أخبار سارة لخمسين الف أسرة مغربية؟

3 أبريل 2025آخر تحديث :
أخبار سارة لخمسين الف أسرة مغربية؟


الهدر المدرسي في المغرب: تحديات كبيرة وجهود مستمرة للحد من الظاهرة

الهدر المدرسي، مشكلة باتت تؤرق منظومة التعليم في المغرب، حيث يشكّل عقبة أمام تحقيق الأهداف التنموية للقطاع. وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، وصف هذه الظاهرة بأنها “هدر للرأسمال البشري”، وهو العنصر الأساسي لدفع عجلة التنمية في البلاد. ورغم التحديات، تشير المؤشرات إلى تحسّن ملحوظ بفضل الجهود المبذولة، فكيف يتم التصدي لهذه الظاهرة وما دور الوزارة في الحدّ منها؟

انخفاض معدلات الانقطاع الدراسي

في معرض رده على سؤال برلماني، أكد الوزير أن تلك الجهود تؤتي ثمارها شيئًا فشيئًا. فقد انخفض عدد المنقطعين عن الدراسة بنسبة 12% بين العامين الدراسيين 2021-2022 و2022-2023، حيث تراجع العدد من 334,664 إلى 294,458 منقطعا. كما انخفضت نسب الانقطاع الدراسي على المستوى الوطني من 5.0% إلى 4.4%، وهو ما يعادل انخفاضًا بحوالي 40,206 طالب.

وبحسب إحصائيات الوزارة، تُبرز دقة أكثر حول الظاهرة: 62% من المنقطعين تجاوزت أعمارهم 16 سنة، أي السن الإلزامي للتعليم. ويظهر هذا الانقطاع بشكل أكبر في التعليم الثانوي الإعدادي، إذ تعد هذه المرحلة الأكثر عرضة للظاهرة مقارنة بالتعليم الابتدائي والثانوي التأهيلي.

جهود الوزارة لمعالجة الظاهرة

تسعى وزارة التربية الوطنية ضمن خارطة الطريق 2022-2026 إلى تفعيل برامج ملموسة تهدف إلى الحد من الانقطاع الدراسي. أحد أبرز هذه البرامج هو “إعداديات الريادة”، الذي سيُطلق الموسم الدراسي 2024-2025 على مستوى 232 مؤسسة تعليمية تشمل حوالي 200,000 تلميذ وتستهدف تقليص ظاهرة الهدر بمجتمع الطلاب. كما يشمل ذلك توفير بيئة تعليمية محفزة عبر تحسين البنية التحتية وشروط العمل للفاعلين التربويين.

إضافة إلى ذلك، تم توسيع نموذج “مؤسسات الريادة” في التعليم الابتدائي ليتضمن 2,626 مؤسسة خلال الموسم الحالي، بهدف مضاعفة عدد المستفيدين سنويًا ليصل التعميم الكامل بحلول 2028.

إقرأ ايضاً

خدمات التعليم والدعم الاجتماعي

لم تتوقف جهود الوزارة عند تطوير المؤسسات التعليمية فقط؛ بل امتدت إلى تقوية الدعم الاجتماعي عبر مبادرات مثل توسيع خدمات النقل المدرسي، الإطعام الداخلي، ومنح الدخول المدرسي. حسب آخر الإحصائيات، استفاد حوالي 3,053,360 تلميذًا من مبادرة “مليون محفظة”. كما تم توفير خدمات النقل المدرسي لـ638,693 مستفيدًا، والإطعام لـ114,879 طالبًا في المدارس.

ضمن جهود الدعم المتواصل للتلاميذ المعرضين لخطر الانقطاع، تم تشكيل خلايا يقظة داخل كل مؤسسة إعدادية لرصد الحالات بشكل مبكر وتقديم خطط تدخل فردية لكل تلميذ يعاني من تحديات دراسية أو اجتماعية.

محاربة الهدر المدرسي لدى الفتيات في المناطق القروية

واحدة من أهم أهداف الوزارة هي التوجه نحو تقليل الهدر المدرسي لدى الفتيات في المناطق القروية. هذه الفئة تواجه تحديات مضاعفة، مثل مصاعب الانتقال من التعليم الابتدائي إلى الثانوي الإعدادي، فضلاً عن ظاهرة زواج القاصرات التي تعيق استمرارهن في التعليم. الوزارة تراهن على تعزيز الدعم والمواكبة التربوية لهذه الفئة لضمان بقائهن في المدرسة وتوفير بيئة تشجعهن على التعلم واستكمال المراحل الدراسية.

نظرة مستقبلية

لا يزال الهدر المدرسي قضية متعددة الأبعاد ترتبط بعوامل اجتماعية، اقتصادية وجغرافية، إضافة إلى تحديات داخل المنظومة التعليمية نفسها. إلا أن الوزارة ترفع شعار الأمل والتحدي عبر برامج طموحة تضاعف من حرصها على تحقيق تعليم إلزامي شامل للجميع بحلول السنوات المقبلة.

من خلال تعزيز البنية التحتية التعليمية وتوجيه الموارد الاجتماعية لدعم الأسر والطلاب المتضررين من الانقطاع، يبدو أن المغرب يشق طريقه بثبات نحو التغلب على هذه الظاهرة والانتقال إلى مفهوم تعليم قائم على الاستدامة والتنمية البشرية الفعلية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق