يعاني العديد من الفلاحين البسطاء من أزمة الجفاف التي تساهم في “موت” محاصيلهم، مما يدفعهم إلى بيع أراضيهم والهجرة نحو المدينة بعدما فقدوا القدرة على السيطرة على الوضع وحماية هكتارات من الأراضي الخضراء التي تحولت إلى صحراء قاحلة.
وفي هذا الإطار، عبر فلاح ينحدر من منطقة آيت علي بن أحمد بولاد تايمة، عن مأساة ومعاناة العديد من الفلاحين البسطاء الذين تضرروا بسبب أزمة الجفاف، وغياب مساعدة الدولة لإنقاذ الموسم الفلاحي الحالي.
وكشف أن العديد من الفلاحين قرروا الهجرة نحو المدينة وترك أراضي أجدادهم خلفهم، بحثا عن تحقيق قوتهم اليومي، في ظل الأزمة التي تعرفها القرى، ولعدم قدرتهم على تغطية مصاريف الفلاحة التي أصبحت تتطلب مبالغ مهمة بعدما ارتفعت أسعار المواد الأساسية، وقلة المياه، وارتفاع أسعار فواتير الكهرباء، وانعدام أساليب توفير الطاقة وغيرها.
وأفصح بأن الحشرات بدورها تؤدي إلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية، وكون العديد من الفلاحين لا يتمكنون من توفير المواد التي تقضي عليها بسبب غلائها.
هذا الفلاح الذي يعمل في هذا القطاع منذ سنة 1957، تحدث عن تغير أوضاع الفلاحين، إذ بعدما كانوا يحققون دخلا مهما من القطاع، باتوا بلا مدخول، ويتكبدون “موت محاصيلهم” وخسارة أموالهم، وتتراكم عليهم الديون، بسبب المشاكل المرتبطة بهذا المجال.
وبحسرة، قال إن الفلاحين “وصلوا إلى آخر الطريق، بعدما تراكمت عليهم الديون، بسبب الخسارات المتتالية، وغلاء المواد التي تستعمل في القضاء على الحشرات، وارتفاع أسعار فواتير الكهرباء، مما يضطرهم لبيع أراضيهم لتسديدها، والاتكاء على المنفذ الأخير الذي يرتبط بالهجرة نحو المدينة”.
وأكد أن العديد من الفلاحين اختاروا الهجرة إلى مدن أخرى، أو الاستقرار خارج المغرب في موريتانيا وغيرها، بعد الأزمات المتتالية التي ألمت بهم.
ويتمنى أن تتدخل جهات رسمية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا الموسم الفلاحي، من خلال دعم الفلاح البسيط الذي يُحقق قوته اليومي من الاشتغال في قطاع الفلاحة.
فلاح آخر ينحدر من المنطة ذاتها، إن الفلاح ورث لاعمل بهذا المجال من أجداده وطمعا في حصد غلته، “فمنذ 200 سنة ونحن على هذه الأراضي، لكن هذه السنة غُلبنا رغم رغبتنا في الاستمرار في خدمة أراضينا”، يضيف.
وتابع: “لم نتمكن هذه السنة من التغلب على هذه الأوضاع، التي تشمل غلاء المصاريف وقلة المياة، وغلاء المواد المخصصة في الفلاحة، وغياب أي دعم للطاقة”.
وقال: “إننا لا نريد الهجرة جميعا من هنا، ونصارع الأوضاع لعدم الهجرة، رغم أن العديد من الفلاحين غادروا أراضيهم مرغمين، بسبب الخسارات الممتالية”.
وانتقد عدم تسريع إجراءات منح الفلاح رخصة حفر البئر، لتدارك الأزمة الحالية المرتبطة بقلة التساقطات المطرية، وما خلفته من أضرار، التي تتأخر كثيرا، ما يؤدي إلى موت المحاصيل”.
وأضاف في السياق ذاته: “العديد من الفلاحين هاجروا والعديد من الأراضي أصبحت صحراء قاحلة بسبب الجفاف، لذلك نطالب مساعدتنا من خلال دعم الطاقة واستعجال إصدار الرخص المتعلقة بحفر الآبار، والبحث عن حلول أخرى قبل الوصول إلى هجرة جماعية لأبناء المنطقة”.