على الرغم من الجدل الذي صاحب دخولها لأول مرة إلى السوق المغربية عام 2023، استطاعت العجول البرازيلية أن تفرض وجودها على حساب الأبقار الإسبانية في خضم ارتفاع الأسعار وتغييرات في وجهات الاستيراد.
في البداية، قوبِلت أول دفعة من العجول البرازيلية بنفور من المستهلك المغربي، إذ أُثيرت تساؤلات حول جودتها بعد انتشار صور تظهر هزالها وكبر سنّها، في وقت أشيع أن وزارة الفلاحة أوقفت منح تراخيص لاستيرادها. لكن معطيات حديثة تكشف أن العجول البرازيلية الآن باتت تهيمن على السوق الوطنية، لتزاحم الأبقار الإسبانية التي لطالما كانت المصدر الرئيسي للحوم الحمراء في المغرب.
صحيفة إسبانية نقلت معلومات تفيد بأن المغرب استورد خلال ثلاثة أسابيع فقط 16 ألف عجل برازيلي، حسب بيانات منظمة “أساجا ويسكا”. هذا التغير يعكس تحوّلًا واضحًا في خريطة التوريد، التي فضّلت تقليديًا المورّدين الإسبان لسنوات.
ورغم أن البرازيل تُعد جزءًا من تكتل “الميركوسور”، الذي لم يستفد بعد من مزايا اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن حضورها التجاري بدأ يشهد ازدهارًا متزايدًا، وخصوصًا في الأسواق غير الأوروبية مثل السوق المغربية. هذا الوضع أثار قلق الفاعلين الإسبان في مجال تربية المواشي، حيث وصفه البعض بأنه تهديد للقطاع.
أنابيل كاسيس، المسؤولة عن قطاع اللحوم الحمراء في منظمة “أساجا ويسكا”، أوضحت أن الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم البقرية بإسبانيا دفع المستوردين المغاربة والجزائريين إلى البحث عن مصادر بديلة. وأشارت إلى أن استيراد العجول من أمريكا الجنوبية أصبح خيارًا اقتصاديًا مجديًا، رغم تكاليف النقل والإجراءات الصحية الإضافية. وأضافت كاسيس أن “المنافسة من قبل دول الميركوسور بدأت تؤذي قطاع اللحوم الإسباني حتى قبل دخول الاتفاقيات التجارية حيز التنفيذ”.
إقرأ ايضاً
وفقًا لنفس المصدر، كان المغرب قد استورد حوالي 224 ألف عجل إسباني عام 2024، لكن الميل الآن يبدو واضحًا نحو اللحوم البرازيلية. هذا التحول يمثل تهديدًا خطيرًا لسوق تصدير أساسي بالنسبة لإسبانيا.
كاسيس تابعت بتحذير: “إذا كانت دول مثل البرازيل وأوروغواي قادرة اليوم على التأثير على وجودنا في أسواق مثل المغرب، فما الذي يمكن أن يحدث حال حصولها على إمكانية دخول السوق الأوروبية بشكل كامل؟ نظام الإنتاج لدينا مكلف وصارم، بينما تستفيد هذه الدول من مرونة أكبر تجعل من المنافسة غير عادلة”.
التداعيات لم تتوقف عند السوق المغربية فحسب؛ بل امتدت لتؤثر على صادرات إسبانيا نحو أسواق أخرى تقليدية مثل الجزائر ومصر. هذا الوضع دفع المهنيين الإسبان في قطاع المواشي إلى مطالبة الحكومة بفتح أسواق جديدة لتخفيف التحديات التي تواجه القطاع.
جدير بالذكر أن لحوم العجول البرازيلية أصبحت تُعرض حاليًا في عدد كبير من نقاط البيع بالمغرب، بما فيها بعض المتاجر الكبرى. وبينما أثارت شكوكًا وتحفظات عند بداية دخولها السوق، يبدو أن وجودها أصبح ملحوظًا على موائد المغاربة اليوم.

لا توجد لحوم تضاهي جودة اللحوم البلدية المغربية . إلا أن العجول الاسبانية أجود بكثير من الجاموس البرازيلي الهزيل .