“إِوزان إيمامز”و” زامبو” أكلات حفرت اسمها في ذاكرة سكان الريف

29 يونيو 2016آخر تحديث :
“إِوزان إيمامز”و” زامبو” أكلات حفرت اسمها في ذاكرة سكان الريف

أريفينو محمد بن استيتو.


يلتئم شمل الأسر الريفية في كل مناسبة عائلية أو دينية، حول موائد تحتوي على ما لذ وطاب من المأكولات المتنوعة، وتشكل وجبات “إِوزان إيمامز” و“زامبو”، أحد مكوناتها الرئيسية، حيث تحتل مكانة بارزة في ثقافة ووجدان الريفيين، ما يجعل منها رمزا لكرم الضيافة في المناسبات وغيرها.

ووجبات “إِوزان إيمامز” و“زامبو”، هي عبارة عن أكلات يتزايد استهلاكها بصورة لافتة، خلال موسم نضج القمح، ما يجعل منه أكلة موسمية بامتياز، تجد مكانها على موائد الأسر الريفية، في مناسبات احتفالية محددة أو لحضور الضيوف على مدار السنة.

إِوزان إيمامز”أكلات حفرت اسمها في وجدان سكان الريفلا يخلو بيت ريفي من وجود احتياط من “إِوزان إيمامز و زامبو” يحتفظ بهما للمناسبات ولتقديم أكلتهما للأهل والاحباء على السواء، هي أكلة شعبية ريفية شهيرة، رغم تعاقب عوادي الزمن إلاّ أنها ما زال ساكنة الريف يحافظون على هذه الأكلتين؟ فما طبيعتهما وما قصتهما؟

إِوزان إيمامز” و “زامبو”هي أكلات يتم تحضيرها من “دشيشة” الشعير غير المكتمل النضج، حيث يتم قطف سنابل الشعير وهي ما زالت خضراء شيئا ما ولم يكتمل نضجها، بعد ذالك يتم تفتيت حبات السنابل، إما عبر حكها بين اليدين او تجميعها وتعريضها لضربات عصا غليظة حتى تتفتت كل حبات السنابل، ثم يتم الفصل بين حبات الشعير وبقايا السنابل، بعد ذلك يتم تحميص حبات الشعير على كانون منزلي لمرتين او اكثر، مع الحرص على تحريكها باستمرار حتى لا تحترق. بعد تحميصها يتم نشرها قليلا حتى تجف نهائيا، ثم بعد يوم او يومين يعاد تسخينها في الكانون لتكون مهيئة للطحن وسهلة لذلك، حينها يتم طحن هذه الحبات في المطحنة اليدوية، وما يتساقط من الطاحونة عبارة عن دشيشة يسمى “إِوزان إيمامز”. واما “زامبو” او ما يسمى في بعض المناطق الريفية ب” ثزميت” وهي عبارة عن دقيق متساقط خلال عملية طحن “دشيشة” الشعير بواسطة الطاحونة اليدوية.

و”الكانون”، هو عبارة عن نوع من أنواع المواقد، يكون عادة في الأرض، يُصنع من الحجر او ماشابه ويُوقَد فيه الحطب أو الجمر، يُستعمل من أجل التدفئة والطهي. ولا يزال سكان البوادي في المغرب يستعينون بها لأغراض التدفئة والطبخ حتى يومنا هذا.

ثمة عدة طرق لتحضير أكلة من دشيشة الشعير غير المكتمل النضج، يمكن أن تضيف قليلا من الماء المغلى والملح الى كمية من الدشيشة وتركها لمدة نصف ساعة حتى تشرب ذاك الماء جيدا ثم يضاف اليه زيت الزيتون وتأكل هكذا،ويمكن طهيها بوضعها في الكسكاس على بخار الماء، وغالبا ما يستعمل الريفيون الأكلة فطوراً في بعض المناسبات مثل عيد المولد النبوي، ويكون مذاق هذه الأكلة لذيذا جدا يختلف كثيرا عن مذاق دشيشة الشعير المعروفة، كما يمكن أن تُسقى هذه الدشيشة باللبن عوض زيت الزيتون، كما تستعمل في اعداد حساء “إِوزان إيمامز” والكثير من الاستعمالات الاخرى التي ابتدعتها النساء الريفيات، لتدبير لقمة العيش.

أما الطحين الذي تخلفه هذه الدشيشة والتي قلنا انه يسمى في الريف ب”زامبو” فإن طريقة اعداده سهلة جدا، يتم خلطه مع قليل من الماء والملح وزيت الزيتون، ويأكل هكذا لأن اصلا هذا الطحين يكون محمصا وذا مذاق جيد، كما يقوم البعض بدحرجة ثمار التين والتين الشوكي في هذا الطحين “زامبو” وأكلها.

بعدما اكتشف اهل الريف مزايا هذه الأكلة وامكانات تخزينها لمواجهة عوادي الزمن، صارت أكلة شعبية بامتياز، وصارت عنوان المحبة وتجديد اواصر الارتباط بالارض، حيث عندما بدأت موجة هجرة الريفين الى اوربا بداية الستينيات من القرن الماضي، كانت أسر هؤلاء تحرص أيما حرص على تخزين كمية من “إِوزان إيمامز”و”زامبو” لتقديمها لابنائها العائدين في العطل الصيفية، كما أن هؤلاء المهاجرين عندما كانوا يتواصلون مع عوائلهم عبر الرسائل واشرطة الكاسيط حينئذ كانوا يطلبون منهم أن لا ينسوا ان يحتفظوا لهم بحقهم من “إِوزان إيمامز”و”زامبو”، وما زالت لحد الان لهذه الأكلات شهرة كبيرة في المنطقة والمناطق المجاورة.

لكن، الآن أضحى إعدادها يتم بطرق عصرية تدخلت فيها المكننة وهو ما يجعلها لا تحتفظ بقوة ذاك المذاق الرائع، ومازالت دشيشة “اوزان امامز”و”زامبو” تباع في مدن الشمال والمجاور لها بثمن يفوق 50 درهما للكيلوغرام الواحد.

images-50585

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق