يطرح مشكل نقص التساقطات المطرية بالمغرب خلال السنة الجارية مخاوف كبيرة بخصوص الانعكاسات الاقتصادية المتوقعة، سيما على مستوى ارتفاع الأسعار ونسب التضخم، خاصة في ظل المعطيات التي كشفتها وزارة التجهيز والماء.
وكشف وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بداية الأسبوع، أن السنة الهيدرولوجية منذ فاتح شتنبر 2023 وإلى غاية 19 يناير الجاري، عرفت عجزا في التساقطات المطرية، قُدر بحوالي 70 بالمئة حيث تراوح تراكم هذه التساقطات ما بين 0.2 ملم بالداخلة و423 ملم بطنجة.
وأفاد بركة أن هذا الوضع انعكس سلبا على مستوى مخزون المياه في السدود، حيث لم تتجاوز نسبة ملء السدود يوم 19 يناير 2024، 23.2 بالمئة عوض 31.5 بالمئة في نفس التاريخ من السنة الماضية، مسجلا أن الواردات المائية بالسدود، لم تتعد 621 مليون م3، مما يشكل عجزا يقدر بـ84 بالمئة مقارنة بالمعدل السنوي للواردات لنفس الفترة.
الخبير الاقتصادي، مهدي فقير، أكد، أن الانعكاسات الاقتصادية لاستمرار الجفاف وندرة التساقطات المطرية “ستكون كارثية بكل المقاييس”، مشيرا إلى “ارتهان القيمة المضافة الفلاحية بالجفاف يجعل انخفاض الأمطار مؤثرا بشكل مباشر على انخفاض الإنتاج الفلاحي”.
وتابع فقير أن “المشكل الأكبر هو أن استمرار الجفاف يؤثر على منسوب الثقة العام على الصعيد المجتمعي والصعيد الاقتصادي، لأنه في الثقافة المغربية الازدهار مرتبط بالتساقطات المطرية”، مفيدا بأن “استمرار الجفاف يؤدي إلى الندرة وارتفاع موجة الغلاء إضافة إلى إشكالية كبيرة في العالم القروي فيما يخص التشغيل والهجرة القروية وتعمق إشكالات الهشاشة”.
وأفاد أن قطاع الفلاحة ليس مجرد قطاع بل هو صمام أمان وخزان لمنسوب الثقة في المناخ العام، ما يعني أن الجفاف سيكون له تأثير مباشر على غلاء المواد الغذائية وارتفاع نسب التضخم بحكم ما يسببه من عامل ندرة المنتوجات الفلاحية.
وشدد مهدي فقير على “ضرورة إعادة النظر في النموذج الاقتصادي، لكن هذا الأمر يحتاج إلى كثير من الوقت، وأخشى أننا لا نتوفر على الوقت الكافي”، مضيفا أن الحل في المرحلة الراهنة هو أن تجود علينا السماء بالتساقطات المطرية.
وذهب المتحدث إلى أن مشاريع تحلية المياه التي أطلقتها المملكة لن يكون لها تأثير مباشر على المدى القريب، موضحا أن هذه المشاريع ستستغرق كثيرا من الوقت.
وأوضح أن الحل الآني هو أن ننتظر الأمطار وأن نأمل تساقطات مطرية قريبا، لأن المشكل هيكلي في الاقتصاد المغربي ولا يمكن أن نتجاوزه بسهولة.
وحول دور استيراد المواد الفلاحية من الخارج في التغطية على العجز في الإنتاج الداخلي مع استمرار الجفاف، أفاد فقير أنه من “الناحية الرقمية الأمر ممكن لأن دور الاستيراد هو التغطية على العجز”، مؤكدا أن الاستيراد “يصبح ضرورة حتمية في حال الجفاف لأنه لن يكون بديلا حينها”.
من جانب آخر، وحول دعوات نشطاء إلى وقف تصدير المواد الفلاحية إلى الخارج، أوضح فقير أن المقاربة بهذا الشكل خاطئة لأن الأمور أعقد من ذلك، مؤكدا أن عدم التصدير يكون خيارا في حال عدم توفر الاكتفاء ووجود إشكالات عميقة، موضحا أن التصدير له منافعه ومساوئه.
وأوضح أم المطلوب هو القيام بإصلاحات هيكلية وفي حال إذا فرضت الظروف من الممكن اللجوء إلى الإجراءات الظرفية، مضيفا أن الدعوات إلى إيقاف التصدير بحجة أنها تصدير الماء تبقى مقاربات محدودة.
عذراً التعليقات مغلقة