تشهد السجون البلجيكية أزمة متصاعدة مع تفاقم اكتظاظها بشكل غير مسبوق، مما دفع مديرية إدارة السجون البلجيكية لإطلاق جرس إنذار يدعو الحكومة المقبلة لاتخاذ قرارات عاجلة لحل الوضع المتأزم.
في الوقت الراهن، تحتضن السجون البلجيكية 12,582 سجينًا، رغم أن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى 11,000 سجين، الأمر الذي بات يثقل كاهل البنية التحتية للسجون ويؤثر سلباً على بيئة العمل وعمليات إعادة تأهيل النزلاء، وفقاً لما أوردته المديرة العامة لإدارة السجون، ماتيلد ستينبرجن.
تدابير طارئة لتخفيف الاكتظاظ
لمواجهة الازدحام الهائل، أعلنت إدارة السجون عن تدابير طارئة، تشمل تعليق تنفيذ أحكام السجن القصيرة التي لا تتجاوز مدتها خمس سنوات لمدة أسبوعين، مما يسمح للمحكومين بالبقاء خارج السجن حتى يتوافر مكان لهم. مع ذلك، أكدت الإدارة أن هذا الإجراء يستثني الجرائم الأخلاقية والإرهابية والعنيفة.
إلى جانب ذلك، لجأت السلطات منذ مارس الماضي لمنح إجازات للسجناء ذوي الأحكام القصيرة، حيث يقضي السجناء شهرًا داخل السجن يعقبه شهر خارج السجن، وهي خطوة تهدف إلى التخفيف من أعداد النزلاء.
حلول طويلة الأمد
تطالب ستينبرجن الحكومة بإجراءات جذرية وطويلة الأمد؛ منها وضع نظام تصنيف يعتمد على ألوان تعكس مستويات الاكتظاظ: الأخضر للحالات المثالية، البرتقالي للوضع القابل للتحمل، والأحمر للحالات الحرجة. وترى أن حالة الاكتظاظ التي بلغتها السجون البلجيكية في الوضع الراهن تفرض ضرورة اتخاذ خطوات فورية لتخفيف الضغط.
إقرأ ايضاً
إحدى المقترحات تقتضي وضع السجناء على “قائمة الانتظار”، بحيث ينتظر المدانون خارج السجن حتى يتوفر مكان لهم، وهي آلية تهدف إلى تقليص الضغط بشكل مؤقت، بالإضافة إلى تسريع إجراءات إطلاق السجناء الذين أنهوا معظم مدة عقوبتهم.
مرصد السجون يعارض إجراءات الانتظار
رغم هذه الجهود، يرى مرصد السجون أن الحلول المقترحة غير ملائمة، محذرًا من عواقب “قائمة الانتظار” على إعادة تأهيل النزلاء. إذ ينتقد مدير المرصد، إليوت فانويتيرين، هذا الحل الذي قد يحرم المدانين من تكوين حياة مستقرة، ويتركهم في حالة من الانتظار والترقب الطويلة، مما يؤثر على اندماجهم المستقبلي في المجتمع.
كما أبدى المرصد تخوفه من أن يؤدي نظام الألوان إلى نقل السجناء بعيدًا عن عائلاتهم، في انتهاك لحقهم في الحياة الخاصة والدعم الأسري، مما يعقد اندماجهم بعد انتهاء العقوبة.
خاتمة
إن أزمة اكتظاظ السجون في بلجيكا ليست وليدة اللحظة، غير أن تفاقمها بهذا الشكل يستدعي حلولًا مدروسة على المدى الطويل. ويرى الخبراء أن المعالجة الحقيقية للأزمة تبدأ من إيجاد بدائل لإعادة تأهيل الأفراد بدلًا من زجهم في سجون مكتظة، وتطوير برامج تمنع عودة الجريمة، مما يتيح لهؤلاء الأفراد فرصة العودة للمجتمع بشكل سليم.