النزيه و الخائن في الممارسة السياسية “مدينة الدريوش نموذجا”

24 أكتوبر 2016آخر تحديث :
النزيه و الخائن في الممارسة السياسية “مدينة الدريوش نموذجا”

أريفينو

صالح ازحاف حمدا �쪀 على ما أصبحت تحظى به مدينتنا من انتعاشة سياسية لدى مختلف الفئات الاجتماعية٬ فبالأمس القريب كنا نجهل أمورا عديدة في الممارسة السياسية٬ ما عدا الذهاب يوم الجمعة إلى صناديق الاقتراع لاختيار شخص معين بأوصافه وعائلته ومكانته الاجتماعية وخصائصه٬  تبقى لصيقة بالشخص فقط٬ مما كان يؤثر سلبا على العملية السياسية ويفقدها للوعي المسبق. مرة أخرى ولابد من حمد الله على أن مواطني مدينتنا٬ أصبحوا يستحضرون مفاهيم عديدة قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع من قبيل ( الحزب وبرنامجه٬ الأمين العام وحاشيته٬ موقع الحزب على المستوى الوطني٬ معنى التحالف الحزبي٬ لائحة النساء والشباب٬ المقاطعة والمشاركة…)٬ بالإضافة إلى متابعة الشأن السياسي على المستوى الوطني ( الاهتمام بالنتائج الوطنية٬ من سيقود الحكومة٬ التحالفات داخل الحكومة…). بل الأكثر من ذلك٬ لاحظنا كيف أن سكان المدينة لم يقتصروا على المفاهيم السياسية وفقط بل أصبحت مقاهي المدينة تستحضر في نقاشاتها مفاهيم قانونية و إدارية جد تقنية من قبيل ( الفرق بين العامل ورئيس المجلس الإقليمي٬ من هو الآمر بالصرف٬ اللجان واختصاصاتها٬ المحاكم الإدارية درجات التقاضي٬ مفهوم الطعن و التجريد٬ المحكمة الدستورية و اختصاصاتها…). لكن من كل هذا يبقى السؤال هل الممارسة السياسية بالمدينة٬ ممارسة مسؤولة؟ أي هل الحركة السياسية لها ارتباط بالنظرية العلمية؟ لكي نجب عن هذا السؤال٬ لابد من معرفة من هي المؤسسة التي ساهمت في نشر هذا الوعي السياسي والإداري داخل المدينة؟ أي من قام بدور التأطير؟ التأطير والوعي في مدينتنا لم يكن نتاج المؤسسات الحزبية٬ وهذا راجع إلى غياب شبه منعدم للأحزاب التي نراها فقط في مواسمها الانتخابية لتلعب دور المتوسل والمستعطف. مدرسة النخبة أو المثقف كانت حاضرة بالمدينة٬ وكان لها ارتباط بالمواطنين٬ إلا أن موقعها كان لا ينسجم مع خصوصيات الإقليم٬ بكون المثقف كان نتاج خطوط ماركسية أو إطارات شوفينية بمفهومها المادي. لكن كانت هناك مؤسسة جد قوية استطاعت في فترة وجيزة أن تؤطر الإقليم بشبه كامل٬ لعبت دورا أساسيا في رفع نسبة الوعي لدى المواطنين٬ وكانت حاضرة في مختلف المحافل السياسية والثقافية والإدارية بالمدينة٬ إنها مؤسسة الإعلام المحلي. وبالتالي المدرسة التي ساهمت في تأطير الساكنة٬ لم تكن مدرسة بتلك المقومات العلمية٬ هذا ما سيجعل ذلك الوعي المنتشر داخل المدينة غير مهيكل٬ ويفتقد للتأطير الأكاديمي٬ ولمنهج المكونات السياسية٬ هذا ما سيؤثر سلبا على الممارسة السياسية٬ وبالتالي يصعب علينا في غياب هذا التأطير أن نحدد من هو الخائن ومن هو النزيه في الممارسة السياسية. وبالعودة إلى ما بعد 7 أكتوبر لاحظنا أن مفهومي الخائن والنزيه أصبح موضوع جدال في الإعلام المحلي وفي النقاش العمومي( المقاهي…). هذا ما سيجعل وقوفنا على هذين المفهومين بشكل مقتضب أمر ضروري٬ ولكن قبل ذلك يجب التذكير بأن الإختلاف في عهد الرسول محمد

صلى الله عليه وسلم كان رحمة وليس خلافا أو عيبا٬ وهنا أيضا يجب أن نستحضر ما قاله علال الفاسي لرئيس رومانيا نيكولاي تشاوشيسكو٬ أثناء الترويج لملف القضية الصحراوية “التعارض الايديولوجي لايفسد للود قضية”. إذا من هو النزيه ومن هو الخائن في الممارسة السياسية؟ النزيه في العملية السياسية: هو من يؤمن بالاختلاف٬ ومن ينضبط لبرنامجه السياسي ولحزبه٬ وهو من يفكر في المصالح العامة٬ وكذا يحاول أن يبتعد على منطق إرضاء الخواطر في الممارسة السياسية. الخائن في الممارسة السياسية: الخيانة هي من المفاهيم التي لها ارتباط بالأخلاق وبالتالي الارتباط بالجدلية التاريخية بين السياسة والأخلاق٬ وكان للمدرسة الماكيافيلية دور مهم في تفسير هذه الجدلية٬ ولكن بقاعدة لكل مقام مقال٬ لابد من إعطاء تفسير لمفهوم الخيانة السياسية انطلاقا من مدينتنا. فأكبر خائن للسياسة هو من يتعامل معها بمنطق ضرب المواعيد٬ أي الكائنات التي تظهر كل خمس سنوات. أما من يطمح للعمل و التغيير فليس هو ذلك الشخص الذي يظهر في الحملات الانتخابية أو يذهب إلى صناديق الاقتراع يوم الجمعة٬ بكون آليات الممارسة السياسية في العهد الجديد لا تعترف بالانتخابات ولا بالتمثيلية٬ فهناك آليات لها ارتباط قوي بالتنمية الترابية وتجسد بشكل فعلي للمقاربة التشاركية٬ فاليوم أصبح للمواطنين اختصاصات مهمة في تدبير الشأن العام المحلي٬ بل أكثر من ذلك يمكن لهم أن يؤثر بشكل كبير في الإستراتيجيات العامة للدولة. إن الدخول في مثل هكذا مواضيع ليس غايته هو تصنيف المواطنين٬ أو تزكية ذواتنا٬ بقدر ماهو محاولة لخلق نوع من التعايش السياسي والتعاون داخل المدينة٬ وتغيير تلك النظرة النقدية إلى نظرة تحليلية تستلزم النضج السياسي. وفي الأخير سأستحضر قولة يقولها دائما إمام المسجد في آخر جمعة من رمضان بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه المساجد في أيام الشهر المبارك والفراغ الذي تشهده في باقي الأيام “من كان يؤمن برمضان فرمضان قد ولى ومن كان يؤمن با! فا! حي لا يموت” ومنه ” من كان يؤمن بالانتخابات والاسترزاق عليها فالانتخابات قد ولت٬ ومن كان يؤمن بالتغيير فالقضية لازالت قائمة”٬ والأيام أمامنا لأنها هي في الأخير من ستحدد النزيه من الخائن.

10447042-17129091

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق