LE MONDE تحكي تفاصيل الحياة المثيرة ل “اخوة الدم” الناظوريين ابراهيم و صلاح عبد السلام

28 نوفمبر 2015آخر تحديث :
LE MONDE تحكي تفاصيل الحياة المثيرة ل “اخوة الدم” الناظوريين ابراهيم و صلاح عبد السلام

nador27671-400x260منفذا هجوم باريس يتحدران من الناظور وحياتهما إدمان وسرقات

الأكبر سنا، إبراهيم، فجر نفسه أمام مطعم “فولتير”، بباريس في 13 نونبر، وصلاح، الأصغر منه، شارك بدوره في عملية القتل ثم فضل الفرار. إنهما شقيقان من “مولنبيك”، يبدو أنهما تشددا في ظرف أشهر قليلة دون أن تطأ أقدامهما مسجدا.

امحمد خيي (عن لوموند بتصرف)

رقم 30، ساحة « لا كومونال»، في مولنبيك، هو عنوان مسكن عائلة الإخوة عبد السلام، وهو عمارة من حجر متين وفيه شرفة تحيط بها أفاريز تستند على أعمدة. وتطل على مقر القصر البلدي، فتبدو بناية بورجوازية بوسط المدينة.
في الأربعاء 18 نونبر، وتزامنا مع تجمع أمام الساحة المعبدة للكنيسة للترحم على 130 فردا من ضحايا هجمات باريس، ظهر محمد عبد السلام، واحد من الإخوة الخمسة، في الشرفة المطلة على بعد أمتار، ووضع شموعا، تاركا للمصورين الفوتوغرافيين فرصة تخليد اللحظة من بعيد.
إنه في التاسعة والعشرين من عمره، ومع ذلك يواصل العيش في بيت والديه، على غرار أشقائه، ووحده يازيد، أكبرهم سنا، تزوج وغادر بيت الوالدين. وحينما كانت الأسرة تتابع النيران المجنونة التي أسالت الدماء بالعاصمة الفرنسية، كان محمد يعاين مع شريك له أشغال مشروعه الجديد، مجسدا في حانة بمدينة لييج.
كان ذلك بتاريخ 13 نونبر، وكان من المواعد النادرة التي غاب فيها إبراهيم (31 سنة) وصلاح (26 سنة)، عن بيت الأسرة، بمبرر وجودهما في عطلة «بالجبل بعد أن ربحا رحلة مجانية في مسابقة على الأنترنت»، حسب ما أخبرا به والديهما، وحكاه محمد لمحاميته ناتالي كالون، مؤكدا أنه لم تكن لأي فرد في الأسرة جرأة طلب تفاصيل أكثر عن ذلك التذرع المريب.
«إنهم إخوتي، وأحبهم»، يقول محمد لـ»سي إن إن»، بلكنة الحي الشعبي مولنبيك، التي يزخر أرشيف مكافحة الإرهاب فيها، بقصص «أخوة جهادية»، كما هو حال الإخوة كواشي، هي التي تحولت إلى إحدى خزانات التوظيف لفائدة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي استخدم الأخوين عبد السلام من أجل تنفيذ هجمات 13 نونبر، بعنف نادر لم تشهد أوربا مثيلا له منذ الحرب العالمية الثانية.

تفاهات وسرقات صغيرة
إبراهيم وصلاح ومحمد، ثلاثة شباب رأوا النور وترعرعوا قرب بعضهم البعض بمولنبيك، ولم يسبق أن ابتعدوا عن والديهم، كأنهم في فترة مراهقة لا تريد أن تنتهي، وحتى الليالي التي يمضونها مع الفتيات، تكون في ضيافتهن، أو عند الأصدقاء أو في الفنادق، وهم شباب يقولون دوما إنهم «فرنسيون»، باعتبار أن والدهم، عبد الرحمان عبد السلام، رأى النور بوهران في 1949، واحتفظ بجنسيته الفرنسية أثناء التحاقه بالمغرب رفقة زوجته «مينة».
وعلى غرار جيل من العمال المتحدرين بالريف، غادر الزوجان مدينتهم الأصلية «بويافار»، في شمال المغرب، للعمل ببروكسيل، في إطار اتفاقية بين بلجيكا والمغرب في 1964 من أجل استقدام اليد العاملة، ولا يخفى أنه في بروكسيل، يتردد كثيرا أن أنفاق المترو، مغربية (حفرها العمال المغاربة).
وتوجد بويافار قرب الناظور في المغرب، وتصل إليها الأسرة في الصيف بعد ساعتين و45 دقيقة، من الطيران انطلاقا من بروكسيل، وتقطن في بيت عصري يتوسط الدوار، وهو بيت تسمح باحته المهيأة بشكل لافت، بتخيل أجمل ليالي الصيف العائلية للإخوة عبد السلام رفقة قريبهم بومدين.
وحينما يحل موعد الدخول المدرسي، تلتحق الأسرة من جديد بمواقعها في مولنبيك، ويستعيد الأبناء العادات البلجيكية، التي لا علاقة لها بالتربية التقليدية التي تلقوها، ورغم أن والدهم مسلم يؤدي صلاة الجمعة.
والأب عبد الرحمان، مهنته «ستيبيان»، التي يشار بها في بلجيكا إلى كل سائق حافلة تابعة لشركة «ستيب»، وعند بلوغ صلاح، سن العشرين، في 2009، عمل بدوره تقنيا في ورش للإصلاح تابع للشركة، لمدة عامين، أما محمد، فلأن عمادة المدينة، تعد مشغلا جيدا، فقد التحق بها في 2006، وعمل بكثير من مصالحها، ومنها القسم المعروف ببلجيكا بـ»الديمغرافيا».
وفي 1998، حصلت الأسرة على سكن وظيفي، من «البوكميستر» (عمدة المدينة)، الاشتراكي فيليب مورو، وهو من الوجوه الرمزية لمولنبيك، ويتهم الآن من قبل معارضيه من السياسيين، بتشجيع التراخي والزبونية طيلة عشرين سنة وبتوزيع المساكن الاجتماعية بسخاء مفرط، وبولوج المساجد والحصول على الميكروفون للحديث مع الناس داخلها، إلى أن جاءت «البوكميستر» الحالية في 2012، فلاحظت أن عائدات أسرة عبد السلام تتجاوز 100 ألف أورو، فقررت حرمانها من امتياز السكن الوظيفي.
على مستوى العلاقات الاجتماعية، يوجد بالنسبة إلى الأخوين عبد السلام، الأصدقاء، سيما أبناء أسرة «بازاروج»، وعبد الحميد أباعود، العقل المدبر لهجمات باريس الذي لقي مصرعه في مداهمة سان دوني في 18 نونبر، وقد درس الثانوية، رفقة صلاح، في مدرسة «لاتيني روايال كروز». وبعد نهاية الدراسة جاءت فرصة الشغل، ومعها إمكانية ارتياد قاعات السينما والحانات.
وكان الأخوان، يمضيان «الصامدي سوار»، في أغلب الأوقات، بملهى «ويلبروك» ذي حلبة الرقص المتعددة الطوابق، أو في محطة المترو «إيتونك نوار» المحاذية للنهر (مولنبيك للمناسبة عبارة فلامانية تعني: طواحين النهر) من أجل مضغ أعواد السواك وشرب قنان من الجعة وتدخين «الجوانات».
وواجه يازيد وإبراهيم وصلاح، صعوبات مع القضاء لمناسبات عدة بسبب عدد من الجنح، ومنها قضية سرقة والاتجار في وثائق إقامة مزورة مع أجانب، التي تورط فيها يازيد وإبراهيم، معا، في 2003، وهي «جنحة بسيطة جدا ومألوفة في مولنبيك»، حسب المحامية كالون، أما صلاح فقد كان بدوره متابعا في قضية سرقة محل بتعاون مع صديقه أباعود.
ومن القضايا الخطيرة، التي تورط فيها إبراهيم، قضية تهريب للأسلحة في 2005، غير أن العدالة البلجيكية تساهلت معه، وفي نسخة من الحكم الصادر في حقه واطلعت عليها «لوموند»، فضل القضاء أن يمنحه فرصة أخيرة لإصلاح سلوكه، بالحكم عليه بعشرين شهرا حبسا موقوف التنفيذ و35 ساعة من العمل لفائدة المنفعة العامة.

“جوانات وبيرة وفودكا”

وتوجد اختلافات بين الإخوة، فإبراهيم، الأكبر سنا، متكاسل ويتحدث بشكل متأن بلكنة شعبية وعلى طريقة الممثل الأمريكي سلفستر ستالون، ولا يستيقظ إلا حينما تكون الشمس في كبد السماء، “وعندما التقيته، كان عاطلا ولا يمنح انطباعا أنه يريد إيجاد عمل بسرعة”، تقول نعيمة، التي قدمها إبراهيم إلى عائلته ثم تزوجها، مضيفة أنه “يدخن الحشيش بشراهة، بمعدل أربع لفافات في اليوم، ويتناول الكحول باستمرار، سيما البيرة والفودكا”.
“رجل غير ناضج وكسول”، حسب زوجته السابقة، (تطلقا بعد سنتين من الزواج)، وهو المصير ذاته، سلكته علاقته مع إحدى الفتيات ببلدته بويافار في المغرب، إذ كانت تحلم بالالتحاق به في بلجيكا في حين يدفع بالرغبة في الاستقرار في “البلاد”. وإذا كان إبراهيم، هو الابن البكر،فإنه ليس “الزعيم”، ويعد الأقل موهبة بين إخوته الثلاثة، درجة أن محاميه السابق أوليفيي مارتان، يشير إلى وجود نوع من “التأخر العقلي” لديه، فقد أضرم النار في بيت الأسرة، وعمره 14 عاما في 1994.
أما صلاح، فهو ماكر ذو قلب جميل ونشيط، ويعد أكثر دهاء وجنونا ولا يبالي بالعواقب، يقول أصدقاؤه وهم يضحكون. “ولد في 15 شتنبر في بروكسيل، وطوله 175 سنتيمترا، وذو عينين بنيتين”، حسب صورة مذكرة البحث عنه المنشورة في كل أنحاء أوربا. “شعر أملس وسترة من الجلد، ويبدو كتلميذ إنجليزي في الإعدادية”، يقول خلانه، في حين يتذكر محاميه مارتان أنه “لا يحس أنه بمستوى الآخرين”.
وفي بداية 2011، طرد صلاح عبد السلام من عمله في شركة النقل “ستيب”، بسبب “الغياب الطويل وبدون مبرر”، في حين أنه في الحقيقة، كان في السجن من أجل قضية سطو على حانة، وهو الجرم المماثل الذي تورط فيه في ماي الماضي، وبثت قناة “إر تي إل”، الأسبوع الماضي، صورا عن لحظة إيقافه متلبسا فيه.
ونجح الأخوان في وقت لاحق في تدبير مشروع خاص بهما، ويتعلق الأمر بتسيير حانة “لي بيكوين” في مولنبيك، وكانا يستقطبان إليها زبناء وأصدقاء، يدخنون الحشيش ويتناولون الكحول ويلعبون الورق، وهي الحانة التي ظلت مفتوحة إلى غاية ماي 2014، تاريخ إغلاقها.
غير أن اللافت، هي أن الأخوين ظلا يتاجران في الكحول ويسمحان بتدخين المخدرات في الحانة التي فيها حاسوب، كان ينشغلان عبره بمطالعة منشورات تنظيم “داعش”، وأشرطة الفيديو الخاصة بصديقهما عبد الحميد أباعود، أثناء وجوده في سوريا على الأنترنت.
“أعتقد أن الأنترنت لعب دورا رئيسيا في تورط صلاح وإبراهيم، في أحداث باريس، فأتذكر أنه كلما دخلنا الحانة، نجد دعوات إلى الحرب وخطابات داعش”، يقول صديق لهما كان من زبناء حانتهما.
ويؤكد جمال حبابيش، رئيس مجلس مساجد مولنبيك (عددها 16)، أنه لم يسبق أن شوهد الإخوة عبد السلام في مسجد بالدائرة، وكانوا معروفين بارتياد الحانات والأندية الرياضية، كما كشف معارفهم لـ”لوموند” أن علامات التدين لم تبدأ تظهر على صلاح إلا في رمضان الماضي، إذ “عاد من بويافار في المغرب بعد عطلة الصيف، وقد أقلع عن الشرب والتدخين، وأطلق لحية خفيفة”.
وفي ليلة الخميس 12 نونبر، أي يوما قبل تنفيذهما لهجمات باريس، كشف شهود أن إخوة الدم كانوا في مولنبيك، وسمعهما الناس يتشاجران ليلا، في أحد الأزقة، ويتذكرون أن صلاح صرخ في وجه أخيه إبراهيم قائلا: “لن أذهب معك إلى أي مكان في حال عدم الحصول على المال”.

البوكس والكراطي و”الكراف ماكا”

ليست علامات التدين الشيء الوحيد الطارئ في سلوك الأخوين بعد نهاية رمضان الماضي، حسب معارفهما في مولنبيك، بل أيضا إقبالهما على ممارسة الرياضة والتدرب على فنون القتال، وأساسا «البوكس» و»الكاراطي» و»الكراف ماكا»، دون أن يعرف أحد أن ذلك يدخل في إطار التحضيرات للقيام بعمل إرهابي.
وحتى قريبهما بالمغرب، بومدين، الذي سبق لإبراهيم خلال الصيف الماضي، أن عبر له عن رغبته «في العودة إلى الصراط المستقيم»، أكد أنهما لم يسبق أن توقع منهما التطرف، هو الذي شجع إبراهيم على الإقلاع عن المخدرات أولا. وأكد بومدين أن إبراهيم تحدث معه في الهاتف في أكتوبر الماضي، مبشرا إياه بالعودة للاستقرار نهائيا في المغرب، وفتح محل لبيع قطع غيار السيارات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق