تبدو أن عدوى “الحمى الجمركية” التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أثرت على دول أخرى، إذ قامت المفوضية الأوروبية مؤخرًا بفرض “رسوم تعويضية” بنسبة 31.7% على شركة “ديكاستال” الصينية، الناشطة في المغرب. وقد رأى بعض المراقبين أن هذا القرار يضر بقطاع ناشئ في المغرب.
تعود القصة إلى شكوى مقدمة من رابطة العجلات الأوروبية المصنوعة من الألومنيوم ضد شركة “ديكاستال”، التي تنتج الألومنيوم في المغرب لصالح السوق الأوروبية. تعتبر الشركة مصنّعًا صينيًا لمعدات السيارات ومتخصصة في إنتاج إطارات العجلات من الألومنيوم.
افتتحت المجموعة مصنعيْن لإنتاج إطارات العجلات في المغرب في يونيو 2019 وديسمبر 2020 باستثمار بلغ 3.5 مليار درهم. وقد تم توفير 1200 وظيفة بقدرة إنتاجية سنوية تصل إلى 6 ملايين إطار عجلة. في فبراير 2022، بدأت المجموعة بناء وحدتها الصناعية الثالثة في المنطقة الحرة بالقنيطرة، باستثمار 1.8 مليار درهم، لإنتاج 10 ملايين وحدة وتوفير 766 وظيفة مباشرة.
بررت المفوضية الأوروبية قراراها بزعم وجود دعم مغربي وصيني للشركة، مما يؤدي إلى “إغراق” السوق الأوروبية والإضرار بالصناعات المحلية في الاتحاد.
وصف الخبير الاقتصادي محمد بنشقرون القرار بأنه ضربة لتنافسية قطاع الألمنيوم المغربي، واعتبره متناقضًا مع مبادئ اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي تمنع مثل هذه الإجراءات الحمائية.
إقرأ ايضاً
وأشار الأستاذ بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية إلى أن الأوروبيين بدأوا بفرض رسوم مكافحة الإغراق بنسبة 17.1%، وأضيفت إليها الآن رسوم تعويضية بنسبة 31.4% على شركة “ديكاستال”، ليصل الإجمالي إلى حوالي 49%.
ورأى بنشقرون أن هذا الإجراء يعد هجومًا على القطاع المغربي، حيث زادت حصة المغرب في سوق الاتحاد الأوروبي من 2% إلى 9%. وأضاف أن المنتجات المغربية كانت تحظى بقيمة مضافة عالية وبأسعار أقل بنسبة 17% من منافسيها، لكن الرسوم الجديدة أزالت هذه الميزات.
وأكد الخبير أن هذا الاتجاه الحمائي غير مقبول بالنظر إلى الاتفاقيات التجارية الحرة مع الاتحاد الأوروبي، حيث تُباع العديد من المنتجات الأوروبية في المغرب دون رسوم جمركية، رغم تأثير ذلك على الصناعة المحلية المغربية. وشدد على ضرورة الحفاظ على الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بناءً على المعاملة بالمثل والشفافية والالتزام المتبادل.
