في خضم مشاغل العمل والالتزامات العائلية أو الدراسية، من الطبيعي أن يتعرض النساء والرجال، على حد سواء، لضغوطات قد تؤثر بشكل متفاوت على صحتهما النفسية.
غير أن المرأة، بالنظر إلى اعتبارات بيولوجية وفيزيولوجية واجتماعية، مرشحة لأن تكون أشد عرضة للإصابة بتداعيات التوتر أو الاكتئاب.
وتتنوع العوامل الخارجية المؤثرة على التوازن النفسي للمرأة، من قبيل العبء الذهني المترتب عن الحياة الاجتماعية وإدارة شؤون الأسرة، ومحاولتها التوفيق بين التزاماتها المهنية والعائلية، مع حرصها على القيام بذلك بالإتقان المنشود.
ولا تقتصر العوارض التي تصيب الصحة النفسية للمرأة على تعدد مسؤوليات الأسرة والعمل خارج المنزل، بل تشمل، أيضا، ما بات ملاحظا في صفوف بعض النساء من إدمان على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يدخلهن في عزلة اجتماعية، بحسب أخصائيين نفسانيين.
ومن الطبيعي أن تمر النساء، بمختلف أعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية، بأحداث أليمة، لكن مستوى الشعور بالضغط النفسي وانعكاساته يتفاوت من امرأة إلى أخرى، وذلك بحسب قدرة ومهارة كل واحدة منهن في التعامل مع هذه الأعباء والضغوطات واختلاف زوايا الرؤية تجاهها.
وتعرف منظمة الصحة العالمية، الضغط النفسي بأنه “حالة من القلق أو التوتر الناجم عن وضع صعب. وهو استجابة بشرية طبيعية تدفعنا إلى مواجهة التحديات والتهديدات التي نمر بها في حياتنا”.
واعتبرت المنظمة أن الجميع يعاني من الإجهاد (الضغط النفسي) بدرجة أو بأخرى، و”لكن الطريقة التي نستجيب بها لهذا الإجهاد تصنع فرقا كبيرا في درجة التأثر بانعكاساته.
وتفيد معطيات صادرة عن منظمة الصحة العالمية بأن حوالي مليار شخص في العالم يعانون نوعا من الاضطرابات النفسية، مشيرة إلى وفاة شخص كل ثانية بسبب الانتحار جراء الأمراض النفسية كالاكتئاب والتوحد والانعزال وغيرها. كما أن واحدة من أصل خمس نساء في العالم تعاني من اضطرابات نفسية خلال حياتها.
لذلك، يعتبر تعلم فن التعامل مع الضغوطات السبيل الأنجع للحفاظ على الصحة النفسية للمرأة وعلى جودة حياتها الأسرية، وحسن تواصلها مع الآخرين، وسبل عيشها.
وفي هذا السياق، تبرز الأخصائية النفسية بشرى المرابطي أنه على المرأة أن تكون واعية بطبيعة الضغوطات التي تواجهها بمنطق تحديد قدراتها بخصوص ما يمكنها القيام به وما لا يمكنها، ثم ما يمكنها مواجهته أو حتى تأجيله أو ربما إنجاز جزء منه.
وتؤكد المرابطي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه ” لا ينبغي للمرأة أن تدخل في مسلسل التضحية حد الاستنزاف”، مضيفة أن ” كل امرأة لديها قدرات معينة وتقوم بالأشياء التي تستطيع القيام بها “.
وترى السيدة المرابطي أنه “من المهم أن يكون للمرأة موقع خاص في هذه الحياة وأن لا يكون مسارها المعيشي في هذه الحياة مسارا خافتا، بمعنى أن تتخذ القرار بشكل ما وبإرادة واعية في أن تتمثل كينونتها واستقلاليتها.
وقالت الخبيرة النفسية إنه ” من المفيد أن تسعد المرأة ذاتها وأن تعلم أنها إن لم تعط لذاتها فرصة العيش والاستمتاع بالحياة فلن يمنحها لها أي أحد”.
إن السعادة بهذا المعنى ليست غياب الضغوط النفسية، وإنما القدرة على التعامل مع هذه الضغوطات، بشكل يجعل المرأة قادرة على الوفاء بواجباتها، وفي نفس الوقت تمنح لنفسها الفرصة من أجل المضي في أمان وتحويل العوائق والعثرات الى فرص لبناء انطلاقات متجددة.