إلى نحو 29 في المائة ارتفعت، اليوم الحقينة الإجمالية لسدود المملكة، بمختلف أحواضها المائية التسعة، بنسبة زيادة في المنسوب المائي بـ1,29 في المائة مقارنة مع يوم أمس الأحد؛ وذلك بفضل موجة التساقطات الرعدية الغزيرة التي تلقتها أقاليم ومناطق مغربية استمرت بشكل متفرق حوالي أربعة أيام (من الخميس إلى الأحد).
وأبانت معطيات رسمية محيّنة، اليوم، نشرتها المديرية العامة لهندسة المياه (التابعة لوزارة التجهيز والماء) في بوابة “مغرب السدود”، أن الحجم العام الإجمالي لسدود البلاد وصل 4861,2 مليون متر مكعب، مقابل 4170 مليون متر مكعب قبل سنة خلال اليوم نفسه.
وفق استقراء للبيانات المتوفرة إلى حدود اليوم، فإن النصيب الأوفر من الانتعاش المائي كان من نصيب حوض “زيز كير غريس”، الذي قاربت نسبة ملء سدوده 40 في المائة مقابل 27 بالمائة فقط السنة الماضية.
في سياق متصل، بلغت نسبة ملء السدود “حسب الأحواض” ما مجموعه 28 في المائة بالنسبة لحوض “درعة واد نون”؛ فيما استقر حوض “سوس ماسة” في حدود 17 في المائة؛ بينما لوحظ أن الانتعاش شمل، كذلك، كلًا من حوض “تانسيفت” ليصل اليوم الاثنين 44.25 في المائة وحوض “ملوية” الذي قُدرت نسبة ملء سدوده بـ35,12 في المائة.
وأفادت المعطيات الرسمية ذاتها بأن نسبة ملء سد “أولوز” 49,67 في المائة؛ فيما بلغ “سد على واد زا” نسبة ملء 100 في المائة.
ومنذ نهاية غشت وطيلة شتنبر، استمر المنحنى العام للحقينة الإجمالية للسدود في الارتفاع؛ ولو بشكل “طفيف”، طيلة الأسابيع القليلة الماضية منذ نهاية غشت الفائت، وفق ما يظهره رسم بياني في بوابة “مغرب السدود”.
وسبق لخبراء في الشأن المائي والفلاحي والهيدرولوجي أن أكدوا، ضمن تصريحات سابقة، خلال شتنبر الجاري، “انعكاسات جد إيجابية للأمطار الرعدية والتساقطات الغزيرة وحمولتها القياسية على منظومات الفرشات المائية الجوفية والسطحية”، فضلا عن بداية واعدة لموسم الزراعات الخريفية بالمناطق المعنية بعد موسم فلاحي “صعب” وسنوات جفاف وإجهاد مائي قاسٍ استمر قرابة “سبع سنوات عجاف”.
ونهاية غشت الماضي وبداية شتنبر الجاري، شهدت معظم الأراضي المغربية، خصوصا بجهات الجنوب الشرقي للمملكة، تهاطل أولى أمطار الخير، على الرغم من حمولتها الطوفانية الجارفة إثر أمطار رعدية جد قوية، خصوصا تلك التي تتوفر على مساحات زراعية بورية ومنشآت مائية كانت في طريقها إلى النضوب.
وبفضل التساقطات الأخيرة التي سجلت مليمترات قياسية في أقاليم بعينها، سارت الحقينة الإجمالية للسدود بالمغرب في “منحى تصاعدي” لم تشهده منذ أشهر، ما رَفعها لتتجاوز -ولو بشكل طفيف- النسبة المسجلة قبل عام؛ وهو ما شدد عليه خبراء مختصون في الشؤون المائية والفلاحية مبرزين آثارا إيجابية عديدة على المنظومة المائية والزراعية يجب ألا تحجُبها الأضرار والخسائر المسجلة في الأرواح والممتلكات.
يشار إلى أن “نفاذ كميات كبيرة من مياه الأمطار إلى الطبقات التحت أرضية، خاصة في جنبات الأودية وفي السهول، سيسهم في تحسين تغذية الخزانات الجوفية وزيادة قدرتها على تلبية احتياجات الزراعة والري في الفترات الجافة”.
وتحيل التفسيرات الممكنة لهذه التساقطات من زاوية جيو-مناخية، وفق باحثين في الهيدروجيولوجيا، إلى أن “التكوينات الجيولوجية في معظم أحواض الجنوب الشرقي (مثل أحواض زيز، غريس، غير، ودرعة الأعلى والمتوسط) تتميز بتخللها صدوع ذات أحجام مختلفة؛ ما يجعل هذه الصدوع تلعب دورا مهما في تسريب مياه الشعاب الناتجة عن الأمطار إلى الطبقات التحت أرضية ذات النفاذ”.