اللحوم تواصل تحطيم الفقراء و الأرقام القياسية في المغرب؟ | أريفينو.نت

اللحوم تواصل تحطيم الفقراء و الأرقام القياسية في المغرب؟

31 يوليو 2024آخر تحديث :
اللحوم تواصل تحطيم الفقراء و الأرقام القياسية في المغرب؟

“شحال باقي واصل اللحم الشريف؟” جملة قد تبدو في نظر مهنيي الجِزارة وبائعي اللحوم الحمراء عابرة وروتينية ألفوا سماعها؛ لكنها من زاوية أخرى تحيل إلى مشكل غلاء اللحوم بالمملكة والذي انتقل من ضيف عابرٍ إلى مستقرٍ بالأسواق المغربية يثير قلق الأسر متوسطةِ الدخل ويُربك خططها للاستهلاك الغذائي.

ويفرض غلاء لحوم الأبقار والماعز والأغنام نفسه حاليا كنقاش راهني، سواء بالشارع العمومي والأسواق أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ فحجم الشكوى لا يزال يرتفع بعدما انقضت فترة عيد الأضحى وعادت الحياة إلى روتينيتها، لكن اللحوم الحمراء لم تعد بعد إلى وضعها الطبيعي بعد أن صارت أثمنتها تفوق مائة درهم للكيلوغرام الواحد حسب الأصناف.

لفك خيوط هذه المسألة بعيدا عن نقاش مواقع التواصل الاجتماعي ونقاشات السياسيين أغلبية ومعارضة، نزلنا إلى الميدان لتقصي وضعية سوق اللحوم الحمراء بعد مرور فترة عيد الأضحى بأزيد من شهر كامل وتزامنا مع انتصاف فصل الصيف الذي يمثل عادة أقصى فترات الاستهلاك الوطني ويعرف حركية كبيرة بالأسواق.

ونحن نعبُر شوارع وأزقة عدد من الأحياء الشعبية بمدينة سلا بدا لنا جليا أن غالبية محلات الجزارة لا تزال موصَدةَ الأبواب منذ شهر يونيو الماضي، وهو الحال نفسه الذي يتكرر بأحياء الانبعاث والرحمة وشماعو كذلك، وهي أحياء تتضمن ساكنة مهمة تتراوح رُتبتها الاجتماعية عادة بين البسيطة والمتوسطة.

مقابل حالات الإغلاق الكثيرة التي تم رصدها فتح مهنيون آخرون أبواب محلاتهم التجارية أمام المواطنين؛ لكن هذه المحلات تظل، للمفارقة، مُفتقدة للسلع من اللحوم الحمراء، بما يجعل البائعين يواجهون زبنائهم بعبارة “تَنْتْسناو السلعة…عادْ حلينا”.

اطلعت الجريدة على الأثمنة الرائجة بالسوق بخصوص مختلف تشكيلات اللحوم الحمراء، حيث يفوق ثمن الكيلوغرام الواحد من لحم العجل مائة درهمٍ ليلامس حاجز 110 دراهم؛ في حين أن لحم الخروف، الذي يظل حضوره بالسوق نسبيا ضعيفا، يصل ثمنه بدوره إلى حوالي 140 درهما للكيلوغرام الواحد، بينما ثمن لحم “المعزي” بِدوره تحرك تدريجيا بالسوق حاليا.

وترتفع الأثمنة مجددا كلما تحدثنا عن بعض التشكيلات من اللحوم الحمراء التي تفضلها الأسر متوسطة الدخل؛ فالكيلوغرام الواحد من “الكْفْتَة” وكذلك “الصوصيط” يباع بمحلات مدينة سلا بـ120 درهما، يليهما الكيلوغرام الواحد من “الفيلي” الذي يستهلكه المواطنون مقابل 150 درهما كما هو مدوّنٌ بلوائح الأسعار المعروضة داخل المحلات، في وقت يصل الكيلوغرام من “الكُوطليط” والكبدة والقلب إلى 160 درهما.

حاولنا الحديث إلى بعض المهنيين بخصوص الموضوع وانطباعاتهم ومنسوب الرواج كذلك، حيث كان لنا حديث مع يوسف، مهني ينشط بحي الانبعاث والذي لم يكن متشوقا كثيرا للحديث للإعلام؛ غير أنه قال إن “القطاع لا يزال متوترا نوعا ما وأغلبية المهنيين لا يزالون خارج دكاكينهم ولم يعودوا للعمل بعدُ منذ عيد الأضحى”.

وأكد المتحدث أن “الغلاء يبقى من المنبع، حيث إن وصول الكيلوغرام الواحد مثلا من لحم العجل إلى أزيد من 100 درهم راجع إلى ارتفاع أثمنة المواشي بالسوق؛ فالعجل الذي كان يباع على سبيل المثال بمليونيْ سنتيم صار يباع بما يفوق ثلاثة ويقترب من أربعة ملايين سنتيم”، موضحا أن “هناك تجنبا للإتيان بلحم الغنم مثلا نظرا لارتفاعه”.

إقرأ ايضاً

واصلنا جولتنا بمدينة سلا بحثا عن مهنيين يشرحون لنا سبب الشكاوى الصادرة عن مواطنين يرغبون في استهلاك لحومٍ حمراء بما يتناسب مع قدرتهم الشرائية، حيث اصطدمنا بقلة المهنيين الذين يفتحون أبواب دكاكينهم في الوقت الراهن؛ ما دفعنا إلى التوجه إلى “الكَزّارة”، إحدى أهم تجمعات مهنيي اللحوم الحمراء بمدينة سلا.

“ركود القطاع”
ونحن نلج التجمع التجاري ذاته بدا لنا أن النشاط المهني يعرف نوعا من “الركود”، ولم يستعد عافيته بعد؛ فعدد المتبضعين محدود وعشرات محلات الجِزارة لا تزال مغلقة منذ أزيد من شهر وعشرة أيام. تحدثنا إلى أحد المهنيين بالمركز التجاري ذاته، والذي عبر عن امتعاضه من “الاضطراب” الذي يعرفه سوق اللحوم الحمراء في الوقت الراهن.

أكد المهني، الذي كان يشرف على إمداد بعض الزبناء باحتياجاتهم من اللحوم الحمراء، أن السوق غير مستقرة منذ العيد إلى اليوم، حيث تعرف المواشي غلاء كبيرا، وهو ما ينطبق كذلك على الأبقار”، متابعا: “هناك صعوبات في توفير اللحم للمواطنين بأثمنة معقولة في الوقت الراهن، إذ إن الجفاف لا يزال واقفا وراء ارتفاع الأسعار إلى هذا الحد، وهناك نقص في الماشية بالسوق بما يرفع من الأسعار حاليا”.

واعتبر المتحدث أن “المهنيين، سواء أكانت الأثمنة مرتفعة أو منخفضة، فإن هوامش الربح تبقى دائما كما هي وتتراوح ما بين 5 دراهم و15 درهما في الكيلوغرام الواحد؛ لكننا نفضل أن تنخفض الأسعار من أجل بيع كميات مهمة من اللحوم بما يرفع من مردوديتنا”، مُطْلِعا الجريدة على لائحة الأثمنة التي يعتمدها للبيع والتي اتضح أنها تتضمن أثمنة تفوق مائة درهم تخص جميع تشكيلات اللحوم الحمراء.

ويواصل هذا الموضوع إثارة الجدل مؤسساتيا، حيث تواجه المعارضةُ وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بشكاوى المواطنين من صعوبة إيجاد لحوم حمراء بأثمنة منخفضة، وبما يرونه بأنه “عدم نجاح لمختلف التدابير الحكومية التي تم القيام بها في هذا الصدد، بما فيها دعم المهنيين وتسهيل الاستيراد سواء بخصوص الأبقار أو الأغنام والماعز.

هذا الموضوع لم يكن ليخرج عن التداول البرلماني خلال الأسبوعين الماضييْن، حيث أكد الوزير الوصي على القطاع مؤخرا بمجلس المستشارين أن ارتفاع اللحوم الحمراء يعود إلى “توالي سنوات الجفاف التي أثرت على كلفة الإنتاج والغطاء النباتي، وبالتالي سلاسل الإنتاج الحيوانية خاصة اللحوم الحمراء”.

وكعضو بالحكومة، أوضح صديقي أن هذه الأخيرة “حاولت اتخاذ مجموعة من التدابير لتموين السوق باللحوم الحمراء، عبر دعم أعلاف الإنتاج الحيواني دون توقف وفتح الاستيراد من الخارج من خلال تعليق كل الرسوم على استيراد الأبقار والأغنام الموجهة للذبح حتى نهاية السنة الجارية”، ليبقى السؤال مطروحا: إلى متى سيستمر “غياب” اللحوم الحمراء عن موائد الفئات المغربية البسيطة؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات 4 تعليقات
  • مقهور من لأسعار
    مقهور من لأسعار منذ 6 أشهر

    في رأئي المتواضع لا يصلح مع اللحوم إلا المقاطعة تم المقاطعة
    المقااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااطعة هي
    والدجااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااج
    غير دالك لاينفع

  • رحماني نورالدين
    رحماني نورالدين منذ 6 أشهر

    لا أفهم معنى البكاء و النواح على غلاء منتوج إستهلاكي، إرتفع ثمنه، لا تشتريه و قاطعه و ستبقى على قيد الحياة. شعب مؤهل للعبودية حين يسكت و يصمت أمام غلاء المعيشة و إرتفاع الأسعار.

  • رحماني نورالدين
    رحماني نورالدين منذ 6 أشهر

    الشعب الذي يسكت على قمعه و إبتزازه و نهب أمواله و ثرواث بلاده و يصمت أمام غلاء المعيشة و إرتفاع الأسعار مؤهل للعبودية، بدلا من البكاء و النواح على إرتفاع سعر منتوج إستهلاكي، قاطعه و لا تشتريه فسوف تبقى على قيد الحياة ، و إنتظر حتى يصبح ثمنه في متنوالك. إنتهى الكلام.

  • محمد جبري
    محمد جبري منذ 6 أشهر

    لا يزال رخيصا ما دام مازال كيشريوه المرارة باش ايبنجوه في حواناهم. خاص حتى المرارة ما ايقدروش ايشريوه ولهذا خاص الشعب ايقاطع اكل اللحوم. الحمد لله القصة راها موجودة وصالح للحيوانات المرضى باكل اللحوم.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق