منبر الرأي : اليات الرقابة على مالية الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي بمدينة الناظور

26 مايو 2016آخر تحديث :
منبر الرأي : اليات الرقابة على مالية الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي بمدينة الناظور

أريفينو متتبع للشأن الجمعوي بالناظور

 

بعد الدورة الأخيرة للمجلس البلدي بالناظور و خاصة ما يتعلق بمناقشة بند المنح المتعلقة بالجمعيات سواء الرياضية أو الثقافية وأو الاجتماعية و بعد سرد معمق و شفاف بلغة الأرقام للمنح المؤشر عليها لفائدة الجمعيات التي تقدمت بطلبات للحصول على الدعم برسم سنة 2016 و بعد الجدل الكبير الذي راج و يروج حاليا من منتقد لسياسة توزيع المنح و معارض لقيمة الدعم الممنوح للجمعيات نود أن نفتح القوس على مصراعيه من أجل أن نفهم ونعي أكثر مفهوم العمل الجمعوي أو مفهوم الجمعية بمدينة الناظور.

فالجمعية كما نعلم و كما نص القانون التنظيمي و قانون الحريات العامة بالمغرب هي  مؤسسة لها مكتبها المسير لها ميزانيتها الخاصة طبعا عن طريق الوسائل المشروعة من انخراطات و هبات و دعم من مؤسسات عمومية و شركات …الخ. كما أن للجمعية حساب بنكي خاص بها يتولى أمين المال بالجمعية مهمة سحب الاموال وفق مساطر ادارية خاصة و وفق برمجته داخل منظومة العمل الجمعوي لفائدة الجمعية وفقا لبرنامجها الذي يحمل سلسلة من المشاريع و الانشطة الهادفة و يعهد للرئيس بمهمة الوقوف على كل هذه الأسس و ضمان استمرارية الجمعية فهو الرئيس القائد للجمعية. لكن المشكل الغريب في الامر أن معظم الجمعيات تسير في منحى مخالف للقانون ربما لجهلها بهذا القانون و لا تعرف سوى ثقافة الاحتجاج و الثوران كأن المنح و الدعم المادي هي فاكهة شهية يستمتعون بلذتها. فالجمعية قبل طلب الدعم المادي عليها أن تضع مخطط و دراسة و مشروع لسلسلة من الانشطة التي تلتزم بإقامتها كما توضح الغلاف المالي لتلك الانشطة كما أن عليها أن تضع بين يدي المؤسسات المانحة للدعم المادي كل سنة تقريرا أدبيا و ماليا لمداخيل و مصاريف الجمعية معززا بفواتير دقيقة و طلبات عروض أثمان لمختلف مجالات صرف تلك الأموال لكن الغريب في الأمر أن أغلب الجمعيات التي استفادت من الدعم لا تتوفر على تقارير كاملة و صحيحة معززة بالفواتير الدقيقة بل ربما لا تتوفر أصلا على فواتير و نجد بعضها لم تنظم أي نشاط بتاتا و هنا نفتح الباب على مصراعيه لنؤكد أن هناك خللا ماليا في حسابات هذه الجمعيات التي قد نجدها تسحب أموالا من أرصدتها باستمرار لحساب أعضائها بل لحساب رؤسائها الذين لهم الحق فقط في التوقيع على الشيكات في حين أن باقي الاعضاء هم فقط أسماء مستعارة في قائمة أعضاء هذه الجمعيات و منهم من لا يعلم أنه عضو فيها هؤلاء الرؤساء الذين يتخذون من هذه الجمعيات دكاكين معاشية لهم ينتظرون كل سنة موسم جني الهبات لجمع الدعم المادي مما جادت به مجالسنا البلدية و الاقليمية بل منها من يتلقى دعما من المجالس الجهوية و الأبناك.

و هناك من الجمعيات بل بالأحرى من رؤساء الجمعيات لأن الجمعية وفق المفهوم الحالي تعني الرئيس المؤسس لها الذي هو كل شيء غرضه من الجمعية فقط جمع المال لحسابه الشخصي و دفع الديون من أموال الجمعية و اقتناء العقارات و السيارات و التجهيزات المنزلية لأسرته من حساب الجمعية و يبرر صرف تلك الاموال بتنظيمه لمسابقة أو عرض أو نشاط لا يكلف الجمعية الا الشيء القليل بل ربما قد يكون من المتعاطفين مع الجمعية من يدفع نفقات النشاط في حين يبقى الدعم العمومي كعكة شهية لرئيس الجمعية.

و هنا نفتح القوس لنتحدث عن الرقابة المالية كالتزام من الالتزامات  المفروضة على الجمعيات الممنوحة

وهي الرقابة التي تشرف عليها المفتشية العامة للمالية اما بصفة تلقائية قانونية، أو بناء على طلب من الوزارات الاخرى المعنية بموضوع التمويل العمومي للجمعيات، أو بناء على طلب من مؤسسات التمويل الدولي، ثم المفتشيات العامة للوزارات ، والتي يسند لها القيام بمهام الافتحاص والتدقيق والرقابة المالية على مستوى كل قطاع وزاري تمثله ،ثم أخيرا المحاكم المالية ( المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات ) المكلفة بالحرص على حسن استعمال الاموال العمومية ونجاعة صرفها.

واحتراما لمبادىء الحكامة الجيدة ،أتى منشور رئيس الحكومة رقم 2014/2 بتاريخ 05مارس2014 والموجه لكل من (وزير الدولة ،الوزراء و المندوبين السامين و المندوب العام و المندوب الوزاري) حول موضوع ( مراقبة المجلس الاعلى للحسابات لاستخدام الاموال العمومية) و الهادف بالاساس الى وضع جمعيات المجتمع المدني المستفيدة من التمويل العمومي تحت مجهر الفحص و التدقيق و الرقابة و الاختصاص و الضبط و التقييم ،حيث يحيل المنشور في بدايته على المادة 86 من القانون رقم 62.99 ،المتعلق بمدونة المحاكم المالية ،وهي المادة التي أتت مضمنة في الفرع الثاني من هذا القانون ،تحت عنوان “مراقبة استخدام الاموال العمومية” و التي نصت ما يلي :”يراقب المجلس استخدام الاموال العمومية  التي تتلقاها المقاولات ،او الجمعيات اوكل الاجهزة الاخرى التي تستفيد من مساهمة في الرأسمال او من مساعدة كيفما كان شكلها من طرف الدولة او مؤسسة عمومية او من احد الاجهزة الاخرى الخاضعة لرقابة المجلس مع مراعاة مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في جمادى الاولى1378(15نونبر1958) بتنظيم الحق في تأسيس الجمعيات كما وقع تغييره و تتميمه. وتهدف هذه المراقبة الى التأكد من ان استخدام الاموال العمومية التي تم تلقيها يطابق الاهداف المتوخاة من المساهمة او المساعدة “. ولتضيف المادة 87 من نفس القانون انه “يجب على الاجهزة المشار اليها في المادة السابقة ،ان تقدم الى المجلس الحسابات المتعلقة باستخدام الاموال و المساعدات العمومية الاخرى التي تلقتها ،وذلك حسب الكيفيات و الشروط المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل”. وعلى ضوء هذه المادة يؤكد المنشور رقم2014/2 الى ضرورة “تذكير مختلف الجمعيات المعنية بوجوب ادلاءها للمجلس بالحسابات المتعلقة باستخدام الاموال و المساعدات العمومية التي تستفيد منها”. مما يؤشر على كون المنشور جاء ليفعل مقتضيات المادة 87 من قانون62.99 ،ويلح على ضرورة التنفيذ الوجوبي للالتزامات الواردة فيه وكذا مقتضيات المادة 86 الانفة الذكر.

و في الأخير لا يسعنا الا أن نقف تحية و اجلالا للجمعيات التي تعمل وفق ضوابط و قيم نبيلة كما نطالب المجلس الجهوي للحسابات بالعمل على كشف هذه الجمعيات التي تنهب المال العام باسم العمل الجمعوي من أجل الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام.

IMG_2704

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق