ردود فعل مختلفة ومتباينة تلك التي خلفتها الأنباء المتواترة خلال الفترة الأخيرة بخصوص استمرار المغرب في اعتماد عملية الاستمطار الصناعي عبر تلقيح السحب، خصوصا بعد أن روّجت منابر إعلامية إسبانية لإمكانية مساهمة ذلك في الإضرار بالمناخ والطقس بالمملكة الإيبيرية.
ويواصل المغرب اعتماد هذه التقنية، بالموازاة مع اعتماده مختلف التقنيات الأخرى التي تهم تدبير الموارد المائية بالمملكة وتداعيات الجفاف؛ بما فيها تحلية مياه البحر وتقنية الربط بين الأحواض المائية عبر الطرق السيارة المائية، إلى جانب تشييد السدود؛ وهي تقنيات أُعيد التأكيد عليها خلال خطاب عيد العرش الأخير.
وحسب المعطيات التي وفرتها مديرية الأرصاد الجوية لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن الاستمطار الصناعي بالمغرب يندرج في إطار “برنامج غيث” الذي أطلق سنة 1984 بعد الجفاف الذي عرفته المملكة ما بين 1979 و1983، حيث مر بثلاث مراحل؛ بداية بالتجريب خلال سنواته الخمس الأولى، ثم مرحلة التقييم والتأكيد ما بين 1990 و1995، قبل العمل بها رسميا منذ سنة 1996.
“برنامج مهم”
أكدت معطيات الأرصاد الجوية التابعة لوزارة التجهيز والماء أهمية “برنامج غيث” لآثاره على جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، بما استدعى تشكيل لجنة وطنية عليا لتنسيق البرنامج، تتكون من الدرك الملكي والقوات الملكية الجوية والإدارة الوطنية للدفاع ووزارة الداخلية والتجهيز والماء الممثلة بالمديرية العامة للأرصاد الوطنية.
وأوضحت المعطيات ذاتها، التي توصلت بها هسبريس، أن “المغرب يستعين في هذا الإطار بطائرتين لتلقيح السحب؛ بما فيها طائرة مختبر King Air 200 الخاصة بتلقيح السحب الطبقية باستعمال خرطوشات مكونة من الملح أو نترات الفضة، إذ تتوفر هذه الطائرة على مستشعرات لرصد المعطيات الجوية والخصائص الميكروفيزيائية للسحب لتحسين عملية التلقيح، وطائرة Alpha jet تُستخدم لتلقيح السحب الركامية.
ونجد ضمن إفادات مديرية الأرصاد الجوية بخصوص الموضوع أنه “يتم استعمال مواقع أرضية كذلك في هذه العملية من خلال 20 موقعا أرضيا بالتراب الوطني، حيث تم تجهيز هذه المواقع العشرين بمُولدات أرضية لتلقيح السحب تتوزع على ثلاثة مراكز، بما فيها بني ملال وأزيلال والحاجب”.
وفي تفسيرها لطريقة سير العملية، أضافت المديرية: “يتم تنفيذ التدخلات في هذه المواقع عبر 20 مولدا على الأرض، بالإضافة إلى 3 مولدات متنقلة تُستخدم بشكل متفرق للتدخلات الخاصة بعد تثبيت هذه المولدات على الأرض بالمرتفعات الجبلية والتي تعتمد على مزيج يحتوي على يوديد الفضة ينتشر في الهواء أو تنقله التيارات الصاعدة نحو السحب”.
“نحو توسيع التجربة”
كما بيّن المصدر ذاته لهسبريس أنه تم “وضع كل الوسائل اللازمة تحت تصرف “برنامج غيث”، من شبكة كثيفة من المحطات الرصدية السينوبتيكية والأوتوماتكية إلى جانب نماذج رقمية دقيقة تصل دقتها إلى 1,5 كيلومترات على مستوى البلاد، فضلا عن شبكة رادارات تغطي تدخل البرنامج وكذا بيانات الأقمار الصناعية ومحطة متنقلة لاستقبال بيانات الأقمار الصناعية”.
في السياق نفسه دائما أشارت المديرية المكلفة بشؤون الرصد الجوي بالمغرب إلى أنه، “ابتداء من هذه السنة، تم تمديد فترة عمليات تلقيح السحب على طول السنة، حيث تخضع عملية الاستمطار الصناعي في إطار “برنامج غيث” لبرنامج علمي دقيق وبمعايير عالمية عن طريق مراقبة الحالة الجوية وتحليليها بدقة، مع اجتناب عملية التلقيح في الحالات القصوى التي من الممكن أن تشكل خطورة”، مبينة أنه “لم يتم تلقيح السحب خلال الحالات الجوية التي عرفتها مناطق الأطلس والسفوح الجنوبية الشرقية خلال هذا الشهر”.
كما تمسكت المؤسسة ذاتها بـ”برنامج غيث”، إذ أفادت بأنه “يهدف على زيادة التساقطات المطرية والثلجية وتعزيز الأمن المائي ودعم القطاع الفلاحي وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتخفيف من آثار الجفاف نظرا لمشكلة نقص الماء”.
ولم تغفل المديرية، التأكيد على أنه “بناء على الاتفاقية الموقعة بين وزارات التجهيز والفلاحة والداخلية والمالية وإدارة الدفاع الوطني والدرك الملكي، وفي إطار التخفيف من آثار الجفاف، يرتقب توسيع المجال الجغرافي للمراكز الأرضية بإنشاء أربعة مراكز أخرى و24 موقعا في كل من مناطق تازة وخنيفرة وتانسيفت وسوس، بما سيتيح تعميم التدخلات على جميع سلاسل جبال الأطلس في البلاد، مع تمديد فترة تلقيح السحب على طول السنة للاستفادة من مختلف الحالات المواتية”.