كشف التقرير حول المقاصة، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، أن الإنتاج الوطني للسكر الأبيض تراجع بشكل حاد إلى 191 ألف طن في سنة 2024، مما خفض معدل تغطية الاستهلاك من خلال الإنتاج الوطني من 50 في المئة في سنة 2019 إلى 16 في المئة فقط في 2024.
ووفقا للمصدر ذاته، تراجع الإنتاج الوطني بنسبة كبيرة تقارب 68 في المئة في غضون 5 سنوات، بعدما بلغ ذروته (600 ألف طن) في 2019، عازيا هذا الانخفاض الكبير إلى توالي سنوات الجفاف والنقص المتزايد في الموارد المائية، ما وضع قطاع إنتاج السكر أمام تحديات كبيرة ورفع تبعية المغرب للسوق الدولية.
وعرفت واردات المغرب من السكر نموا كبيرا بلغ 25 في المئة إلى 1034 طنا السنة الماضية، مقابل 830 طنا خلال الموسم الماضي، في حين ظل الاستهلاك على المستوى الوطني مستقرا نسبيا بين سنتي 2019 و2023، عند 1209 طن في سنة 2023.
مياه سقي الشمندر أنقذت ساكنة “الدار البيضاء-سطات” من العطش
وأكد رئيس الغرفة الفلاحية بجهة بني ملال خنيفرة، رياض محمد، أن هذا النقص راجع إلى تراجع المساحات المزروعة على الصعيد الوطني من الشمندر السكري، مشيرا إلى أن الجهة المذكورة لم تتجاوز المساحة المزروعة فيها 4500 هكتار السنة الماضية، بالرغم من أن مصنع شركة “كوسومار” قادر على استيعاب 17 ألف هكتار من الإنتاج.
وأوضح المهندس الفلاحي، أن الشمندر السكري عبارة عن زراعة سقوية بالأساس، تعتمد على مدارات سقوية كبيرة، في مقدمتها سد الحنصالي وسد المسيرة، بالنسبة لجهة بني ملال خنيفرة.
وقال إن هذه المدارات عرفت نقصا حادا للسنة السادسة على التوالي، بحيث لم يتم تخصيص موارد كافية من المياه لهذه الزراعة، وهو أمر راجع للجفاف بشكل أساسي.
كما أفاد أنه تم توجيه طلقات مائية من هذه السدود لفائدة جهة الدار البيضاء سطات، لتجاوز مشكلة المياه الصالحة الشرب، وذلك على حساب القطاع الفلاحي عموما وقطاع الشمندر السكري على وجه التحديد.
إقرأ ايضاً
وعود بمستقبل أفضل يبدأ اليوم
ومع ذلك، يرى المتحدث أن “الإنتاج كان لا بأس به في السنة الماضية بالنظر لكل هذه التحديات، غير أن الموارد المائية المخصصة لمداري بني موسى وبني عمير الإنتاجيين، لم يتجاوز 110 مليون متر مكعب، بينما تحتاج زراعة النباتات السكرية لحوالي مليار متر مكعب، أي أنها لم تستفد سوى من 10 في المئة من حاجياتها”.
واستبشر في المقابل، بأن يكون الموسم الحالي أفضل من سابقيه، وذلك لكون “البرنامج يسير بوتيرة سريعة بمنطقة بني موسى بحيث وصلنا لـ6000 هكتار من المساحات المزروعة حتى الآن، وتمت برمجة طلقتين مائيتين لفائدة هذه المنطقة”.
أما بالنسبة للمنطقة الثانية، أي بني عمير فهناك وعود بتخصيص طلقتين أخريين لفائدتها بما يسمح بزراعة 2000 هكتار من الشمندر السكري، على أن يتم إنتاج الباقي من المساحات المبرمجة في المدارات البورية.
وحذر الخبير الفلاحي من أن شركة “كوسومار” تتكبد خسائر كبيرة منذ 3 سنوات، لأن برنامجها الاستثماري بُني على أساس 17 ألف هكتار من الإنتاج، مضيفا أنه من الضروري أن ترفع الدولة جزءً من العبء المسلط على الشركة وعلى الفلاحين، في حال رغبت في الارتقاء بالمنتج الوطني من هذه المادة الاستراتيجية.
وفي هذا الصدد، أفاد تقرير المقاصة بأن الحكومة تدعم المادة الحيوية بالنسبة للمغاربة بمنحة جزافية عند الاستهلاك قدرها 3,6 درهم للكيلوغرام، بكلفة سنوية متوسطة قدرها 4,36 مليار درهم. بالإضافة إلى الدعم عند الاستيراد الذي يتغير بتغير الأسعار العالمية للسكر الخام.
وأضاف رياض محمد أنه من الضرورة كذلك القيام بإجراءات مصاحبة، في مقدمتها زيادة دعم البذور والمواد الآزوتية، وكذا إعادة النظر في ثمن اقتناء المادة نحو الارتفاع؛ “في رأيي لم نصل بعد إلى الثمن المثالي الذي يسمح بجعل هذه الزراعة تنافسية، لا سيما بعد ظهور زراعات أكثر مردودية بالنسبة للفلاحين”.