تعتبر سنة 2025 نقطة تحول حاسمة في مسيرة المغرب نحو تعزيز موقعه كأحد اللاعبين الرئيسيين في صناعة السيارات الكهربائية على المستويين الإقليمي والعالمي. بعد أن رسخ أسساً قوية في صناعة السيارات التقليدية، يمضي المغرب بثبات نحو توسيع آفاقه في إنتاج السيارات الكهربائية، مستغلاً بنيته التحتية المتقدمة وموقعه الجغرافي المميز، بالإضافة إلى شبكة اتفاقياته التجارية الواسعة واستقراره الاستثماري.
خلال السنوات القليلة الماضية، نجح المغرب في تعزيز حضوره ضمن سلاسل القيمة العالمية لصناعة السيارات، ليصبح اليوم الرائد إفريقياً في هذا القطاع. وبالنظر إلى التحولات العالمية السريعة نحو الاقتصاد الأخضر وجهود كبريات الشركات العالمية لتركيز صناعتها على العربات الكهربائية، تبنت الرباط استراتيجية تصنيع جديدة تتماشى مع هذه التحولات عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع الصناعيين المحليين لاعتماد الطاقات النظيفة.
من أبرز المؤشرات الواعدة على هذا التوجه هو إعلان شركات عالمية مثل “رونو” و”ستيلانتيس” عن خططها لزيادة إنتاج السيارات الكهربائية في منشآتها في المغرب. يأتي ذلك بالتزامن مع تطوير سلاسل التوريد المحلية لتوفير مكونات أساسية مثل البطاريات والمحركات الكهربائية. يسعى المغرب أيضًا لجذب فاعلين جدد في مجال الصناعات المتعلقة بالنقل النظيف لتعزيز مكانته كمركز إقليمي لهذه الصناعة.
يترافق هذا التوجه مع دعم حكومي واضح تقدمه وزارة الصناعة والتجارة عبر توفير حوافز مالية وتسهيلات عقارية للصناعة، بجانب إنشاء منصات تدريبية متخصصة تهدف إلى إعداد كفاءات مغربية في المجال الكهربائي والرقمي المتعلق بالسيارات الذكية. تم إطلاق سلسلة من برامج التدريب المهني بالتعاون مع الشركات المصنعة، لضمان توافق مهارات المتدربين مع احتياجات السوق.
إقرأ ايضاً
بتجاوز الجانب الصناعي، يُعد المغرب من أوائل الدول الإفريقية التي تفكر بمنظومة متكاملة لدعم استخدام السيارات الكهربائية محلياً، وذلك من خلال مشاريع لإنشاء محطات شحن كهربائية في المدن الكبرى وعلى الطرق الرئيسية. تستهدف هذه البنية التحتية تعزيز الإقبال المحلي على السيارات الكهربائية وتؤكد التزام المملكة بالتحول الطاقي وتقليل انبعاثات الكربون.
تتخطى رؤية المغرب في هذا المجال مجرد الإنتاج إلى تطوير منظومة بحث علمي وابتكار تخص النقل النظيف. بدأت بعض الجامعات ومراكز البحث بالتعاون مع القطاع الخاص في مشاريع لتطوير تكنولوجيا البطاريات وأنظمة القيادة الذكية والطاقة المتجددة المرتبطة بالنقل.
مع هذه المؤشرات الواعدة، تبدو سنة 2025 عاماً مؤثراً في مسار الانتقال الصناعي للمغرب نحو المستقبل، إذ يُتوقع أن تشهد صناعة السيارات الكهربائية هناك توسعاً كبيراً يعزز صادرات البلاد إلى أوروبا وإفريقيا ويجعلها لاعباً مهماً في ثورة النقل المستدام التكنولوجية. يجسد طموح المغرب للتحول إلى مركز إقليمي لإنتاج السيارات الكهربائية توازنًا بين الرؤية الاقتصادية والتحديات البيئية والسيادة الصناعية، وهو نموذج يستحق الاهتمام والدعم.
