بات أزيد من 3000 عامل وأجير، ينتمون لشركات صغرى ومتوسطة، تحت رحمة شركة “البناؤون الشباب”، المملوكة لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، بسبب استمرار الأخيرة في المماطلة والامتناع عن أداء ديونها، وفقا لشهادات مسؤولين من تلك المقاولات.
وأكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عبد الله الفركي أن الهيئة راسلت في هذا الصدد رئيس الحكومة والمجلس الأعلى للحسابات بالإضافة إلى الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يرأسه لعلج نفسه، لإيجاد حلول للأزمة دون جدوى، مضيفاً “ملفنا جاهز لمراسلة الكتابة الخاصة لجلالة الملك محمد السادس، لكننا نتمنى ألا نصل إلى هذا الحد”.
وأعرب مجموعة من المتضررين، خلال ندوة خصصت لاستعراض مستجدات قضية امتناع “البناؤون الشباب” عن أداء مستحقات المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي اشتغلت معها في إطار عقود “مناولة”، اليوم الجمعة بالدار البيضاء، أن شركاتهم وجدت نفسها مضطرة للإغلاق أو لتخفيض نشاطها بشكل كبير، مؤكدين أن امتناع “البناؤون الشباب” عن دفع مستحقاتهم تسبب لهم في مشاكل كبيرة مع صناديق الضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب والممونين والأجراء…
وعلى الرغم من إقرار شكيب لعلج بديون شركته، على حد تعبير هؤلاء، مفضلين عدم ذكر هوياتهم في إشارة واضحة لتخوفهم من نفوذ صاحب الشركة المدينة؛ إلا أن الشركة المشتغلة في قطاع البناء والأشغال العمومية، ما زالت تماطل في سداد ما بذمتها؛ مستغربين من تعرضهم لهذه المعاملة على يد شركة يملكها رئيس “الباطرونا”، الذي يفترض فيه الدفاع عن حقوق المقاولات، على حد قولهم.
وأكد البعض أنه يدين للبنائين الشباب بمبلغ يساوي كتلة أجور سنة كاملة، بينما وصل الأمر بالبعض الآخر للتعرض لعقوبات حبسية.
تقنين الـ”كاش بولينغ”
من جهته، أوضح الفركي أن هذه الأزمة مردها لعدم تقنين عملية تسمى في أبجديات المقاولة بـ”الكاش بولينغ” (cash-pooling)، وتتمثل في أن يمتلك “هولدينغ” (شركة قابضة) عدة شركات، فيعمد لسحب جزء من مداخيل أو أرباح إحداها واستثمارها في أخرى.
وأضاف: “يؤدي ذلك إلى ترك الشركة المسحوب منها تعاني ماليا مع المناولين والأبناك وتتخبط في الديون، ثم في نهاية المطاف يتم إعلان إفلاسها فيذهب هؤلاء ضحية لذلك”.
إقرأ ايضاً
وقال إن القانون المغربي لا يعاقب على هذه الممارسة بخلاف ما يحدث في دول أخرى: “إذا قامت الشركة القابضة في منتصف السنة المالية بسحب جزء من أموال إحدى الشركات التابعة لها لتمويل شركة أخرى، ثم أعلنت تلك الشركة إفلاسها، تكون الشركة القابضة ملزمة بأداء ديون الشركة المفلسة”.
وحمل المتحدث هذه الممارسات مسؤولية إفلاس حوالي 40 ألف مقاولة صغيرة جدا وصغرى ومتوسطة خلال العام الماضي، وكذا ارتفاع حجم البطالة إلى أزيد من 13 في المئة، لكون هذه المقاولات هي التي تخلق أكبر عدد من فرص الشغل في الاقتصاد الوطني.
“الباطرونا” تتجاهل المقاولات الصغرى والمتوسطة
من جهة ثانية، قال الفركي إن “الاتحاد العام لمقاولات المغرب”، الذي يرأسه لعلج، لا يدافع عن المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، مطالبا بمنح هذه الأخيرة تمثلية في البرلمان وباقي الهيئات التي يمثلها فيها الاتحاد حاليا.
وأضاف “لا يعقل أن 0,6 في المئة من المقاولات، وهي نسبة المقاولات الكبرى بالمغرب، هي التي تتحدث باسم القطاع الخاص وتستحوذ على الاستثمارات، التي ينتظر أن تبلغ 340 مليار درهم برسم قانون المالية 2025”.
وطالب بتفعيل مضامين مرسوم الصفقات العمومية، الذي ما زال ينتظر إصدار نصوصه التطبيقية حتى الآن، ومنذ سنة 2013، والقاضي بتخصيص 20 في المئة من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. مشيرا إلى أن هذا الموضوع كان موضوع لقاء بينه وبين وزيرة الاقتصاد والمالية منذ أزيد من سنة ونصف دون وقوع أي تغيير.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة التجارية بفاس أصدرت مؤخرا أمراً قضائيا بالحجز على ممتلكات شركة “البناؤون الشباب” إلى حين أداء هذه الأخيرة لديونها الثقيلة.
ووفقا لوثيقة صادرة عن المحكمة المذكورة، أمرت الأخيرة بـ5 حجوزات تحفظية وحجز تنفيذي واحد على ممتلكات تزيد قيمتها عن 12 مليون درهم لشركة (Les jeunes maçons)، بعدما تراكمت عليها الديون، وفي مقدمتها حجز تنفيذي لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).
