أجمع خبراء على أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 تجاهل المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تمثل أزيد من 98 في المئة من النسيج الاقتصادي الوطني، ولم يقدم أي أجوبة عن مشاكلها الخطيرة التي تهدد بإفلاس 40 ألف منها متم هذه السنة.
ذلك ما أكده عبد الله الفركي، رئيس “الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغرى جدا والصغرى والمتوسطة”، قائلاً إنه إذا كانت 33 ألف مقاولة قد أفلست السنة الماضية، 99 في المئة منها مقاولات صغرى ومتوسطة، وفق أرقام رسمية، فاستمرار تجاهل مشروع قانون المالية لإشكالات هذه المقاولات يهدد أكثر من 40 ألفا بالإفلاس متم هذا العام.
وفي هذا الصدد، انتقد المتحدث خلال ندوة تطرقت لـ”مشروع قانون المالية 2025″، وانتظارات المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة”، أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، ما أسماه بـ”حرب الأرقام”، قائلا إنه لا وجود لمؤسسة وطنية موثوقة يمكن الاعتماد عليها في بناء النقاش العمومي حول هذا النوع من المقاولات.
واعتبر أن “المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة”، لا يمثل سوى “الباطرونا” التي أنشأته وتروج من خلاله أرقاما مشكوكا فيها تغلط الرأي العام وتؤثر في النقاش العمومي.
وضرب الفركي المثال بادعاء المرصد إفلاس 16 ألف مقاولة خلال السنة الماضية، مشددا على أن هذا الرقم لا يخص سوى المقاولات من صنف “الأشخاص الاعتباريين”، بينما لا وجود لإحصاء يهم إفلاس مقاولات الأشخاص الذاتيين، علما أنها تمثل 66 في المئة من المقاولات المغربية.
وفي سياق متصل، ذكر الفركي بأن 340 مليار درهم من الاستثمارات التي نص عليها مشروع قانون المالية ستذهب بالكامل للمقاولات الكبرى، رغم أن مرسوم الصفقات العمومية ينص على تخصيص 20 في المئة من الصفقات العمومية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، وذلك منذ سنة 2013، “لكن غياب النصوص التطبيقية للمرسوم ضيع على صغار المقاولين 660 مليار درهم من الاستثمارات منذ 2013”.
وتساءل الفركي “ألم يكن هذا المبلغ ليمكن هذه المقاولات من خفض مستوى البطالة الذي بلغ نسبا مقلقة تجاوزت 13 في المئة؟”.
إقرأ ايضاً
وحذّر من أن المقاولات التي تفلس تتجه عادة للقطاع غير المهيكل، فتدخل في منافسة غير شريفة تقتل المقاولات الصغرى والمتوسطة المشتغلة في إطار قانوني.
من جانبه، اعتبر رئيس “منظمة المهن والمقاولات”، يوسف بونوال أن المقاولة تعيش إشكالات هيكلية متعلقة أساسا بغياب العدالة الضريبية وضعف الولوج للتمويل، ولا سيما التمويلات البنكية.
واستغرب المتحدث هذا الواقع قائلاً: “كيف يعقل ألا تمنح البنوك تمويلاتها إلا للمقاولات الكبرى، وهي التي تحظى بامتياز المأذونية من قبل الدولة في سبيل تمويل الاقتصاد الوطني”، مضيفا أنها “مطالبة بالقيام ببعض التضحيات لقاء ذلك، ومنح تمويلاتها للمقاولات الصغرى والمتوسطة المحتاجة إليها”.
وقال إنه إذا كانت 40 ألف مقاولة صغرى ومتوسطة أفلست وستفلس هذه السنة، كما تقول التوقعات، “فلنفرض أن كل واحدة توظف شخصين لا أكثر، فكم سيخلف ذلك على مستوى البطالة التي باتت مكلفة وتهدد التوازنات الماكرو-اقتصادية؟”.
ورفض بونوال “استمرار المشرع في التعامل مع المقاولات الصغرى والمتوسطة بمنطق الدعم والمسكنة”، مطالبا بتوفير إطار تنظيمي وقانوني لفائدة استدامة هذه الأخيرة.
واعتبر أن هذا الواقع مرده لغياب المقاولات الصغرى والمتوسطة عن البرلمان بغرفتيه والمؤسسات الدستورية، بحيث لا تتوفر على تمثيلية تدافع عن مصالحها.