أريفينو:جيلالي خالدي
تطلع علينا هذا الاسبوع أي بتاريخ 2 نونبر 2018 المركزيات النقابية المغربية الأربعة “الكبيرة” و الأكثر “تمثيلية” للطبقة العاملة المغربية و عموم المأجورين و ذلك حسب النتائج الأخيرة للانتخابات المهنية لسنة 2015 ( المشكوك في أمرها و ديمقراطيتها) برفضها الاستهلاكي لما تسميه ” الحوار الاجتماعي ” متحججة أنها لم تقبل العرض الحكومي فيما يخص الملف المطلبي للطبقة العاملة و عموم المأجورين المغربية حيث بعد التحليل و الدراسة استنتجت أن العرض الذي قدمه سعد الدين العثماني هزيل و و لا يرقى إلى مستوى تطلعات الموظف و العامل.
الى حد هنا أي بإنسحابها من جلسة ما تسميه “الحوار الاجتماعي” اولا و رفضها للعرض الحكومي كما تسميه “الهزيل” ثانيا ، فإن المركزيات النقابية الأربع “ذاث التمثيلية الانتخابية ” تعتقد أنها تقدم نفسها كإطارات اجتماعية حقيقية و في مستوى الدفاع المستميت و التمثيلية النقابية الحقة للفئات العمالية و المأجورة غير أن هذه المؤسسات النقابية الهرمة قياديا و الضعيفة تنظيميا و الجوفاء ديمقراطيا و الميتة تأطيرا و تجذرا في الساحة ، تنسى أن الشعب المغربي عموما و طبقته العاملة و عموم مأجوريه له من الذاكرة التاريخية و له من التحليل الملموس للواقع الملموس ما يكفي حتى يستطيع التأكيد مما لا يدع شكا أن هذا الانسحاب ليوم الجمعة 2نونبر 2018 و الاستهلاك الاعلامي الذي تبعه ما هو إلا شطحات سبقتها شطحات أخرى في الماضي القريب .
فقد سبق لهذه المركزيات نفسها أن أعلنت و بشدة و عبر بيانات متعددة و متكررة أنها ستشعلها احتجاجات و إضرابات متتالية ضد انعدام “الحوار الاجتماعي” في النسخة الأولى لحكومة البيجيدي مع عبدالالاه بنكيران حتى و أن رفضت و تجرأت على إرجاء تنظيم التظاهرات العالمية الكونية للعيد الاممي لسنة 2017 بقرار نقابي جماعي بين المركزيات بحجة أن السنة كلها أو الشهور الباقية من سنة 2017 لسوف تعرف احتجاجا و إضرابات جهوية و وطنية متأججة . لكن الواقع المعيشي و الساحة الاجتماعية كذبت كل هذه القرارات الواهية و لم تعرف الساحة النقابية المغربية اي شيء مما وعدت به . بل بالعكس تؤكد الذاكرة الشعبية أيضا و تقر أن كل القرارات الحكومية الخطيرة و المنعكسة سلبا على الفئات الشعبية و كذا كل السياسات اللا شعبية و الإجتماعية ( التعاقد…التقاعد… الاقتطاع…و الخ )مرت و نفذت أمام مرآى و مسمع هاته المركزيات الهرمة قممها .
خلاصة القول في الشأن الاجتماعي المغربي هو أن الطبقة العاملة تلفظ أنفاسها الأخيرة و بالتالي فالأجيرة و الأجير المغربيين هما سواء يعيشان في أجواء من الغبن الاجتماعي و التيه الاقتصادي المتمثل في عدم استقرار الشغل و الطرد التعسفي و رفض احترام الحد الأدنى للأجور على هزالتها ، إنهما لا يجدان الحل و الخروج من الأزمات النفسية و الاقتصادية المتتالية إلا في الهجرة القانونية و اللاقانونية كما أن الطبقة الوسطى في طريق الانحدار و الاندحار الشديدين من فرط الهجوم الشرس على حقوقها و مكاسبها التاريخية .
كنتيجة حتمية للمعضلة الاجتماعية بالمغرب و تحليلا للوضع المتأزم لعموم الشعب بكل فئاته الواسعة فإن مفهوم الانسحاب النقابي لا يستقيم إلا إذا أعترفنا مما لا يدع مجالا للسك أن هذه النقابات المغربية المسماة “أكثر تمثيلية ” أنها لم تنسحب من ما تسميه “الحوارالاجتماعي”بل انسحبت من الساحة الميدانية ،انسحبت من مهمة التأطير ،انسحبت من خدمة الطبقة العاملة و عموم المأجورين . انسحبت من دورها التاريخي في الدفاع عن الثوابت الأساسية للعيش الكريم و أصبحت أصناما جوفاء.
أذن لم تبق المركزيات في الساحة إلا لتأثيث المجال السياسي و المشهد الإعلامي و الخريطة النقابية و المعادلة الديمقرانقابية المغربية . فكل المركزيات تعرف مشاكل داخلية و فردانية تسييرية و اختلالات مالية و تنظيمية و فساد جذري واضح و بين يجعلها دمى في أيدي أهل الحل و العقد .