في حادثة مثيرة للجدل، كشفت شهادة “حسن السيرة والسلوك” شبكة متخصصة في تزوير الوثائق تركز نشاطها على مساعدة كبار أباطرة المخدرات المطلوبين للعدالة المغربية في الهرب نحو أوروبا، مستغلة المنافذ الحدودية وأوجه القصور في المراقبة الدولية.
وأدانت محكمة الاستئناف بالناظور زعيم هذه الشبكة، المعروف بلقب “الأستاذ”، بالسجن لمدة خمس سنوات، بينما حكمت على مساعديه بثلاث سنوات لكل منهم، وشمل الحكم أيضًا رجل أمن تورط في القضية، الذي تلقى بدوره حكما بالسجن لمدة سنتين.
بدأت خيوط هذه الشبكة في الظهور من منطقة بني أنصار، حيث تمكن أحد كبار مهربي المخدرات المبحوث عنهم من مغادرة البلاد بطريقة مشبوهة، متوجهاً نحو إسبانيا عبر معبر مليلية.
ولم تكن العملية لتنفضح لولا أن هذا المهرب قرر لاحقًا العودة إلى المغرب بعد أن اشتكى من كساد أعماله في أوروبا وشعوره بالغربة.
بعد تواصله مع زعيم الشبكة، حصل على وعد بإعادته إلى المغرب دون الخضوع لأي إجراءات أمنية صارمة، وذلك باستخدام وثيقة “حسن السيرة والسلوك” المزوّرة، والتي زُعم أنها تضمن له عبورًا سلسًا، مقابل دفع مبالغ مالية باهظة.
لكن خطته باءت بالفشل، حيث كشفت الجهات الأمنية في مطار محمد الخامس أنه ما زال مبحوثا عنه على الصعيد الوطني، ليتم اعتقاله وبدء التحقيقات التي أدت في نهاية المطاف إلى اعترافه بتورطه مع شبكة تزوير وثائق.
إقرأ ايضاً
قادت هذه التحقيقات السلطات الأمنية إلى إيقاف “الأستاذ” وشركائه في بني أنصار، إضافةً إلى توقيف رجل أمن له علاقة غير مباشرة بالملف، حيث تم العثور على جوازات سفر تحمل أختامًا مشبوهة ضمن المحجوزات.
الواقعة أثارت ضجة واسعة بين المواطنين والنشطاء الحقوقيين، خاصة مع تزايد حالات فرار بارونات المخدرات من المغرب إلى إسبانيا، وخصوصًا عبر مليلية المحتلة، مما يعكس تحديًا متزايدًا للأمن المغربي.
وأشار حقوقيون إلى أن مليلية وسبتة باتتا وجهتين مفضلتين للهاربين من العدالة، والذين يتخذون من هذه المناطق معبرًا للفرار إلى دول أوروبية أخرى كإسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، حيث يتمتعون بحماية نسبية لعدم صدور مذكرات بحث دولية بحقهم.
كما أفادت المصادر الأمنية بارتفاع ملحوظ في استخدام وسائل النقل البحري، مثل قوارب الصيد والدراجات المائية، للهرب نحو سواحل إسبانيا، إذ تتوفر للشبكات الإجرامية امتدادات في تلك المناطق، مع مساكن جاهزة لإيواء الفارين من العدالة. تعكس هذه التحركات المعقدة تحديًا كبيرًا للمصالح الأمنية، حيث تكثف الجهود الآن لرصد وتتبع تحركات زعماء شبكات التهريب الدولية وفرض رقابة صارمة على المنافذ الحدودية.