر النزول السلمي للشارع، ونفس الشيىء بالنسبة لريفيي الشتات، مع الاستمرار في إبداع أشكال متميزة في العمل.

* انفصالي ريفي في نظر السلطات
لاهاي 19 يونيو 2017

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق