تنتشر العديد من الفيديوهات التي توثق لحظات محاولة هجرة عدد من الشباب والمراهقين إلى سبتة من مدينة الفنيدق، مرفوقة بأغاني راب عن الهجرة، مما يعتبره البعض تحفيزا وتأثيرا على عقول هذه الفئة، بينما يشير أهل الاختصاص إلى أن “الراب” لا يُشكل سوى مرآة لما يجري في المجتمع ولا يمارس مهمة “التربية”.
مراد حيان، المسؤول عن قطب الموسيقى الحضرية بالنقابة المهنية لحماية ودعم الفنان، أكد أن “أغاني الراب تُشكل مرآة للمجتمع، هدفها نقل معاناة أفراده، وما يجري فيه”.
وأضاف أن “الفنان مهمته التعبير عن الواقع في أعماله”، مشيرا إلى أن العديد من الأغاني التي تتناول قضية الهجرة، تُظهر الصعوبات والسلبيات، المتعلقة بها، وتحكي عن وفاة بعض الشباب في أعماق البحار، مما قد يُساهم في تغيير فكرة الشباب عن الهجرة، وتخليهم عن خوض هذه التجربة الصعبة.
في المقابل، لم ينفِ وجود بعض الأغاني الأخرى التي تُصور حالات ناجحة للهجرة، استطاعت تأمين مستقبلها، غير أنه يربط الأمر بكونه يعد أيضا جانبا من الواقع الذي يجب على الفنان معالجته ورصده كما الجوانب الأخرى المظلمة.
وأوضح نقيب مغني الراب، أن أغاني الراب لا يمكن أن تكون دافعا لهجرة الشباب، لأن دورها يقتصر فقط على تسليط الضوء على ما يقع، وهو الأساس الذي وُجد من أجله الراب، مردفا: “لا يعقل أن شخصا ما سيستمع إلى أغنية راب تحكي عن الهجرة ويُقرر الهجرة، لأن الدافع الأساسي يكمن في المشاكل الاجتماعية والمالية والأسرية، التي يعانيها ولا يتمثل في أغنية”.
وعن تأثير هذه الأغاني في فئة الأطفال والمراهقين، أوضح أيضا أن “أغاني الراب مثل السينما إذا أقدم أحد الأطفال على مشاهدة فيلم لا يناسب سنه، فالمسؤولية لا تقع على المخرج، إنما على أسرته التي لم تراقبه، وهذا ما ينطبق أيضا على الأغاني، إذ لا يمكن محاسبة الفنان على سوء تربية الأطفال”.
وواصل تصريحه قائلا: “التربية هي التي تحرك الطفل وتؤثر فيه، ومن واجب الأسر حماية أطفالها من المحتويات التي لا تناسب سنهم، وإخضاعهم للرقابة والمتابعة، ولا يمكن لوم مغنيي الراب على ما اقترفته”.
وتحدث أيضا عن الشباب الذين يحاولون خوض تجارب رغبة في الاكتشاف، أو بدعوى التأثر بالأغاني سواء في الهجرة أو غيرها من القضايا الأخرى.
ما تزال أزمة الهجرة الجماعية من الفنيدق نحو سبتة بطريقة غير شرعية، تخلق نقاشا وطنيا ودوليا، بين ملق باللوم على الشباب الذين وضعوا المغرب في هذا المأزق، وقرروا الهجرة بطريقة غير نظامية وأسر المراهقين الذين لم يُخضعوا أطفالهم للمراقبة، وبين من حمل المسؤولين للأزمة الاقتصادية بالبلاد لفقدان الأمل في تحقيق هذه الفئة ذواتهم على أرضهم.
يذكر أن عددا من الشباب والمراهقين كانوا قد أقدموا على محاولة لهجرة سرية جماعية، من مدينة الفنيدق نحو “سبنة” المحتلة، وسط تدخلات أمنية لتأمين المنطقة ومنع هذا الانفلات.