قلل محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، من تأثير قانون العقوبات البديلة الذي دخل حيز التنفيذ على تخفيض معدلات الاعتقال، ذلك أن الأمر ليس “تلقائيا أو بديهيا”، مراهنا من جهة أخرى على الوعي المجتمعي، وضرورة رصد موارد بشرية ومادية للمندوبية التي أنيطت بها هذه المهام.
وقال التامك، خلال تقديم الميزانية الفرعية للمندوبية بلجنة العدل بمجلس النواب، إن قانون المالية لسنة 2025 يأتي في أعقاب “دينامية تشريعية استثنائية همت منظومة العدالة وتدبير الشأن السجني وإعادة الإدماج، وأثمرت المصادقة على القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة”.
وأبرز أن هذا القانون جاء “كخطوة بارزة في مسار إصلاح المنظومة الجنائية ببلادنا، بحيث يقدم بدائل للعقوبات السجنية من أجل تخفيف الضغط على السجون وتيسير الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم، إذ يعول عليه كأحد الحلول التي يمكن أن تسهم في التقليص من أعداد الوافدين على المؤسسات السجنية”.
واستدرك التامك “الواقع أن تحقيق هذه الغايات ليس أمرا تلقائيا أو بديهيا، فبغض النظر عن تطور الظواهر الإجرامية وارتباطها بمدى فعالية السياسات العمومية المتبعة من أجل الوقاية منها، فإن بلوغ هذه الغايات يظل مرتبطا بشكل أساسي بتوفير الظروف الملائمة من أجل تنزيل مقتضيات هذا القانون ومستوى فعالية هذا النوع من العقوبات في إصلاح المحكوم عليهم بها”.
وأورد أن التجارب الدولية تظهر “تباين في النتائج في ما يتعلق بأثر هذه العقوبات بين الدول التي تبنتها، حيث ترتبط فعاليتها بشكل كبير بطريقة تصميمها وكيفية تطبيقها”.
وواصل التامك “كما أظهرت هذه التجارب في بعض البلدان مثل فرنسا وبولندا وتركيا والولايات المتحدة أن ليس هناك بالضرورة ارتباط بين ارتفاع عدد الأشخاص الذين ينفذون عقوبات بديلة وتسجيل انخفاض في معدلات الاعتقال”.
إقرأ ايضاً
واعتبر المندوب العام أن أثر هذا القانون على العدالة بشكل عام وعلى الشأن السجني بشكل خاص “يبقى رهينا بدرجة الوعي المجتمعي بغايات هذا النهج الجديد وبمقبوليته المجتمعية”.
كما يقتضي الأمر، حسب التامك، من “كافة الفاعلين الجرأة اللازمة للانخراط في تنزيله والالتزام بالمبادئ الأساسية للعدالة الجنائية وتعبئة الموارد والإمكانيات المتاحة في إطار فلسفة عقابية مرنة تحقق التوازن بين حماية المجتمع وإنفاذ القانون بطريقة فعالة وإنسانية”.
وشدد التامك على ضرورة “توفير الإمكانيات البشرية والمادية واللوجستيكية اللازمة لجميع المتدخلين، بما فيهم المندوبية العامة، والتي أنيط بها تنفيذ وتتبع تنفيذ بدائل العقوبات بموجب عدد من المقتضيات، خاصة الواردة في المادة 1-647، والتي أوكلت إليها مسؤوليات ومهام جديدة لا تقل جسامة عن مهامها الحالية”.
وأوضح أن هذه المهام “تتطلب تعبئة موارد مادية وبشرية هائلة وملاءمة تنظيمها الهيكلي وتبني تدابير بنيوية مرتبطة بالتخطيط والتنفيذ، وهو بداية لمرحلة جديدة من العمل الجاد من أجل ضمان انطلاقة ناجحة لهذا الورش الإصلاحي الهام، ويبقى ذلك مرهونا بالتزام الجميع بمسؤولياته ومواكبة وتأطير القطاعات المتدخلة بما يتيح التطبيق الأمثل لمقتضيات هذا القانون”.