أصدر عامل إقليم زاكورة قرارًا يقضي بتقييد زراعة البطيخ الأحمر والأصفر، وذلك بتحديد المساحات المسموح بزراعتها وفرض حظر على زراعتها في مناطق معينة، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على الموارد المائية.
يأتي هذا القرار بعدما شهدت المنطقة أمطارًا مهمة وطوفانية خلال الأسابيع المنصرمة، ساهمت بشكل كبير في انتعاش الفرشة المائية وارتفاع نسبة الملء في السدود.
وأمام هذا الانتعاش الكبير للموارد المائية، عاد موضوع زراعة البطيخ الأحمر إلى الواجهة بين مؤيد ومعارض، حيث رحب الفلاحون بالقرار واعتبروه منصفًا لهم ويراعي حاجياتهم، إضافة إلى دور هذه الزراعة في المساهمة في الاقتصاد المحلي.
وفي تصريح ، اعتبر يوسف أفعداس، عضو نقابة المنظمة الديمقراطية للفلاحين الصغار بزاكورة، أن القرار العاملي بخصوص زراعة البطيخ الأحمر بكل أنواعه يعد قرارًا صائبًا لعدة اعتبارات، منها أنه جاء بناءً على دراسات ومشاورات.
ومن خلال الممارسة والتجربة في المجال الفلاحي، وصف أفعداس عملية تقنين هذه الزراعة في السنة المنصرمة بأنها كانت ناجحة، مما يدعو إلى اطمئنان بعض المتخوفين من إلحاق الضرر بالفرشة المائية، فزراعة البطيخ تعد أقل استهلاكًا للماء مقارنة مع بعض المزروعات الأخرى، حيث تستغرق فقط ستة أشهر في السنة.
وطالب أفعداس باستحضار الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية لزراعة البطيخ الأحمر في المنطقة، خاصة بعد توالي الجفاف والأضرار التي لحقت بالقطاع الفلاحي، وخاصة زراعة التمور في الواحة التي تعتبر المورد الأساسي للسكان.
وقد خلقت زراعة البطيخ رواجًا اقتصاديًا لدى المحلات التجارية والفنادق، إضافة إلى تشغيل نسبة مهمة من اليد العاملة مما شجع الشباب على الاستقرار. وأضاف يوسف أفعداس أن التساقطات المطرية الأخيرة ساهمت في إنعاش الفرشة المائية وبالتالي تأمين مياه السقي والشرب في المنطقة.
ومن جهة أخرى، انتقدت فعاليات حقوقية وجمعوية قرار عامل إقليم زاكورة بتقنين زراعة البطيخ الأحمر، واعتبرته مساهمًا في استنزاف الفرشة المائية ويهدد الأمن المائي للمنطقة.
في هذا الإطار، يصف جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، زراعة البطيخ الأحمر بالزراعة الدخيلة على المنطقة لكونها مستنزفة للفرشة المائية الباطنية، مصدر الماء الشروب ومصدر الزراعات الاستراتيجية وهي زراعة النخيل. واعتبر أقشباب الجفاف معطى هيكليًا وبنيويًا، وأن الأمطار التي شهدها الإقليم لا تعني بأي حال من الأحوال نهاية فترة الجفاف.
إقرأ ايضاً
وحذر رئيس جمعية أصدقاء البيئة من التعامل مع هذه الموارد المائية بنفس الاستراتيجية المعتمدة في سنة 2014، حينما شهدت المنطقة فيضانات وارتفعت نسبة الموارد بشكل قياسي بعد فترة جفاف. لكن الاستنزاف الكبير لهذه الموارد المائية تسبب في هلاك آلاف أشجار النخيل في واحة درعة.
وأكد أن إصدار قرار بمنع هذه الزراعة بات ضرورة للحفاظ على الموارد المائية وتوجيهها لتحقيق الأمن المائي وحماية الزراعات الاستراتيجية، وهي زراعة النخيل. كما أشار إلى أن قرار التقنين الذي أصدره عامل الإقليم في العام المنصرم لم يتم تنفيذ بنوده، وعرف تجاوزات من طرف المزارعين.
وطالب السلطات الإقليمية والفلاحية والمائية بإقليم زاكورة بالتدخل العاجل لحماية الأمن المائي، مع اعتبار أن الأمطار التي شهدها الإقليم في الأسابيع المنصرمة ظرفية، بينما يشكل الجفاف ظاهرة بنيوية وهيكلية في المنطقة.
ويحدد القرار، ، المساحة القصوى المسموح بها لزراعة البطيخ في هكتار واحد لكل مستغل، وذلك وفق اللوائح التي وضعتها اللجنة المختصة للموسم الفلاحي الحالي 2024/2025.
كما ينص القرار على منع زراعة البطيخ في المناطق المحظورة، لا سيما بالقرب من حقول الضخ المخصصة لمياه الشرب (Zone de Protection)، والتي حددتها اللجنة المحلية، بما في ذلك المناطق المخصصة للتزود بالماء الصالح للشرب وجنبات وادي درعة على طول الواحات وسرير الأودية.
ولتتبع كمية مياه الري المستهلكة، يشترط القرار أن تكون جميع الآبار والثقوب المائية مزودة بعدادات مائية تعمل على حساب كمية المياه المستخرجة. وتكلف اللجنة المحلية بقراءة العدادات عند بدء الاستغلال ونهايته، بالإضافة إلى إجراء قراءات دورية لتقييم كمية المياه المستخدمة في الري وحالة الفرشة المائية.
وفي حال عدم الامتثال للمساحة المحددة أو عدم تركيب العدادات، ستعقد اللجنة المحلية اجتماعا لاتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية المناسبة لكل حالة على حدة.
ويأتي هذا القرار في إطار توصيات اللجنة الإقليمية للماء التي انعقدت بتاريخ 12 شتنبر الماضي، وذلك استجابةً لتحديات الجفاف المستمر وتراجع الفرشة المائية.