المغرب يركز على هذه الدولة البعيدة لتعزيز قطاعه السياحي؟

22 أغسطس 2024آخر تحديث :
المغرب يركز على هذه الدولة البعيدة لتعزيز قطاعه السياحي؟

واضعا نصب عينيه مضاعفة حصته من السياح القادمين من الدول التي تتوفر على خزان بشري مهم وطبقة متوسطة بقدرة شرائية قوية، يستمر المغرب في تكثيف جهوده من أجل تعزيز جاذبية منتجه السياحي في الأسواق الواعدة تتقدمها السوق البرازيلية؛ آخرها مشاركة المكتب المغربي للسياحة في النسخة الثانية من معرض السياحة والسفر Travel Next Minas ، التي أقيمت بالبرازيل يومي 16 و17 غشت الجاري، في خطوة تأتي بعد ثلاثة أشهر من افتتاحه فرعه في ساو باولو، وقبل استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين الدار البيضاء والمدينة البرازيلية المرتقب مطلع دجنبر.

وأكد خبراء في السياحة أن جهود المغرب لاستهداف السوق البرازيلية تَعِد بفرص مغرية لقطاع السياحة بالمملكة؛ بالنظر إلى “ضخامة هذه السوق” مقارنة بالأسواق الأوروبية، وتوفرها على “طبقة متوسطة تنفق بقوة على السياحة إلى الخارج وتتطابق تفضيلاتها مع المؤهلات السياحية التي يتمتع بها المغرب”.

وأكد هؤلاء الخبراء أن “التوجه إلى السوق البرازيلية ينبغي أن يكون نقطة انطلاق نحو أسواق أمريكا الجنوبية وآسيا، بما يضمن مناعة القطاع السياحي من الآثار المرتقبة لتضرر القدرة الشرائية لمواطني الأسواق التقليدية الأوروبية على وجه الخصوص”.

فرص مغربية
جمال السعدي، الفاعل في القطاع السياحي، قال إن “استهداف السوق البرازيلية لم يعد خيارا بل ضرورة ملحة؛ لأن هذه السوق تعد بفرص مغرية للسياحة الوطنية، بالنظر إلى ثلاثة عوامل رئيسية، يتقدمها توفر البرازيل على خزان بشري مهم، إذ يفوق عدد سكانها أكثر من 200 مليون نسمة. أما العامل الثاني فهو كون هذه الدولة من الدول النامية المتطورة التي نجحت في السنوات الأخيرة في توسيع الطبقة المتوسطة وتوسيع قدرتها الشرائية بما مكن من مضاعفة إنفاقها على الترفيه خاصة السياحة إلى الخارج”.

وأضاف السعدي، “أن ثالث العوامل يكمن في أن توجهات السياح البرازيليين تتماهى مع المؤهلات السياحية التي يتمتع بها المغرب؛ فهم على غرار جيرانهم الأرجنتينين لديهم الكفاية من السياحة الساحلية، ويفضلون بالأساس زيارة المناطق الصحراوية بغرض التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة غير المصحوبة بنسب عالية من الرطوبة كما هو الحال في المناطق التي يسود فيها المناخ الاستوائي، والاستمتاع بالمناظر بالتظاهرات الرياضية التي تقام بها على غرار ماراثونات الرمال، كما يمارسون بكثرة السياحة الثقافية بغرض استكشاف أنماط عيش السكان والمآثر التاريخية ومختلف المعالم السياحية”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “افتتاح المكتب المغربي للسياحة أخيرا فرعا بالبرازيل، وتكثيفه من الحضور في المعارض السياحية المقامة بهذا البلد، وحرصه على تنظيم رحلات دورية للمؤثرين البرازيليين إلى الوجهات السياحية الجذابة بالمملكة، كلها خطوات تقرّب المغرب من هدف استقطاب 100 ألف سائح برازيلي سنويا خلال السنوات المقبلة”؛ إلا أنه شدد على الحاجة إلى “رفع الميزانية المرصودة للمكتب لتحقيق هذا الهدف؛ لأن 50 في المائة منها تذهب لسداد أجور الموظفين، فيما بالكاد تكفي الـ50 في المائة المتبقية لتسويق المنتوج السياحي في الأسواق التقليدية الأوروبية”.

وإلى جوار تحدي نقص الميزانية الذي يجعل المكتب غير قادر على المبالغ الباهظة التي يتطلبها الإشهار بالبرازيل، أشار السعدي إلى أن “تواضع أعداد المغاربة المقيمين بالبرازيل مقارنة بالدول الأوروبية سيطرح تحدي نسبة الملء الضعيفة في الرحلات المباشرة بين الدار البيضاء وساو باولو؛ وهو ما يستلزم من الخطوط الجوية الملكية عقد شراكات مع وكالات الأسفار من أجل نقل السياح البرازيليين المتوجهين إلى دول أخرى أو غيرهم من المستخدمين الأفارقة بالبرازيل الراغبين في التوجه إلى بلدانهم”.

مناعة ونقطة انطلاق
حميد بن الطاهر، رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة، عدّ أن “استهداف الفاعل السياحي للبرازيل هو استهداف قارة؛ لأن الدولة الأمريكية الجنوبية تضم أكثر من 200 مليون نسمة، فضلا عن انتماء نسبة مهمة من السكان البرازيليين إلى طبقتين متوسطة وغنية أصبحتا تزاحمان بقوة على السفر إلى أهم الوجهات السياحية الجذابة”، مسجلا أن “البرازيل يجب أن تكون فقط نقطة الانطلاق نحو الأسواق الواعدة في أمريكا الجنوبية؛ كالسوقين الأرجنتينية والمكسيكية، موازاة مع استهداف أسواق آسيا على غرار الهند والصين”.

وأكد بن الطاهر، “سعي المغرب إلى ضمان حصته من كافة الأسواق السياحية المذكورة، رغبة منه في عدم رمي بيضه في سلة واحدة وتقوية مناعة القطاع السياحي الوطني لضمان السياحة المستدامة، خاصة مع تضرر القدرة الشرائية للمواطنين الأوروبيين المنتمين إلى الطبقة المتوسطة في الأسواق التقليدية على غرار إسبانيا وفرنسا، بفعل موجات الغلاء في المواد الأساسية والأزمات التي تعرفها القارة الأوروبية”.

وبالعودة إلى أهمية مضاعفة استقطاب السياح البرازيليين بالأساس، أكد رئيس الكونفدرالية الوطنية للسياحة أن “تضافر المغرب بالمؤهلات السياحية الثقافية التي تغري السياح البرازيليين والتقارب الاقتصادي بين المملكة والبرازيل، لا سيما على مستوى تسهيل الاستثمارات بين البلدين، يعدان بتحول البرازيلي الذي يزور المغرب من مجرد سائح إلى مستثمر في القطاع السياحي؛ وهو ما يعني أن استقطابه لن يستفيد منه الفاعلون السياحيون ومهنيو السياحة فحسب، بل أيضا الشباب العاطل الراغب في ولوج القطاع، فضلا عن العوائد الضريبية التي ستجنيها الدولة من استثماره”.

وخلافا لما ذهب إليه السعدي في تصريحه، اعتبر حميد بن الطاهر أن “الخط المباشر بين الدار البيضاء وساو باولو كان يعرف إقبالا كبيرا، ولو كان الوضع خلاف ذلك لما أعلنت الخطوط الجوية الملكية إعادته مطلع دجنبر المقبل”، مشددا في المقابل على ضرورة مضاعفة عدد رحلات هذا الخط؛ لأن “الأرقام تبين السياح القادمين من الأسواق البعيدة، وضمنها البرازيل، غالبا ما يقيمون فترة طويلة داخل المملكة لا تقل عن الأسبوع بغرض استكشاف أكثر من وجهة؛ وهو ما يعد باستفادة الفاعلين السياحيين في مختلف الوجهات السياحية من قدوم هؤلاء السياح إلى المملكة”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق