في ظل الأوضاع المعيشية الحالية التي تعرفها عديد من الأسر المغربية، خاصة الطبقة المتوسطة، يأتي صيف 2024 لينذر بـ”حرمان” عدد مهم منها من فرحة السفر.
وستكون الأسر المغربية على موعد مع “صيف حار” بعد دفع الثمن الغالي لأضحية العيد، وترقّب الدخول المدرسي القادم ومصاريفه المرتفعة، وهو ما يطوقها بـ”حصار من التكاليف المرهقة”، قد يجعل “حلم” السفر للاستراحة من تعب العمل طيلة السنة بعيد المنال.
وبحسب خبراء اقتصاديين فإن الوضعية “ستتأزم بالنسبة للأسر التي لجأت إلى قروض استهلاكية لشراء أضحية العيد”، إذ ستكون مجبرة على “أخذ قروض جديدة” في حالة رغبتها بالسفر هذا الصيف.
وكل سنة، تطرح إشكالية السفر بالنسبة لبعض الأسر المغربية خلال الصيف، بسبب حلول هذه الفترة بين عيد الأضحى والدخول المدرسي.
وفي المقابل، تطالب بعض جمعيات حماية المستهلك بتوفير مرافق خاصة للمبيت المجاني للأسر التي تريد قضاء فصل الصيف في مدن أخرى.
وقال خالد حمص، خبير اقتصادي، إن “المنطق الحالي يؤشر على عدم قدرة عدد مهم من الأسر المغربية على السفر وقضاء عطلة الصيف هذه السنة”.
وأورد حمص، أن الأسر التي تجعل من السفر خلال فصل الصيف “عادة” ستلجأ إلى جميع الطرق من أجل تحقيق هذه الرغبة، على غرار القروض الاستهلاكية، موضحا أن “الأسر التي أخذت هذه القروض لشراء عيد الأضحى وتريد واحدة جديدة لقضاء فصل الصيف، ستدخل مرحلة اقتصادية معيشية صعبة”.
واعتبر الخبير الاقتصادي عينه أن “هناك من الأسر من لجأت سابقا للادخار من أجل السفر، ما يعني أن صعوبة الوضعية المعيشية نتيجة الغلاء لن تمنع فئة من الأسر المغربية من السفر”، مستدركا بأن “المنطق الحالي يؤشر على أن الغالبية لا تستطيع قضاء فصل الصيف خارج مدينتها، وستكون مجبرة على الاستجمام قريبا من منزلها”.
وقالت المندوبية السامية للتخطيط إنه “خلال الفصل الرابع من سنة 2023 صرحت 9,6% مقابل 90,4% من الأسر بقدرتها على الادخار خلال 12 شهرا المقبلة”.
وبحسب المصدر عينه، فإن “قروض الاستهلاك بلغ سعر الفائدة المطبق عليها خلال الفصل المعني بالاستقصاء الرسمي معدلا قدره 7,18 في المائة، مُنخفِضة على أساس فصلي من 7,25 في المائة فصلا قبل ذلك؛ ولكن مُسجلة زيادة ملحوظة منذ نهاية 2022، بعد أن كانت 6,40 في المائة”.
وتتزامن هذه الإشكالية مع تجدد جدل أسعار السياحة الداخلية، إذ أكدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، “وجود خلل في العرض والطلب، خاصة في الصيف، حيث عدد الفنادق لا يلبي حجم الطلب المرتفع، الذي يبقى متمركزا في الوجهات نفسها”.
وبالنسبة لأحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، فإن “السفر خلال صيف هذه السنة غير مطروح لدى الأسر المغربية نتيجة الأوضاع المعيشية”.
وأورد بيوض أن “الأسر المغربية ما تزال تصطدم بأسعار السياحة الداخلية المرتفعة، وتكاليف عيد الأضحى المرهقة، وشبح الدخول المدرسي”.
ونادى المدافع عن المستهلك المغربي بـ”توفير مرافق للمبيت المجاني خاصة بالأسر من أجل تشجيعها على قضاء عطلة فصل الصيف”، لأن ذلك، بحسبه، “حل واقعي في ظل الظرفية الحالية، والمستهلك المغربي لا يمكنه أداء مبالغ خيالية للمبيت، بعد شراء أضحية العيد، ثم بعدها أداء تكاليف الدخول المدرسي”.
وأكد بيوض أن شراء أضحية عيد الأضحى وحدها سيضع الأسر المغربية في وضعية اقتصادية صعبة، وبالتالي ستنتظر “ضربة الدخول المدرسي” التي لم تعد تختلف صعوبتها بين العمومي والخاص، وهو ما يجعل “قضاء فصل الصيف خيارا بعيدا”.