الريف يستوجب حلا سريعا يمر عبر الكرامة ومحاربة الفساد

25 يونيو 2017آخر تحديث :
الريف يستوجب حلا سريعا يمر عبر الكرامة ومحاربة الفساد
الحراك في الريف

لم تهدأ الأوضاع في الريف طيلة شهر رمضان، وتحول الى الشهر الذي سجل أعلى نسبة من الاحتجاجات منذ بدء الحراك في الريف منذ ثمانية أشهر. وهذا الوضع المحتقن والمتوتر سياسيا واجتماعيا أصبح يتطلب حلا سريعا من طرف المعنيين سواء المواطنين في الريف وأساسا الدولة.

لقد انطلق الحراك في الريف بعد الوفاة المأساوية لتاجر السمك فكري مطحونا في شاحنة للقمامة، وكان الحادث الذي فجر غضبا متراكما منذ سنوات وشعورا باليأس وعدم الانصاف منذ عقود وخاصة بعد الاستقلال وأحداث الريف في نهاية الخمسينات.

لقد دخل الحراك الشعبي في الريف مرحلة حساسة وخطيرة بسبب صراع العناد بين الدولة وسكان المنطقة، فالدولة تعتبر استمرار التظاهرات هو ضرب لهيبتها مما قد ينعكس سلبا عليها مستقبلا في معالجة كل انتفاضة أو تظاهرة، إذ تعتقد أنها قد تتعرض لضغوطات ابتزازية. ومن جهتهم، يرى السكان أن الضغط والاحتجاج هو الكفيل بترجمة الدولة لوعودها بتلبية المطالب الاجتماعية.

لقد وقع انزلاق خطير للغاية بعدما جرى توظيف اتهام الانفصال للتبخيس من المطالب الاجتماعية. ووعيا بخطورة الاتهام وما يخلفه في نفسية سكان منطقة شكلوا تاريخيا درعا في مواجهة الغزاة الأوروبيين وسطروا أكبر الملاحم في مواجهة المستعمر إبان القرن العشرين، معركة أنوال المجيدة، تراجعت الأحزاب السياسية التي تبنت هذه الأطروحة بل وتبرأت منها نهائيا. لكن أخبار التحقيق القضائي مع المعتقلين تفيد باستمرار الاعتقاد في هذه الأطروحة وإن كانت هامشية للغاية وليست مركزية.

لقد فشلت مختلف مبادرات الحوار والوساطة في حراك الريف والواقع الحالي هو: استمرار الاحتجاجات وبأشكال مختلفة مثل المسيرات والاعتصامات وقرع الأواني، وانتقال الاحتجاجات الى الخارج وخاصة في المدن الكبرى للاتحاد الأوروبي، واستمرار الدولة في الاعتقالات التي بلغت حوالي 120. ويحضر المغرب في مختلف وسائل الاعلام الدولية وكأنه يعيش حالة استثناء سياسيا واجتماعيا بمعنى عدم الاستقرار ومختلفة عن حالة الاستثناء الكلاسيكية التي تعني الاستقرار، ومعه يحضر سؤال عريض: هل يعيش المغرب ربيعا عربيا جديدا؟

قد تختلف التأويلات لفهم أسباب الحراك في منطقة الريف، وقد تختلف التفسيرات لتحميل المسؤولية لطرف معين: الدولة أو الريفيين، لكن هناك اتفاق حول نقطة رئيسية وهي التخوف من انفجار الوضع بعدما أصبح العناد هو عنوان المواجهة بين المحتجين والدولة. ومن عوامل تأزيم الوضع أكثر بعد عيط الفطر هو عودة المهاجرين من أوروبا وعودة الطلبة من باقي جامعات المغرب، الأمر الذي قد يحول الريف الى قنبلة.

وعلى ضوء كل هذا، منطقة الريف تتطلب لجنة حكماء من سياسيين ومثقفين  ورجال أعمال للبحث عن الحل، وهذا الحل لن يمر إلا عبر ما يلي:

– احترام كرامة المواطن التي من شروطها حاليا الإفراج عن جميع المعتقلين، وعلى الدولة إيجاد الآلية الدستورية المناسبة، وهي لا تفتقد لهذه الآليات.

-استراتيجية حقيقية لوضع حد للفساد بشتى تلاوينه بعدما لم يعد الشعب يستحمل مظاهر الاختلاس وفشل القانون في محاربة الظاهرة بل وبدأ هذا الفساد يساهم في تحول المغرب الى دولة فاشلة اجتماعيا بعد الوضع المريع والمرعب للتعليم والصحة والبطالة.

-وارتباطا بالنقطة الأخيرة، إعادة الدولة النظر في تسييرها للمرافق العمومية خاصة المرتبطة بالصحة والتعليم والشغل، وتكون البداية من تلبية المطالب الاجتماعية لساكنة إقليم الحسيمة والانتقال الى باقي المناطق.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق