بالتثمين والدعم قابل حقوقيون وأرباب وكالات لكراء السيارات إقرار تعديل قانوني لاستثناء العربات الموظفة في نقل المخدرات، المملوكة لأشخاص ذاتيين أو معنويين (الوكالات) من “ذوي النية الحسنة”، من الحجز والمصادرة، لكونه “سيفضي إلى تجنيب هؤلاء تحمل خسائر مادية فادحة ثمناً لاستخدام وسائل النقل الخاصة بهم في نشاط غير مشروع، ولو دون سابق علمهم أو اتفاق معهم”، وذلك بعدما تقدّم فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب بمقترح قانون لأجل سنّ هذا التعديل.
واقترح الفريق النيابي لـ”الحمامة”، في هذا الصدد، أن يتم تغيير وتتميم الفصل 11 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.282 الصادر بتاريخ 21 مايو 1974، المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين على هذه المخدرات، لينص على أنه “يتعين على المحاكم المرفوعة إليها القضية، في جميع الحالات المنصوص عليها في الفصول السابقة، أن (…) وتأمر كذلك بحجز أدوات ومنشآت تحويل المواد والنباتات أو صنعها والوسائل المستعملة لنقلها ما لم تكن مملوكة للغير حسن النية”.
ويعتبر حقوقيون أن “التعديل الذي يطالب به المقترح سيمثل إنصافاً وإظهاراً لتفهم الضرر الذي يقع على الكثير من الأبرياء، وسيساهم في تحقيق التوازن بين العقاب وحماية مصالح وحقوق هؤلاء المادية والمعنوية”.
غير أن أرباب وكالات كراء السيارات، إذ يتفقون بدورهم مع هذا الطرح، يتمسكون بأن “تفادي النزيف المادي الذي يطال المهنيين الذين يجري ضبط سياراتهم المكتراة موظفة في النشاط غير المشروع، نتيجة الاضطرار إلى تأدية ‘طريطات’ عنها رغم وضعها في المحجز، ريثما يُحسم البحث التمهيدي في مدى تورطهم، يتطلب أن يكون محط مقتضى قانوني مضمّن في قانون شامل يعالج جميع الإشكاليات التي يعانيها المهنيون”.
“تعديل للإنصاف”
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن “اعتماد المحاكم على منطوق الفصل 11 من القانون سالف الذكر، الذي يقضي بمصادرة وسائل النقل الموظفة في نقل المخدرات بصرف النظر عما إذا كان مالكها سلّم العربة للمتهمين عن حسن نية أم لا، أمر تسبب في تشريد أسر لا ناقة لهم ولا جمل بخصوص جريمة تهريب المخدرات”، مفيداً بأن “المتضررين المباشرين من هذا المقتضى كثر وقد يكونون أفراداً أو أصحاب شركات لحافلات النقل أو وكالات لتأجير السيارات، أعاروا أو أجروا عرباتهم بحسن نية”.
وأضاف الخضري، أن “حجز عربات نقل المخدرات المملوكة للغير حسن النية ينطوي على ظلم واضح للمعنيين غير المرتبطين بهذا النشاط غير المشروع، ويكبدهم خسائر مادية فادحة، خاصة شركات تأجير السيارات التي قد تتضرر مصالحها المادية بشكل كبير، نظراً لأن معظم مركباتها ممولة عن طريق القروض”.
من هذا المنطلق عدّ الحقوقي عينه المقترح “خطوة إيجابية نحو حماية الأفراد وأرباب الشركات الذين لا علاقة لهم بجريمة تهريب المخدرات، من خلال منع مصادرة وسيلة النقل إذا كان مالكها سلّم العربة للمتهم عن حسن النية”، وزاد: “هذا التعديل يبدو أكثر عدلاً وإنصافاً ويُظهر تفهماً للضرر الذي قد يقع على أشخاص أبرياء، ويعكس رغبة في تحقيق التوازن بين العقاب على الجرائم وحماية حقوق الأبرياء”.
إقرأ ايضاً
واستدرك رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان بأن “تنفيذ مقتضيات المقترح في حال جرى إقرارها سيكون صعباً، لأن تحقق المحكمة من عدم تورط مالك وسيلة النقل في جريمة تهريب المخدرات يكون معقداً في بعض الحالات”، لافتاً إلى أن “التحقق من حسن نية مالك السيارة يتطلب توافر أدلة واضحة تثبت أنه لم يكن يعلم باستخدامها في نقل المخدرات، ما يستوجب أحياناً تحقيقات إضافية أو مستندات تثبت عقد الإيجار (بالنسبة لأرباب وكالات كراء السيارات على وجه الخصوص)، أو رصد المكالمات الهاتفية على سبيل المثال”.
“قانون شامل”
فؤاد الملياني، رئيس النقابة الوطنية لأرباب وكالات كراء السيارات بالمغرب، قال إن “عدداً مهماً من المهنيين تضرروا بشكل كبير من توظيف تجار مخدرات سياراتهم في نقل الممنوعات، دون سابق علمهم أو موافقتهم على هذا النشاط غير القانوني”، مفيداً بأن “بعض أعضاء النقابة جرى حجز سياراتهم لأكثر من سنة، تزامناً مع تأديتهم ‘الطريطات’ المرتبطة بها بقيمة 7000 درهم شهرياً”.
وأوضح الملياني، أن “النيابة العامة تتمسك بكون حجز العربة المضبوطة في نقل المخدرات ضرورياً، إلى حين انتهاء فترة البحث التمهيدي والحسم في تورط صاحب الوكالة في عملية توظيف العربة في نقل المخدرات من عدمه”، مقرّاً بوجود “حالات لبعض المهنيين الذين اكتروا عرباتهم لتجار مخدرات بسوء نية، خصوصاً خلال فترة كورونا، لكنها معدودة على رؤوس الأصابع”.
وتابع رئيس النقابة الوطنية لأرباب وكالات كراء السيارات بالمغرب بأن “هؤلاء المعنيين هم أنفسهم تجار مخدرات، خلقوا وكالات لكراء السيارات من أجل توظيفها في هذا النشاط وغسيل الأموال”.
من هذا المنطلق عدّ المتحدث ما اقترحه الفريق النيابي من تعديلات “مهما ولا يمكن إلا أن ندعمه”، وزاد مستدركا: “لكن معالجة الإشكالية تتطلب مقترحات أكثر عمقاً وشمولية، من قبيل عدم حجز العربة التي قد يتم ضبطها تنقل المخدرات، والاكتفاء بوضع صاحب وكالات كراء السيارات رهن إشارة النيابة العامة؛ وإذا ثبت تورطه وعلاقته بالتاجر المعني يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه”.
وشدد النقابي نفسه على “ضرورة سن قانون شامل ينظم بالإضافة إلى مسألة حجز عربات نقل المخدرات تأمين السيارات المكتراة التي قد تقع في حادثة سير نتيجة توظيفها من طرف الزبون في حالة سكر، وغيرها من المسائل التي تؤرق بال المهنيين وتضر بمصالحهم المادية”، مردفا: “خلال اللقاءات التي جمعتنا برئاسة النيابة العامة ووزارة العدل تم التشديد على ضرورة طرقنا باب البرلمانيين في هذا الصدد، فهم المعنيون الأوائل بالتشريع في نهاية المطاف”.