المغاربة يواصلون توجيه الضربات القاسية لأبناكهم؟

28 أكتوبر 2024آخر تحديث :
المغاربة يواصلون توجيه الضربات القاسية لأبناكهم؟

واصل طلب المغاربة على الأوراق والقطع النقدية “الكاش”، خلال السنة الماضية، ارتفاعه؛ وهو ما فاقم حجم خسائر الاقتصاد الوطني عن تنامي رواج وسيلة الأداء المذكورة.

وأفادت الإحصائيات الواردة ضمن التقرير السنوي حول البنيات التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء ومراقبتها والشمول المالي، الصادر عن بنك المغرب، بأن قيمة هذا الرواج بلغت 412.8 مليارات درهم، بزيادة سنوية قدرها 11 في المائة، علما أن المبلغ مرشح لتحقيق مستوى قياسي بنهاية السنة الجارية، وسط تحذيرات متواصل من قبل عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، حول مخاطر وتأثيرات الظاهرة النقدية وضرورة إيجاد حلول استعجالية لاحتوائها.

من حيث المبدأ، إذا كانت عمليات الأداء النقدي اليومية المنجزة من قبل المغاربة مجانية، فإن مرورها خارج القنوات البنكية يكلف البنوك حوالي 10 مليارات درهم سنويا؛ ما يثير التساؤل حول مساهمة وسائل الأداء الإلكترونية، التي تعددت خلال السنوات الماضية، في الحد من تنامي رواج المعاملات بـ”الكاش”؟، خصوصا ما يتعلق بالأداء بواسطة الهاتف المحمول أو المحفظة الإلكترونية “إم والت” (M-Wallet).

وفي هذا الصدد، أكد التقرير الجديد لبنك المغرب أن المعاملات عبر القناة المذكورة لا تمثل من حيث الحجم سوى 2 في المائة من إجمالي وسائل الأداء المختلفة (الشيكات والكمبيالات والتحويلات والاقتطاعات وغيرها). أما من حيث القيمة، فإن هذه الوسيلة تظل أقل أهمية، شأنها شأن التحويلات الفورية، رغم تزايد الاعتماد على التكنولوجيا المالية في تسهيل حلول الأداء.

وفي الوقت الذي لا يزال نحو نصف البالغين المقيمين في المغرب بدون حساب بنكي، وفقا للتقرير حول بنية الأسواق المالية، فإن معدل امتلاك الحسابات البنكية عند 54 في المائة بنهاية السنة الماضية، مقارنة بـ53 في المائة في 2022؛ ما يعني أن 46 في المائة من المغاربة ما يزالون خارج النظام البنكي.

وأكدت الوثيقة ذاتها استمرار وتيرة نمو الأداء عبر الهاتف المحمول ببطء، حيث ظلت عمليات الشراء عبر هذا الوسيط محدودة، رغم الزيادة الكبيرة في عدد عروض المحافظ الإلكترونية بالسوق، الذي وصل إلى 20 محفظة؛ بينها 12 صادرة عن مؤسسات الأداء.

ضعف الثقة
وفقا للمعطيات الواردة في التقرير السنوي حول البنيات التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء ومراقبتها والشمول المالي، فإن العدد الإجمالي للمعاملات غير النقدية بلغ 492 مليون عملية خلال سنة، محققا زيادة بنسبة 18 في المائة مقارنة مع 2022؛ فيما استمرت المعاملات بالشيكات والتحويلات البنكية في السيطرة على المشهد المالي. في حين أظهر استخدام “المحافظ الإلكترونية” محدودية، من خلال الاطلاع على سلوكات زبائن البنوك ومؤسسات الأداء، حيث يفضل أغلبهم استخدام وسيلة الأداء المذكورة لتسديد قيمة الفواتير بدلا من الشراء.

محمد موساوي، خبير في الهندسة المالية، أوضح أنه “رغم توفر الحلول التكنولوجية وتوسع نطاق المحافظ الإلكترونية، فإن ضعف الوعي الرقمي والاعتماد العميق على الأوراق النقدية في الحياة اليومية يشكلان حاجزا أمام التحول الرقمي الكامل”.

وشدد موساوي، على ضرورة توسيع نطاق الوعي بمزايا الأداء عبر الهاتف المحمول، بالإضافة إلى بناء الثقة في المنظومة الرقمية، حيث اعتبرها أساسية لتغيير عادات الاستهلاك المالي لدى المغاربة. كما شدد على أن “إدماج شرائح غير بنكية في المعاملات المالية الرقمية يحتاج إلى سياسة تحفيزية قوية، تتضمن عروض تشجيعية لتوسيع قاعدة المستخدمين”.

وأضاف الخبير في الهندسة المالية أن أحد العوائق الرئيسية التي تسهم في إبطاء تطور وتيرة الأداء عبر الهاتف المحمول هي نسبة عدم استبناك البالغين، والتي تظل مرتفعة عند 46 في المائة.

وأكد المتحدث عينه أن الارتفاع الطفيف لنسبة امتلاك الحسابات البنكية إلى 54 في المائة خلال السنة الماضية مقابل 53 في المائة في 2022، لم يساهم، وفقا لتقرير بنك المغرب الأخير، في تحفيز النمو الكافي لتعزيز الشمول المالي المطلوب لاعتماد وسائل الأداء الرقمية.

في السياق ذاته، أوضح موساوي أن “شريحة كبيرة من السكان خارج النظام البنكي؛ ما يعوق الاستفادة من حلول الأداء عبر الهاتف، ويتطلب ذلك حلولا مرنة للمحافظ الإلكترونية التي لا تعتمد على حساب بنكي”.

الأداء بالهاتف
كشفت الإحصائيات الجديدة، أيضا، عن اختلافات في استغلال “إم والت” بين المستخدمين، حيث يفضل زبائن البنوك التحويلات البنكية بنسبة 56 في المائة، يليها السحب من الشبابيك الأوتوماتيكية بنسبة 28 في المائة؛ في حين تشكل عمليات أداء الفواتير 15 في المائة. وفي المقابل، يركز زبائن مؤسسات الأداء على الفواتير بنسبة 70 في المائة، بينما تشكل التحويلات 27 في المائة؛ وهو التباين الذي يعكس استراتيجيات مختلفة، حيث تراهن المجموعات البنكية على توفير خدمات مالية شاملة، بينما تتوجه مؤسسات الأداء إلى تسهيل المدفوعات الروتينية.

وبالنسبة إلى محسن معروفي، المستشار المالي المتخصص في المعاملات البنكية ووسائل الأداء، فإن المجموعات البنكية ومؤسسات الأداء تتخذ استراتيجيات مختلفة أدت إلى توجيه الزبائن بشكل كبير نحو المدفوعات الروتينية كالفواتير، بدلا من تشجيعهم على الشراء عبر الهاتف.

وفي الإطار نفسه، أوضح معروفي، أن “البنوك ومؤسسات الأداء تتمتع بمزايا كبيرة لتعزيز استخدام المحافظ الإلكترونية في عمليات الشراء اليومي؛ لكن التركيز ما زال على خدمات التحويلات والسحب النقدي، في ظل التحديات التكنولوجية وثقافة المستخدم.

ونبه المستشار المالي المتخصص في المعاملات البنكية ووسائل الأداء، أيضا، إلى أن التركيز على مدفوعات الفواتير فقط يعكس غياب الحوافز على الشراء عبر المحمول؛ وهو ما يتطلب تدخلات استراتيجية لتغيير هذا الواقع.

وتابع معروفي أن “التوسع في استخدام المحافظ الإلكترونية في الشراء سيساهم في تقليل الاعتماد على النقد ويسرع من التحول الرقمي؛ لكن ذلك يستدعي من المؤسسات الائتمانية والمالية تقديم عروض مغرية، مثل التخفيضات عند الشراء عبر الهاتف، وتطوير خدمات تتناسب مع احتياجات الزبائن المختلفة”.

وشدد المتحدث عينه على ضرورة توفير بيئة محفزة وثقة مالية لتعزيز الشمول المالي، مشيرا إلى أن “الشراكة بين القطاعين العام والخاص تمثل حلا مثاليا لتوسيع الاعتماد على المحافظ الإلكترونية، وإطلاق حملات توعوية تسلط الضوء على سهولة وأمان الأداء عبر الهاتف المحمول”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات 10 تعليقات
  • يلاتمم
    يلاتمم منذ يومين

    ههههه السبب باين عدم التقة في الابناك لي ولا كايديو رزق العباد وملي يشكي يكب الما على كرشو ههههه

  • مواطن
    مواطن منذ يومين

    الابناك و الشركات لا تشجع على التعامل بالشيك.
    انا مثلا صاحب شركة. لا أحد من العملاء يقبل الدفع بالشيك، مما يجعلني مضطرا على التعامل بالكاش.
    الأولى ان تفرض الحكومة التعامل بالشيك قبل أن تجعل المواطن هو المخطئ

  • حمادة برنار
    حمادة برنار منذ يوم واحد

    يلزم اعطاء الزبناء ضمانات كافية من الابناك بخصوص التعامل بالرقمنة في العمليات المالية حيث هناك حالات نصب تطال حساباتهم وبالتالي يلزم منح ضمانات قانونية اولا الزبناء في حالة تعرض حسابتهم للإختراق والنصب

  • متابع مغربي
    متابع مغربي منذ 23 ساعة

    ما دامت الدولة تعطي الحق لمؤسساتها بالدخول لحسابات الزباءن والاقتطاع منها دون اذن صاحبه وبدون اذن قضائي. فإن الابناك تصبح غير أمينة على أموال الزبون وتنعدم التقة ويفضل المواطن الاحتفاظ بماله في منزله والتعامل مباشرة بالكاش ولن يستطيع احد الاقتطاع منه في منزله

  • عزيز عسال
    عزيز عسال منذ 22 ساعة

    يتزايد إقبال المغاربة على التعامل بالنقد رغم التنوع الكبير في وسائل الأداء الإلكتروني، ويعزى هذا التوجه إلى عدة عوامل، منها الجشع الملحوظ في سياسات البنوك التي تفرض تعريفة اقتطاعات غير مبررة على العمليات المصرفية، مما يزيد من الأعباء المالية على العملاء ويحد من تحفيزهم لاستخدام الخدمات الإلكترونية.

    من جهة أخرى، يساهم العديد من التجار والصيادلة في تكريس هذا التوجه النقدي؛ فرغم توفرهم على وسائل الدفع الإلكتروني عبر أجهزة الأداء (TPE)، إلا أن هذه الأجهزة غالبًا ما تبقى بعيدة عن أنظار الزبائن. يتجنب التجار إظهارها في محاولة لتفادي نسبة الاقتطاع البالغة 2٪ عن كل عملية تتم عبر البطاقة البنكية، مما يدفعهم للادعاء بأن الآلة “معطلة” أو رفض الدفع الإلكتروني ما لم يتجاوز مبلغ الشراء 100 درهم.

    بالتالي، فإن التعامل بالكاش في المغرب يعد مشكلة متعددة الأبعاد، مرتبطة بعقليات من جهة، وبممارسات جشعة من طرف بعض البنوك والتجار من جهة أخرى، مما يتطلب جهودًا لتحسين البنية التحتية الرقمية وتوعية الأطراف المعنية بأهمية اعتماد أساليب الأداء الحديثة.

  • زراق
    زراق منذ 21 ساعة

    يجب على الأطباء و الصيادلة التعامل بالبطاقة البنكية.

  • شرين
    شرين منذ 14 ساعة

    التعامل بالهاتف او عن طريق ت ب يكلف الشخص أموالا . فإذا اردتم ان نتعامل بذلك فيجب أن تكون فابور

  • شرين
    شرين منذ 14 ساعة

    التعامل بالهاتف او ت ب يكلف الشخص يجب ان تكون المعاملة فابور

  • ضائع إبن ضائع
    ضائع إبن ضائع منذ 13 ساعة

    سياسة مالية تعيد الناس إلى عصور مقايضة سلعة بسلعة.

    يحمد المرء الله ما دام فيه من يشتري بالكاش.

  • ابو ياسين
    ابو ياسين منذ ساعة واحدة

    على السي الجواهري مفراسوش الكونط عندي صفر درهم وكنخلص عليه الثامين و الاقتطاعات بالجملة وكنلقا فيه الناقص 500dh الى بغيت نفرسي فيه خصني الف تخميمة واش غتأمنوولي فصفر درهم لي فالكونط ماشي الطنز

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق