روبورتاج صور تاريخية: جبال وكسان، مدينة مناجم إسبانيا بالريف.. التداعيات والشهادة

26 مارس 2019آخر تحديث :
روبورتاج صور تاريخية: جبال وكسان، مدينة مناجم إسبانيا بالريف.. التداعيات والشهادة

nhjhhعاشور العمراوي

بلدة أو مدشر مناجم سان خوان ذي لاس ميناس، وسط طريق أزغنغان ووكسان ، ولد كأول لبنة للمدينة المنظمة لساكنة مدنية نشأت في المنطقة بعدما كانت مجرد بيوت فضفاضة ،متناثرة ومنتشرة بها ، تجمعها محلات تجارية بنيت بجوار الثكنات العسكرية ، ويعود أول محل تجاري يفتح أبوابه بوكسان، للمستوطن الإسباني سيفارين كوادرادو رفقة زوجته ، ودون إغفال السيدتين الأخوات أماليا وبيبيتا (Amalia y Pepita) كأول مدرستين للغة الكاستيانو بالريف .

أولى العائلات الإسبانية التي استوطنت المنطقة بالإقامة في الثكنة العسكرية ” كارمن ” ، هي عائلتي فيرخيليو و لويسا (Virgilio y Luisa)، كما أن أول زواج إسباني بالثكنة حدث بتاريخ : 13 يونيو 1921 بين أبوي الكاتب الإسباني (ANTONIO RUBIO VILLALTA ) ، هؤلاء إضطروا بعد ذلك بقليل إلى مغادرة وكسان بسبب الهزة الكونية التي أحدثها البطل الخطابي ومقاوميه البواسل في جيوش الإمبريالية ، إسبانيا بالتحديد عام 1921 بمعركة أنوال المجيدة .

إغزار نوكسان لعب وقتها دورا مهما كما يحكي معايشوا الفترة ، في التنقل خفية من مقر الإقامة بالثكنات بالنسبة للإسبان نحو مقر الشركة، كأقصر طريق يمر من اسفل بيت عمر ” الروبيو ” أب ” إل الرابو ” والذي ساعد الإسبان للخروج من أزمة الوصول إلى القطار، مستعملا بندقيته لحماية بعض من أصدقائة المستعمرين مثل ” باكو روبيو” وهذا نظرا لتواجد المواطنون الساخطون بالمنطقة يعاينون الواقعة، والتي كانت تملك قطارا أجلت من خلاله غالبية المستوطنين والعمال إلى مليلية في حالة ارتباك شديدة بسبب الإنهيار الذي حصل للجيش وانقلاب الساكنة المحيطة ضد الجيش المحلي والحراسة المنتشرة بالمنطقة، بعد معرفتها بانتصار المقاومة فوق جبال التاريخ العظيم ، جبال تمسمان القامة وأبران ، جبال الريف المقدسة .

وبما أنه لا محيد للإسبان عن إنشاء علاقة مائية مع المحيط في وكسان ، فقد كانت تأتي بمياه الشرب من ” ثرا مزيان ” التي تواجدت وقتها إلى يسار الطريق مبتعدة بحوالي 400 متر عن البلدة باتجاه ” سوطولازار (Setolazar) حوض منجمي آخر بالمنطقة ، أما ما يخص المياه للإستعمالات الأخرى ، فقد كانت تأتي من مسافة 500 متر عبر قنوات أنشأت بالياجور والإسمنت خصيصا لهذا الغرض، من إغزار نوكسان إنطلاقا من إحدى المناطق المشجرة بمدشر آيت إعيساتن وتمر من فوق البلدة وكسان، وهذه القنوات ضلت متواجدة حتى سنوات السبعينات من القرن الماضي 1970 .

البنية التحتية للمنجم

بجانب المباني المذكورة التي سكنها المدنيون والعسكريون ، بدأت في وقت واحد الأشغال التحضيرية للتفجيرات المعدنية ، وكذا مرافق المنجم وكسان ، إنطلاقا من المخزن المستقبل للمعادن ” سان دنيال ” في مقدمة الترام الجوي الذي كان ينقل المعادن إلى منطقة سان خوان ذي لاس ميناس ، أين ستبنى مخازن المعادن المسماة ” سانتو توماس ” مع مرافق نهاية الترام الجوي وبداية السكة الحديدية التي ستنقل المعدن إلى مليلية ، منها مرفق صحي.

كما كان يجب إنشاء المدرجات إلى المستوى 316 متر ، كبعد سيتم فيه تثبيت كل الخدمات في وقت لاحق، وهذا المستوى يبعد حوالي الكيلومترين طولا بين مكاتب الثكنة العسكرية كارمن إلى المقلع رقم 1 ، حيث هذه المدرجات كانت جد مهمة لإنجاز مخزن سان دنيال الذي أنجز لاستقبال المعادن التي بدأت بالوصول.

في تفجيرات النواة الأولى لمقلع سيذي براهيم ، تم استعمال مادة ” لابيريتا ” التي سيستعملها الجيش الإسباني والفرنسي وحتى المخزني من خلال الفرقة الشريفية للطيران التي توصلت من القصر بمبلغ مائتين ألف فرنك فرنسي لآداء مستحقات طياريها الأمريكيون، في حرب الغازات السامة على الريف عام 25 . هذه التفجيرات أرغمت الشركة على تركيب بطارية أفرنة إزالة الكبريت، كعملية لمعالجة المعادن، وهذا ما أدى بالشركة إلى بناء ستة أفرنة على بعد 400 متر من مخزن سان دنيال وعلى بعد 1500 متر من مكان التفجيرات بمقلع سيذي براهيم ، وكانت أول قاطرة وصلت إلى المنجم وكسان توجهت إلى هذه الخدمة رقم 28، قبل أن تصل قاطرات بمحركات ديازال وكلفت بنقل المعادن إلى مخزن سان دنيال .

ويتحدث بعض المسنين بالمنطقة بخصوص المقلع رقم 10 ، فيقولون أنه كان أسهل بكثير فيما يتعلق باستخراج معادنه، وكان لا يكلف إلا حفر الأساسات واتباعها على طول لاستخراج معادنه النقية والجيدة ، لنقلها نحو مخازن سان دنيال ، من ارتفاع 316 متر عبر وسائل مواصلات تجرها الحيوانات ثم بعد ذلك الآلات البخارية ومحركات البنزين .

سيف الريف

مجيئ شركة سيف الريف بعد خروج الإسبان من الريف وفق اتفاقيات مشبوهة إستمرت إسبانيا بموجبها بالإحتفاظ بمليلية سبتة والجزر ،وبعد أن أصبحت مناجم الريف الذي أطيح باستقلاله من خلال اتفاق ثلاث دول “فرنسا المغرب وإسبانيا” من ضمن المناجم الوطنية التابعة للدولة المغربية رسميا، نتج عنه إعادة تشغيل المنجم “وكسان” لصالح لوبيات سياسية واقتصادية ، وذلك باستقدام وسائل عمل جديدة وعصرية منها القاطرتين ( GL22CU ) المصنوعة في إلينوا ، و80 قاطرة مجرورة لنقل المعادن بكميات أكبر وإخراجها عبر ميناء آيث نصار ، إلى أن إنهار المنجم الذي كانت أخر علاقته بمليلية عبر السكة الحديدية نفسها، حين تم بناء الميناء الرياضي المنجز بجانب مكان تحميل المعادن إلى البواخر في مليلية .

في عام 1999و2000 ، تم إغلاق منجم المعادن وكسان بنية إخضاعه للخوصصة التي لم تنجح في إجراءاتها الزبونية، فتبعها إنهيار منصة التدوير بأطاليون ” ثيمشارضت” في مارس 2000 ، ثم بعدها غياب كامل لأثر الأفرنة الخاصة بتكرير المعدن نهائيا عام 2004 وانهيار المكان بالكامل .

غالبية المعدات تركت للتقادم ، وأجزاء منها تم بيعها لإعادة تشغيلها ومنها بالأساس قاطرتي ( GL22CU ) بعد أن ظهر الطلب عليهما من قبل شركات من إيران ومدغشقر وأوغاندا ، وفي ابريل 2006 تم بيعها إلى وسيط فرنسي، ظهر مؤخرا أنه بعث بها إلى شركات للنقل في الأرجنتين أعادت تشغيلها في مهمات نقل السياح، حيث وصلت إلى الأرجنتين بتاريخ فبراير 2007 لتنتقل إلى محطات الإصلاح قبل ولوج الخدمة مع إبقائها على اللون الأصلي وإضافة بعض المصابيح فقط لا غير . ونشير كذلك أن إحدى الآلات التابعة لوكسان ظهرت مؤخرا في هولندا ( أنظر الصورة)

وفي الأخير ، لن يغيب عن مقالنا ، وجود حالات مرض في صفوف المواطنون بأزغنغان جراء تلوث الاكسجين بالكيماويات التي سبق ذكرها ، وهم اليوم يعانون في صمت رهيب من رهاب المرض العضال بعيدا عن أي اهتمام للدولة التي لا يبدو أنها موجودة حاليا .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق