القبور تثير ازمة غريبة في أشهر مدن المغرب؟

20 مارس 2025آخر تحديث :
القبور تثير ازمة غريبة في أشهر مدن المغرب؟

تشهد مدينة فاس أزمة خانقة في المقابر، حيث ارتفعت أسعار القبور إلى مستويات غير مسبوقة وسط غياب التدخل الحكومي الحاسم. المواطنون، الذين يعيشون أصعب لحظات حياتهم بفقدان أحبائهم، يجدون أنفسهم أمام تكاليف باهظة لدفن موتاهم، ما يجعل الأزمة تتجاوز حدود نقص المساحات المخصصة للدفن لتصبح معضلة اجتماعية تمس كرامة الإنسان في أبسط حقوقه.

وفي ظل ندرة الأراضي المتاحة، قفزت أسعار القبور إلى ما بين 1000 و1400 درهما، رغم أن السعر الرسمي الذي حددته الجماعة لا يتجاوز 500 درهم. هذا الفارق الكبير أثقل كاهل الأسر المغربية التي باتت مضطرة لدفع مبالغ ضخمة للحصول على قبر، أو اللجوء إلى دفن ذويها في ممرات ضيقة داخل المقابر، ما يعكس فوضى واضحة في التخطيط وغياب رقابة فعلية على هذا القطاع الحساس.

حالة محمد الإدريسي، أحد سكان حي بندباب، تعكس حجم المعاناة التي يواجهها المواطنون يوميًا، إذ يقول: “عندما توفيت والدتي، صُدمت عندما طُلب مني دفع 1300 درهم مقابل قبر بسيط. لم يكن لدي هذا المبلغ، واضطررت للاستدانة حتى أتمكن من دفنها بكرامة. كيف يُعقل أن يصبح الموت تجارة في هذا البلد؟”

ورغم تخصيص ميزانية تفوق 5 مليار سنتيم لشراء أراضٍ جديدة وتوسيع المقابر، إلا أن الوضع يزداد سوءًا، حيث لم تؤت هذه الاعتمادات ثمارها على أرض الواقع، لتكشف الأزمة عن خلل واضح في تدبير هذا الملف، حيث لم ترافق هذه الميزانيات إجراءات صارمة لمنع المضاربة في أسعار القبور، ما جعل الساكنة تواجه استغلالًا غير مبرر في لحظات ضعفها.

عبد الكريم العلوي، ناشط حقوقي، يؤكد أن غياب الرقابة على القطاع هو السبب الرئيسي في تفاقم الأزمة، قائلًا: “المشكلة ليست في غلاء الأسعار فقط، بل في انعدام العدالة في توزيع الأراضي المخصصة للدفن. هناك جهات تستفيد من الوضع وتعيد بيع القبور بأسعار مضاعفة، بينما المواطن البسيط يجد نفسه عاجزًا عن إيجاد قبر بثمن معقول. هذا ليس مجرد إهمال من السلطات، بل هو شكل من أشكال الفساد.”

إقرأ ايضاً

وارتباطا بذلك، تحولت الأزمة من مشكلة لوجستية إلى معضلة اجتماعية تهدد الأمن النفسي والإنساني لسكان فاس. فبدلًا من أن يكون الدفن حقا مضمونا بكرامة، صار عبئا ماليا يثقل الأسر التي تعاني أساسا من غلاء المعيشة. لطيفة بن مسعود، أرملة فقدت زوجها مؤخرًا، تعبر عن استيائها قائلة “بعدما أنفقت كل مدخراتي على علاج زوجي، وجدت نفسي أمام كابوس جديد. قيل لي إن عليّ دفع 1200 درهم للحصول على قبر، هادشي ماشي معقول والله يصاوب لهاد لبلاد”.

الوضع لا يقتصر على فاس فحسب، بل يهدد بالانتشار إلى مدن أخرى إذا استمر غياب التدخل الفوري من قبل السلطات المعنية ممثلة في كل من وزارة الداخلية ووزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية.

وفي ظل هذا الوضع، تتعالى الأصوات المطالبة بتحرك سريع يشمل توفير أراضٍ جديدة للمقابر، ووضع حد لفوضى الأسعار عبر فرض رقابة صارمة تمنع استغلال المواطنين، إلى جانب تحسين البنية التحتية للمقابر لضمان دفن الموتى في ظروف إنسانية لائقة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق