– يواجه الموسم الفلاحي المغربي الحالي 2024-2025 تحديات مناخية متزايدة، حيث اتسم النصف الأول منه بالجفاف وارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ. ورغم التحسن النسبي الذي أحدثته التساقطات المطرية الأخيرة في المناطق الشمالية، إلا أن الإنتاج المتوقع للحبوب لا يزال دون المستويات المأمولة في الظروف العادية.
وفي هذا السياق، علق الخبير الزراعي، العربي زغدوني، على تقديرات الإنتاج التي أعلنها وزير الفلاحة والبالغة 44 مليون قنطار، معتبراً في حديث لموقع “Médias24” أن هذا الرقم يمثل “إنجازاً” قياساً بالبداية الصعبة للموسم، خاصة في ظل الجفاف الذي ساد. وأوضح زغدوني أن الأمطار المتأخرة، رغم أهميتها، تركزت جغرافياً في النصف الشمالي من البلاد (سهول سايس والغرب، مناطق الريف، تاونات، وأجزاء من زمور وزعير)، مما حسن من وضعية الحبوب والزراعات الأخرى والمراعي في هذه الجهات، بينما لا تزال المناطق الجنوبية تعاني من وطأة الظروف المناخية.
التكيف مع التغير المناخي ضرورة ملحة
شدد الخبير الزراعي على أن التقلبات المناخية، المتمثلة في نقص التساقطات وارتفاع الحرارة، أصبحت واقعاً يتطلب استراتيجيات تكيف فعالة. ودعا في هذا الإطار إلى زيادة الاستثمار في البحث العلمي الزراعي لتطوير أصناف بذور محلية قادرة على تحمل الجفاف والإجهاد المائي، لا سيما وأن المغرب يشهد تزايداً في الاعتماد على البذور المستوردة التي تغطي حالياً نحو 80% من الاحتياجات، بعد أن كانت الأصناف المحلية تغطي النسبة نفسها في الماضي. وأرجع زغدوني هذا التحول جزئياً إلى عدم التثمين الكافي لمخرجات البحث العلمي الوطني في مجال البذور.
ما وراء أرقام الحبوب: نحو تنمية ريفية متكاملة
تطرق زغدوني أيضاً إلى قضية ارتباط أداء الاقتصاد الوطني بإنتاج الحبوب، نظراً لكونها تشغل الحصة الأكبر من المساحات الزراعية وتمثل مصدر دخل أساسي لشريحة واسعة من السكان القرويين. وأكد أن التخفيف من هذا الارتباط لا يمكن أن يتم عبر الحلول الزراعية فقط، بل يتطلب مقاربة أشمل تركز على التنمية الريفية وتوفير بدائل اقتصادية للسكان للحد من الاعتماد شبه الكلي على الزراعة، وخاصة زراعة الحبوب شديدة التأثر بالمتغيرات المناخية.
يشكل الموسم الحالي دليلاً إضافياً على أهمية وضع سياسات زراعية وتنموية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية وتعمل على بناء قطاع زراعي أكثر مرونة واستدامة.
إقرأ ايضاً
