+صور: قصة مثيرة لمهاجر مغربي حوّلت المخابرات الإسبانية حياته إلى  جحيم

28 أكتوبر 2017آخر تحديث :
+صور: قصة مثيرة لمهاجر مغربي حوّلت المخابرات الإسبانية حياته إلى  جحيم

توفيق السليماني

“اعتقلوني ظلما وعدوانا بتهمة الإرهاب، وكان السجن فظيعا وسيئا جدا من الناحية النفسية، لن أسقط من جديد في فخ التعاون مع المخابرات ما دمت حيا، أريد فقط رؤية طفلي الذي لم أره، لقد خسرت كل شيء بسببها، والآن علي أن أبدأ حياتي من جديد”.

هكذا لخص محمد حرّاك، المهاجر المغربي بالديار الإسبانية، الجحيم الذي عاشه لمدة 16 شهرا تقريبا منذ اعتقاله في حي سان غوتلو بجزيرة مايوركا في 19 أبريل 2016، من قبل قوات العملية الخاصة التابعة للقيادة الأمنية في مدريد، بتهمة تجنيد الشباب المغاربة، قبل أن يتم الإفراج عنه هذا الأسبوع، بعد أن أكد القاضي المتخصص في محكمة الإرهاب براءته من استقطاب وتجنيد الشباب المغاربة، للانضمام إلى صفوف التنظيم الإرهابي داعش، قبل سقوطه في العراق وسوريا.

ثمن التعامل مع المخابرات

المغربي حراك، البالغ من العمر 28، هو واحد من الشباب المغاربة الذين قرروا الهروب من المملكة من أجل البحث عن حياة أفضل في “الفردوس الأوربي”، ليستقر به الحال في بلد “دون كيشوت”.

قبل اعتقاله، كان يشتغل منذ 6 سنوات كـ”طباخ” في فندق “سانتا بونصا” في مايوركا. ويعرف بين زملائه بعشقه لكرة السلة والملاكمة، ولعبة قناصة الاسلحة (رياضة الأيروسوفيت).

يحكي المغربي أن الاتهامات التي وجهت له من قبل الأمن الإسباني وغدره من قبل المخابرات الإسبانية، منعاه من رؤية زوجته المقيمة بالمغرب، لكن ما يؤلمه أكثر هو أنه لم يتقاسم مع الأسرة لحظة ولادة وحفل عقيقة ابنه البكر آدم البالغ من العمر 11 شهرا، في هذا يقول: “حرموني من رؤية ابني الذي رأيته في الصور فقط”، حسب موقعي “أولتيما أورا” و”ديارريو دي ما يوركا” الإسبانيين.

Mohamed-Hakker-518547

“كانت تجربة السجن قاسية، طافوا بي عبر أربعة سجون (الجزيرة الخضراء ومايوركا ومدريد وسرقسطة)، وكنت أعيش في عزلة، لكن كانت أصعب فترة هي التي قضيتها في سجن سرقسطة”، يتذكر المغربي بنبرة حزينة؛ غير أنه غير قادر على نسيان اللحظة التي اعتقل فيها قائلا: “كنت غارقا في النوم، وفجأة سمعت ضربات قوية على الباب، قبل أن يقتحم الشقة ثلاثة أمنيين. في الوهلة الأولى، كنت أعتقد أن الأمور تشابهت عليهم وأنهم مخطئون، لكن أخبروني أنني إرهابي، والحقيقة، لم أكن في يوم من الأيام إرهابيا أو متشبعا بالفكر المتطرف، كنت دوما أرفض القراءة المتطرفة للإسلام”.

المغربي فجر قنبلة من العيار الثقيل تؤكد حقيقة استعمال المخابرات الإسبانية للمواطنين المغاربة كـ”عملاء” من أجل تقصي أخبار وقراءة بعض أبناء جلدتهم المصنفين في خانة “المشتبه فيهم”؛ في هذا يقول المغربي: “لم أكن إرهابيا، بل أكثر من ذلك، أخبرت الأمن والقضاء أنني متعاون مع المركز الوطني للاستخبارات الإسباني”، لكن كل ذلك لم يشفع لمحمد حراك، لا لشيء إلا لأنه في إسبانيا هناك صراع بين الأجهزة الأمنية حول تحقيق السبق في الوصول إلى المعلومة، حينها تصبح الغاية تبرر الوسيلة، لهذا يشعر محمد أنه استعمل من قبل المخابرات الإسبانية كوسيلة من أجل مآرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

وأضاف: “حكيت للقاضي صفتي كمتعاون مع المخابرات من خلال جمع المعلومات حول الجماعات المتطرفة، لكن القاضي أخبرني أنه سيرسلني إلى السجن في انتظار التحقيق في أقوالي. كنت أعرف أنهم اعتقلوني بالخطأ، وأن الأمور ستتضح عاجلا أم آجلا”.

المغاربة يتطرفون في السجون الإسبانية

يقول مثل إسباني: “في بعض الأحياء، الدواء أسوأ من الداء”، هذا ما يمكن إطلاقه على الخلاصة التي خرج بها المغربي محمد بعد مغادرته السجن، إذ يعتقد أن دخول المغاربة إلى السجون الإسبانية يساهم أكثر في تطرفهم بدل إعادة تأهيلهم، في هذا يقول: “كانت لدي اتصالات بالعديد منهم. الحقيقة هي أن البعض لم يكونوا ينتمون إلى داعش، بل اعتقلوا بسبب تعليقات على الأنترنيت، لكن، للأسف، في السجون يتطرفون”.

محمد حراك

ويحكي المغربي أنه في السجن لم يستطع أن يخبر إخوانه المغاربة والمسلمين بأنه كان يتعاون مع المخابرات الإسبانية للتجسس على بعض المسلمين المشتبه فيهم، في هذا يوضح قائلا: “كانت مرحلة سجني معقدة. كنت أتقمص شخصيتين، لأنني لم أستطع إخبار أي أحد بأنني كنت عميلا. قضيت الكثير من الوقت في السجن مع جهاديين محكومين، لكنني لم أخبرهم بالحقيقة، فقط بررت زجي بالقول إن المخابرات عرضت علي أن أتعاون معها، ورفضت، لهذا نصبوا لي فخا”.

وعن الأسباب الحقيقية التي جعلته يتعاون مع المخابرات على أرض الواقع دون ضغوط يقول: “كنت أرغب في التعاون ضد الإرهاب، وعرض علي صديق أن أتوجه إلى مركز الاستخبارات الإسباني، لهذا قررت الاتصال بهم وتركت لهم رسالة”.

ويضيف المغربي: “بعد الاتصال بالمخابرات حضر إلى مقر عملي شخصان وأخبراني أنهما من المخابرات، وبعد أسابيع عرضا علي التعاون معهما”. وأشار إلى أنه كان يتعامل بشكل مباشر مع مسؤول في المخابرات يسمى “آنجيل”، “كنت أنقل له جميع المعلومات بعد أن استطعت أن أندس في بعض الجماعات المتطرفة”، يقول حرّاك. لكن المثير هو أن محمد كان يتوفر على جميع الأدلة التي تثبت أنه عميل، إلا أن الأمن رفضها، في هذا يوضح: “من حسن حظي أنه كنت أسجل مكالمتي مع آنخيل، وبدونها لكنت الآن في السجن”.

“تعلمت الدرس”

“استطعت أن أندس وسط خلية إرهابية كانت تتكون من 8 أشخاص، وعرضت علي السفر إلى تركيا للانضمام إلى صفوف داعش، لكن رفضت”، حكى عن احتكاكه بجهاديين بإسبانيا، وكيف موههم أنه متشبع بأفكارهم. ويضيف قائلا: “بفضل المعلومات التي قدمتها لآنخيل، تم اعتقال شابين مسلمين متطرفين”. ويؤكد المغربي أنه تعلم الدرس جيدا ولن يسقط مرة أخرى في فخ المخابرات الإسبانية، التي استعملته وتخلت عنه عندما كان في حاجة إليها، في هذا يشرح بألم: “لن أكررها ما دمت حيا، لا أريد أن أعرف أي شيء عن الأمن ولا المخابرات أو أي شيء من هذا القبيل. الشيء الوحيد الذي أرغب فيه الآن، هو رؤية ابني لأول مرة، ولد في المغرب عندما كنت في السجن، أريد أن ألتقي زوجتي وأبدأ حياتي من جديد”.

PAY-Mohamed-Harrak 14613082168990

وينتهي بالقول إنه دخل السجون الإسبانية كمسلم عادي، “لكن في السجن قرأت القرآن والآن أنا أكثر تدينا”، يعترف المغربي. ورغم ذلك يؤكد أنه لازال يرفض الإرهاب بشتى أنواعه، وأنه يتألم عندما يرى دماء الأبرياء تزهق من قبل الإرهابيين. غير أنه يصر على أن ينهي حديثه مع الصحافة الإسبانية بالقول: “أنا فرح لأنني استرجعت حريتي، لكنني نادم على تعاوني مع المخابرات”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق