دار الشباب في الناظور .. أبواب موصدة تبخس قيمة معلمة تاريخية

16 ديسمبر 2017آخر تحديث :
دار الشباب في الناظور .. أبواب موصدة تبخس قيمة معلمة تاريخية
دار الشباب في الناظور .. أبواب موصدة تبخس قيمة معلمة تاريخية

تعتبر دار الشباب الناظور، الموجودة وسط المدينة وتحيط بها مجموعة من الأحياء السكنية، من أهمّ وأبرز المعالم التاريخية ومن بين أكبر دور الشباب بالمملكة، بتاريخها المرتبط بعدد هائل من الأنشطة الثقافية والإشعاعية التي كانت تحتضنها، بالإضافة إلى مساهمتها في إبراز عدد من الجمعيات التي تشتغل في مجموعة من المجالات والقطاعات، ناهيك عن تكوين عدد هائل من الأطر التربوية.

منذ أزيد من 16 سنة، تفاجأ السكان بعد إغلاقها، بدعوى أنها تهدد سلامة روادها وقابلة للانهيار في أية لحظة وأنه سيتم ترميمها وإصلاحها في مدة وجيزة؛ إلا أن هذا الإصلاح لم يتم بعد إلى حدود اليوم، ولا تزال الدار بناية بدون روح منذ سنة 2001.

وبحسرة وألم، يقول الهواري بالعربي، أحد الفاعلين الجمعويين وأبرز الوجوه التي عاشت طفولتها وشبابها بالبناية الثقافية منذ السبعينيات من القرن الماضي، في تصريح ، “لا يعقل أننا أزيد من نصف مليون من السكان وما زلنا لا نملك دار الشباب، التي يعرف الجميع دورها في التأطير والتكوين، خصوصا تربية الناشئة على الأخلاق الحميدة وغيرها”، متسائلا “إلى حد الآن، لا نعرف من المكلف بهذا الملف؟ وأين هي الأموال التي خصصت لترميمها وصيانتها؟”، قبل أن يضيف: “مدينة الناظور مدينة حدودية، ونعلم جيدا أنها مهددة بالكثير من الموبقات، خصوصا “القرقوبي” الذي يدخل من الجزائر؛ فبفتح دار الشباب، سنسهم في حماية أبنائنا وشبابنا من الكثير من الموبقات التي تعيق طريقهم”، يقول الهواري.

بدوره، أكد أحمد المغنوجي، فاعل جمعوي، في تصريح ، أن “إغلاق دار الشباب جريمة إعدام في حق الإقليم والمدينة والشباب والأطفال والثقافة والفكر والإبداع وحتى الرياضة”، موجها نداء إلى المسؤولين بالتعجيل من أجل تحقيق مطلب الفعاليات الجمعوية التي نادت به منذ أزيد من 16 سنة وما زالت.

من جهة أخرى، يرى سعيد المنصوري، أحد الفاعلين الناظوريين الذين عاشوا فترة طويلة بالدار ذاتها، أن إغلاق دار الشباب كان إغلاقا تدريجيا، يقول المنصوري “تفاجأنا في بداية الألفية بقرار الإغلاق وطرد الجمعيات بشكل تدريجي، حيث كان كل مرة يغلق جناح ويتم تحويله إلى جناح آخر، إلى أن أغلقت بالكامل، بمبرر الإصلاح الذي لم يتم”.

واستطرد المتحدث بالقول إن “أخوف ما نخاف منه هو أن تفوت إلى القطاع الخاص أو جهة أخرى غير الشباب والرياضة، أو أن تستعمل في غير موضعها الأصلي الذي أنشئت فيه، خصوصا أنها في موقع إستراتيجي وسط المدينة”، قبل أن يناشد من جهته جميع الضمائر الحية أن تدافع من أجل إعادة الروح إلى البناية الثقافية، التي لعبت أدوارا طلائعية في تكوين الأجيال والناشئة خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات إلى غاية بداية الألفية.

طارق كنفاوي، أحد الفاعلين الجمعوين من الجالية المغربية المقيمة بفرنسا وأحد رواد دار الشباب من الذين كانوا ينشطون بقاعاتها، يقول : “بالنسبة إليّ كانت الدار أكاديمية للتكوين التربوي والبيداغوجي والفني.. فهي معلمة تاريخية وجزء لا يتجزأ من كياني، أسهمت فيها ما يقارب عقدين مع ثلة من مسرحيي الإقليم، في إرساء لبنات المسرح الأمازيغي بالريف والأنشطة الثقافية آنذاك”، وزاد مسترسلا حديثه أن “إغلاق دار الشباب أسهم في تراجع العمل الجمعوي الجاد، لغياب التأطير والتكوين الجمعوي، حيث أسهمت هذه المعلمة في تأسيس أول برلمان للطفل بالمغرب، بالإضافة إلى حضور أبرز الوجوه المسرحية للمشاركة في الأنشطة التربوية، وعرفت تنظيم أول مهرجان لمسرح الطفل والذي وصل إلى الدورة الـ22، مكتسيا الآن صبغة عالمية”، قبل أن يضيف: “مع إغلاق دار الشباب اندثرت مجموعة من الألعاب، ككرة الطاولة، الشطرنج، المسابقات الثقافية والفنية، ورشات التأطير الجمعوي”.

وفي جواب عن مجموعة من الأسئلة العالقة ومعرفة حقيقة إغلاق دار الشباب وما هو مصيرها، يقول حميد بوزيان، المدير الإقليمي لوزارة الشباب والرياضة بالناظور، إنه “تم إصدار قرار الإغلاق سنة 2001 من لدن لجنة وزارية تقنية مختصة، حيث جاء فيه عدم إمكانية استمرار المؤسسة في مزاولة الأنشطة، لأنها مهددة بالانهيار إلى غاية إصلاحها وترميمها، وعرفت إصلاحات خلال سنة 2003 في سقف المؤسسة إلا أنه لم يتم استكمالها، بالإضافة إلى مجموعة من الإصلاحات الخارجية التي عرفتها سنة 2006 من لدن وكالة تنمية أقاليم الشرق”.

واستطرد المسؤول أنه “هناك برنامج بشراكة مع جهات أخرى التي من الممكن إخراج هذه المؤسسة إلى الوجود، إلا أنه مرتبط بعدد من الجهات التي من الممكن أن تسهم في إحياء وبناء هذه المؤسسة؛ من بينها القطاع الوزاري، والجماعة الترابية والمجلس الإقليمي وجهة الشرق، من أجل أن تعود البناية إلى حيويتها ونشاطها”.

وحول سؤال فيما يخص مزاولة الجمعيات أنشطتها بعد إغلاق الدار، يجيب حميد بوزيان بالقول: “فيما يخص الجمعيات المحلية فهي تنشط بالمركب سوسيو التربوي بالعراصي وسط المدينة الذي يقوم بمهام دار الشباب في انتظار إصلاح المؤسسة”.

وعن تسييرها بعد الإصلاح، هل سيتم تفويتها إلى الخواص، يقول المدير الإقليمي، إن “التسيير يبقى من اختصاص وزارة الشباب والرياضة، من خلال تأطير عدد من البرامج وتبقى تابعة للقطاع الذي يشرف عنه أطر الشباب والرياضة، يقول المدير الإقليمي لوزارة الشباب والرياضة بالناظور.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق