اعترف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بفشل تجربة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في تنفيذ السياسات التربوية على المستوة الجهوي، مستعجلاً إجراء إصلاح شامل للقانون المنظم للأكاديميات الجهوية بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار والنموذج التنموي الجديد.
ولم ينف المجلس، في تقرير حديث حول “المدرسة الجديدة، تعاقد مجتمعي جديد من أجل التربية والتكوين من الرؤية الاستراتيجية إلى الرهانات التربوية المستقبلية”، “التقدم الحاصل من خلال إحداث أكاديميات التربية والتكوين والمنجزات المحققة، ومنها مؤخرا البرامج التعاقدية بين قطاع التربية والتكوين والأكاديميات”، مستدركا أن هذا لا يغطي على إخفاق هذه التجربة.
وفي تحليله لأسباب هذا الفشل، أورد التقرير أن “صياغة القانون 07.00 قد ترجمت بشكل جد محدود توصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين تاركة مساحة واسعة للمقاربات المركزية للإدارة”، مسجلاً أن “مرحلة تنزيل هذا القانون تميزت بكثير من التسرع، بدون تحضير ولا تخطيط وبدون موارد مادية وبشرية، مما وضع هذا الورش الأساسي على أسس هشة”.
وفي مستوى ثانٍِ، أورد المصدر ذاته أن تنظيم الأكاديميات، وتوزيع الصلاحيات بين الأكاديميات والإدارات الإقليمية والمؤسسات التعليمية أدى إلى بروز بيروقراطية جهوية جديدة، مسجلاً أنه هذا التنظيم أدَّى إل تجسيد مبدأ التفريع بدلا من سياسة فعلية للامركزية ولا تمركز.
وسجلت الوثيقة ذاتها أن استثناء التكوين المهني ما قبل البكالوريا من صلاحيات الأكاديميات جسد على أرض الواقع تفكك منظومة التربية والتكوين مما أثر سلبا على إدماج التعليم والتكوين المهني، الذي يشكل توجها أساسيا للميثاق الوطني، وعلى إحداث الشبكات المحلية للتربية والتكوين.
وذكَّر التقرير بتنصيص الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، ومن قبلها الميثاق الوطني للتربية والتكوين 1999، على تأكيد مكانة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين باعتبارها هيئات مسؤولة عن تنفيذ سياسة التربية على المستوى الجهوي، مشددا على ضرورة منح هذه الأكاديميات الصلاحيات والموارد للقيام بمهامها، وتمكينها من تعزيز استقلاليتها ضمن إطار تعاقدي ووفق آلية للتقييم والافتحاص الدوري.
إقرأ ايضاً
وأورد المجلس أن صدور القانون رقم 07.00 لسنة 2000 الذي ينص على إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين باعتبارها مؤسسات عمومية ذات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي مهمتها الرئيسية تفعيل سياسة قطاع التربية الوطنية على المستوى الجهوي والإقليمي، جاء تطبيقا للدعامة الخامسة عشرة من الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
واعتبر التقرير أنه ليس هناك شك في أن إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، في صيغة القانون 07.00، شَكَّل تطورا مهما، مُستدركاً أن الآمال التي أثارها الميثاق الوطني ومهندسه الرئيسي، عبد العزيز مزيان بلفقيه، في أن تصبح الأكاديميات الجهوية على شكل وزارات جهوية للتربية والتكوين، مسؤولة عن تنفيذ السياسات التربوية، بما في ذلك التكوين المهني الأولي قبل البكالوريا، ظلت بعيدة المنال.
وأمام أوجه القصور التي وقف عليها “مجلس المالكي” في أداء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أورد التقرير أنه “من الضروري إجراء إصلاح شامل للقانون المنظم للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار والنموذج التنموي الجديد”.
وضمن التوصيات التي أشار إليها التقرير في تصوره للجيل الجديد من الأكادميات الجهوية تأكيده تعزيز الاستقلالية الفعلية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في إطار تعاقدي، مع إقرار آلية للتتبع والتقييم وقياس الأداء والافتحاص بكيفية دورية.
وأوصى التقرير ذاته بإعادة هيكلة بنيات التدبير الجهوية والمحلية، والتعزيز التدريجي لاستقلاليتها بما يلائم مهامها الجديدة، على أساس مبادئ التفريع والتكامل في الوظائف والتناسق في المهام والترشيد في استعمال الموارد”، مشددا على “نقل الصلاحيات اللازمة لتسيير مرافق المنظومة، وتحويل الوسائل الضرورية التي تمكن بنيات التدبير الجهوية والمحلية لتمكينها من ممارسة صلاحياتها بفعالية”.
