منبر الرأي / مدرسة ” سيذي شعيب أنفتاح “، انهضي ..، وأوقفي عنا شر المستحدثات

23 أبريل 2016آخر تحديث :
منبر الرأي / مدرسة ” سيذي شعيب أنفتاح “، انهضي ..، وأوقفي عنا شر المستحدثات

أريفينو  عمر سعلي

 

لنتفق أولا أنني بهذا المقال ،أحاول فقط تسليط الضوء عن الجزء الأهم من الثرات الثقافي اللامادي للانسان الريفي ، رافد من روافد قوته المستمرة  وديدنه في الاستمرار ومجابهة عاديات الزمن .

اننا نحن الريفيين وسكان شمال افريقيا أولى لنا أن نفتخر ، بالجغرافيا حيث الشمال الافريقي وما يعنيه في الحضارة الانسانية وتاريخ الشعوب الصادقة والصديقة للأرض، وبانتمائنا للفضاء المتوسيطي وما يمثله من رمز كمهد لأعظم الحضارات الانسانية  أمثال الرمانية ،الفنيقية ،القرطاجية ،الفرعونية ، البابلية والحثية… ، بل والأكثر تميزا ولفتا للأنتباه على هذه الصورة الشاملة هو الفهم والسلوك الديني الذي أنتجه احتكاك ثقافتنا باالمضمون الديني الذي قدم من الشرق، هذا ما جعل  أجدادنا لم يلغوا  أي من ملكات الذوق كما لم يعدموا حواس الجمال ، أو يقفلوا مخارج بوح الفن والتعبير، بئس ما فعلته جماعات أخرى ،فقد كان أجدادنا  بعيدون تمام البعد عن كل هذه التعقيدات النظرية والممارسات التي لا تتقن شئ الا اختلاق الشروخ ، تضعف بالتالي الجبهة  الداخلية لأي مجتمع أو كيان ،أي كان، كما هو بديهي أن يكن الفهم الأصولي عداءا علنيا ومبطنا للثقافة والأرض لأن علاقة الاثنتين خلاقة ، ومميزة بالاختلاف والتنوع والتطور والاستمرار وهذا ما يثير حقد الأصوليات دائما .

من جميل شر أعداء الريف ، وهنا نقول “أعداء” ليس لأننا سمعناها تتداول أو من باب نرجسية مرضية، لا أبدا  فاللريف أعداءا حقا، اكتسبهم  بملاحم أبناءه عبر التاريخ، عبر الأحداث التي صنعت ارثا وتعبيرا سياسيا لا يقبل التشويه،ولأن تلك الأحداث التاريخية البطولية  في البارحة واليوم، أخذتنا بعيدا الى مصاف الشرعيات القوية والمتماسكة التي يفتقدها غيرنا،(…) ،اضافة الى عزة نفسنا وتميز تراثنا وجمالية تعبيراتنا ،هنا يحضر الفن والموسيقى بالتأكيد وكما سلفت أن فن الغناء بأرض الريف استفاد كما أظن من تلك العزلة التي كانت كانت مطبقة عليه، حصارا وتشفيا منذ أن اختار خط العناد والتميز والمقاومة ، قبل أن يأتي هذا “الانفتاح الملغوم” الذي يكرس الأن  للتمييع والتملق عبر قنوات ومبادرات أقل ما نقول عليها مشبوهة ، حيث اختزال ” الفن الأمازيغي ” عموما في الفلكلور والاستعراضات “المهرجانية”  وجرده من كل رسالاته أو ارتباطاته بالوجه الصحيح للتاريخ و بالهموم الحقة للشعب ولنحن الريفيين على وجه الخصوص.

 نعم ابان ذلك الحصار،  وقف ” سيذي شعيب ” برمزيته ومكانته ، كأنه صوفيا حيا محبا للطرب الملتزم،  و ناصرا للحق في التعبير وتعلم وتعليم نسج “ازران” وكل تمثلات أدوات رفضنا الممانعة على مدار حقب طويلة .. ، كما جسد ضريحه بأرض تمسمان فضاءا ومعهدا موسيقيا شهد على ولادة أعظم  الأهازيج الشعبية الريفية  باحتضانه لتمرينات الشابات الصغيرات على أداء ” أرياس ” ، حيث كان ولايزال ما ارتبط بهذا الفضاء مادة دائمة في الاصدارات الفنية الى يومنا هذا ، كما ” سيذي شعيب ألفتاح ” شهد  أيضا على أولى البدايات المحتشمة في الحب، الصادق العذري بين شباب وشبات الريف، فكيف اذن لا يغبط هذا “الشاب”  فرحا بما يراه من جمال،  وهو الذي مات أعزبا ..

لقد كان استقبال أهل شمال افريقيا للدين الاسلامي مميزا بالتصالح مع  الثقافة والتراث ومع القيم أيضا، وهكذا يجب أن يضل دوما، كما ظل تميزنا بالفن البديع على مدار القرون ، الفن الرسالي الذي قاوم المحتل ونادى بالسلام وتصالح مع الحب والهيام بكل ألوانه ، ففهم الريفيين للدين كان هو فعلا ما يجب أن يكون، مرتكزا على العلاقات الاجتماعية ، نبذ النفاق والمسؤولية  واشاعة قيم الحقوق وواجب الواجبات ، وعلى التربية الجمالية والفنية ووسائل التهذيب وكبح جماح الهمجية وصد العنف والمحتليين ، وحتى لا تشتبه علينا شبهة أوضح أنني لا أدعوا الى أخذ كل ما يزخر به التراث دون احكام العقل فيه وغربلته ، فنحن ناذجون كفاية  لنتصالح مع هذا التراث ونأخذ ما يجعلنا أكثر قوة في زمن أصبحت فيه الدعاية الخشنة والمعولمة سيدة الموقف .

نحن اذن نمتلك كل الدرع الكافي أمام جميع الاختراقات المحتملة  و المستحدثات الذي تسعى للتغول العنيف،أو التبضيع و التسليع الذي يستهدف الأدب والفن وكل الانتاجات الجميلة للبشرية ،فما يجب  فقط فعله هو اعادة الاعتبار لتراثنا الغني والتعريف به وابراز رمزيته و دوره التاريخي الذي قدمه ولا يزال، عبر نظرة علمية ، أكاديمية ، ناذجة وثاقبة، من أجل هذه الأجيال الجديدة ، حتى لا تسقط أو تسقطها الدعاية في الدرك الذي لا تحمد عقباه ..

فخرون جدا بشباب الانتباه واليقظة وبكل المبدعين ،فرسان المعركة الثقافية، وبأي جندي مجهول غيور على ريفه ووطنه ونفسه وأسرته.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات تعليق واحد
  • ABRIDA DA ZIRAR
    ABRIDA DA ZIRAR منذ 8 سنوات

    وقال:(( الأعراب أشَدُّ كُفراً ونفاقاً وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم)التوبة ( 97).

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق