أريفينو فريد العلالي
يصادف اليوم السبت 6 فبراير2016، الذكرى 53 لوفاة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي. و توفي بمنفاه بالقاهرة يوم 6 فبراير 1963 عن سن الثمانين ،و هو غاضب عما آلت إليه الأوضاع في المغرب. و لا زال أغلب أحفاده يعيشون في مصر .
ولد الأمير محمد عبدالكريم الخطابي عام 1882، ببلدة أجدير في منطقة جبال الريف، في وسط عائلي متدين إذ تلقى في سنوات صباه الأولى تعليمه الإبتدائي في المدرسة القرآنية إلى غاية سن الرابعة عشرة.
وبعد إقامة قصيرة في مدينة تطوان، التحق بجامعة القرويين بمدينة فاس. ليتولى القضاء في المحاكم المختلطة بمدينة مليلية المغربية المحتلة، لحل النزاعات بين الاسبان وسكان الريف، وهو ما جعله يعايش المهانة التي تعرض لها أبناء الريف على أيدي المحتل الإسباني.
بعد ظهور نزعته الاحتجاجية واعتراضه على عدد من تصرفات السلطات الإسبانية تم فصله من العمل وأودع بالسجن.
وبعد إطلاق سراحه ولمكانة عائلته في المنطقة قام بتوحيد جهود القبائل الريفية، فسافر عبر قرى الريف من أجل استنهاض السكان وتعبئتهم ضد المحتل الإسباني والفرنسي.
وعلى رغم عدم توازن القوى فقد شن حربا تحريريا ، وكان أبرز حوادثها المصادمة العسكرية أنذاك التي شهدتها منطقة أنوال، التي تحمل اسمها: “معركة أنوال” سنة 1921.
ومن يوليو1921 إلى غاية سبتمبر 1924، تواصلت سلسلة الهزائم التي ألحقتها قوات الخطابي بالمحتل الإسباني ما جعل إسبانيا وفرنسا تتحالفان في خريف العام 1924 ضد هذا الخطر الذي بات يهدد الوجود الاستعماري ليس في المنطقة فقط، بل في المغرب والمغرب العربي، وخصوصا بعد أن ظهرت الميول القومية التوحيدية لعبدالكريم الخطابي.
التضييق العسكري الفرنسي الإسباني وما خلفه من ضحايا في صفوف المدنيين المغاربة في منطقة الريف، وخصوصا بعد استعمال القوات المتحالفة الأسلحة الغازية المسمومة «الكيماوية» أجبر الزعيم الخطابي في سبتمبر من العام 1926 إلى إعلان الاستسلام، وينفى بعد ذلك بمعية أسرته إلى جزيرة “لارينيون” المحتلة من قبل فرنسا ومصادرة أملاكه، وعلى رغم ظروف النفي والأسر في الجزيرة المذكورة فقد رفض كل الإغراءات التي قدمت له في سبيل استمالته من قبل الحاكم الفرنسي الموالي لنظام “فيشي” العميل لنظام “هتلر” النازي.
في سنة 1947 تمكن من الفرار إلى القاهرة إذ ظل يعيش فيها إلى أن توفي العام 1963 إذ يوجد بها قبره.
محمد ابن عبد الكريم الخطابي اسم يستحق فصلا كاملا في تاريخ المغرب، لكن ذكرى الرجل تستمر عرضة للتهميش كما يستمر رفاته بعيدا عن التراب الذي ولد فيه وشهد بطولاته. وقد حان الوقت لإعادة الاعتبار الرسمي والشعبي لهذه الشخصية التاريخية الفذة.
https://www.youtube.com/watch?time_continue=21&v=FRG6ishTmtI
وبدأ الشعب المغربي، بفضل الحريات التي ينتزعها بتضحيات جمة، استعادة حلقات مغيبة و مفقودة من ماضي الخطابي المشرق، ومنها حلقة الخطابي ، منطق يجلي من يشاء ويخفي من يشاء بغرض ضمان هيمنة السلطة .
التحول الذي يعيشه المغرب بفضل الهبة الشعبية التي أثمرتها رياح الربيع العربي اللواقح،خصوصا على المستوى الشعبي، امتد لينسحب على وعيه بقيمه التاريخية والثقافية والحضارية، وبات في ظل الوسائل المعرفية والاتصالية المتاحة يعيد صياغة تاريخه من جديد، ويرفع الغشاوة عن أعين الناس ليقرأوا تاريخهم بسند جديد يضيئ ما كان يعتمه الحكي الرسمي للتاريخ المغربي الغني.
لقد كان محمد بن عبد الكريم الخطابي وليد الظروف التاريخية التي عاشها المغرب، ووصلت سيطرته من قلب الصحراء الى مراكش قبل أن يتراجع نحو الجنوب، وهو فصل آخر مغيب من التاريخ الرسمي.
مرت قرابة قرن كامل على ثورة محمد ابن عبد الكريم الخطابي وهذا يعني ثلاثة أجيال بيولوجية وستة أجيال سياسية، وهي فترة زمنية كافية لأخذ مسافة من أحداث الماضي. وقد حان الوقت لوضع الزعيم في إطاره التاريخي .
و تطالب العديد من فعاليات المجتمع المدني بالريف ، من الدولة المغربية أن تبادر لرد الاعتبار التاريخي لهذه الشخصية الفذة التي سجلت أروع صفحات مواجهة الاستعمار الأوروبي. فالمؤرخون الإسبان يصنفون حروب الريف وخاصة معركة أنوال، أسوأ كارثة حربية تعرضت لها الجويش الإسبانية خلال القرون الأخيرة، وبصماتها تستمر حتى وقتنا الراهن لما ترتب عنها من تأثير سياسي و انقلابات في اسبانيا. ومعركة أنوال لا يمكن أن تكون أقل مرتبة من معارك تاريخية أخرى، فهي آخر معركة حربية انتصر فيها المغاربة بشكل لافت في مواجهة الأوروبيين بعد معركة وادي المخازن.
والى جانب الاعتراف الرسمي بالخطابي، حان الوقت أيضا للسعي الحثيث لإعادة رفات الزعيم الى منطقة الريف ليسكن رفاته التراب الذي دافع عنه لعقد كامل من الزمن وأسال دماء المغاربة لتحريره، وكلما جرى الإسراع في تحقيق ذلك كلما جرت المصالحة الحقيقة مع تاريخنا، لأن الشعوب تحتضن ذكرى ورفات رجالاتها وزعمائها في أوقات الحرية وحتى في أوقات القهر.
رد الإعتبار التاريخي للخطابي واستعادة رفاته سيكون إنصافا لشخصية تاريخية مغربية، وإضاءة حقبة نيرة مغيبة في تاريخ هذا البلد. وسيقود هذا الفعل أيضا إلى ترسيخ تقليد جديد يتمثل في بناء تاريخ المغرب الجديد.
نقل رفات عبد الكريم الخطابي من مصر إلى المغرب مخالف للشرع
فللشرع لكون كل مسلم من السنة ان يدفن في الارض التي توفي فيها، وعبد الكريم توفي في بلد مسلم وليس هناك أي عذر شرعي لنقل رفاته كما فعل عمر ابن الخطاب مع جسد نبي الله دانيال عليه السلام.
والمخالفة الثانية نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن العبث بجسد الميت او عظمه لقوله: كسر عظم مؤمن ميت ككسره حيا.
والمخالفة الثالثة فتح باب الشرك والبدعة على قبر الخطابي والغالب انه سيبنى عليه قبة على اقل تقدير.