منذ أن وافق الاتحاد الأوروبي في عام 2012 على توقيع اتفاقية التجارة الزراعية مع المغرب، انهارت زراعة الطماطم الطازجة في إسبانيا.
ففي السنوات العشر الأخيرة وحدها، يكشف تقرير لصحيفة “ABC”، أن الإنتاج انخفض بنسبة 30.71٪، بينما تراجعت الصادرات – التي يذهب 87٪ منها إلى الاتحاد الأوروبي (وفقًا لبيانات 2023) – بنسبة 38.73٪.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت صادرات المغرب من الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي من 345 ألف طنًا في عام 2014 إلى 492 ألف طنًا في عام 2023 (+42.5٪)، وهو العام الذي تجاوز فيه المغرب إسبانيا ليصبح ثاني أكبر مصدر لهذا المنتج إلى الاتحاد الأوروبي، بعد هولندا.
من الواضح أن الانهيار الذي أصاب قطاع الطماطم الإسباني مرتبط مباشرة بفتح التجارة الحرة مع المغرب، حيث يتنافس البلدان على نفس المنتج في نفس السوق ولكن في ظروف غير متكافئة (من حيث الأجور، الضرائب، المتطلبات البيئية والصحية، إلخ)، وفق ذات الصحيفة.
القضية لا تزال قيد الجدل داخل إسبانيا، خاصة بعد أن قامت المفوضية الأوروبية في دجنبر 2024 بتسريع توقيع اتفاقية تجارة حرة أخرى، هذه المرة مع دول تكتل “ميركوسور”، والتي تواجه أيضًا معارضة شديدة من المزارعين الأوروبيين.
لفهم هذه القضية، يجب توضيح ما تم الاتفاق عليه في عام 2012. وفقًا للاتفاقية، يمكن للمغرب تصدير 285 ألف طن من الطماطم الطازجة سنويًا إلى أوروبا دون رسوم جمركية، ولكن فقط في الفترة ما بين فاتح مايو و31 أكتوبر، وبشرط ألا يقل سعر الطن عن 46 سنتًا للكيلوغرام الواحد.
لكن بحسب تصريحات خوان خيسوس لارا، رئيس لجنة الطماطم، وهو ما يؤكده أيضًا أندريس غونغورا، المتحدث باسم منظمة المزارعين الإسبان، ودوري بلانكي من جمعية المزارعين “Asaja”، فإن أسعار الطماطم المغربية في الأسواق الأوروبية لا تتماشى مع الحد الأدنى المطلوب (0.46 يورو للكيلوغرام).
وليس ذلك غريبًا، حيث تُظهر بيانات منظمة الفاو التي نقلها موقع “Hortoinfo” أنه في عام 2021، حصل المنتجون المغاربة على متوسط 23 سنتًا للكيلوغرام، وهو أقل مما كانوا يتقاضونه في عام 2012 (0.25 يورو).
بل إنه في عام 2015، كشفت حكومة الأندلس عن دخول 10 آلاف طنًا من الطماطم المغربية إلى إسبانيا بسعر أقل من 44 سنتًا للكيلوغرام، وذلك خلال فترة 15 يومًا فقط.
وفقًا لما صرح به أندريس غونغورا لصحيفة “ABC”، لا تزال هذه الأسعار شائعة في سوق بيربينيا الفرنسي الذي يعادل سوق “ميركا مدريد” في إسبانيا.
وبحسب مصادر في القطاع، يعود أحد أسباب هذا الخلل إلى طريقة احتساب الأسعار عند الدخول، حيث لا تفرق بشكل كافٍ بين الأنواع المختلفة، مما يسمح بأن يتم التلاعب بالأسعار عبر مزج طماطم “شيري” باهظة الثمن مع أنواع أخرى أقل تكلفة.
كما أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في التأخير المفرط في جمع المعلومات، حيث يستغرق الأمر أكثر من شهرين حتى تجمع الجمارك في دول الاتحاد الأوروبي البيانات وترسلها إلى السلطات المختصة، مما يتيح دخول كميات إضافية بلا رسوم جمركية بعد تجاوز الحصة المقررة.
وقد أعدت المنظمة الفلاحية الإسبانية “Coag” تقريرًا يقدر أن الاتحاد الأوروبي خسر 71.7 مليون يورو في الإيرادات الجمركية على مدى السنوات الخمس الماضية بسبب هذه الثغرات.
ومع ذلك، لا تزال هذه البيانات تقديرية، حيث تدعي كل من مؤسستي “Asaja” و”Coag” أنهما طلبتا مرارًا من وزارة الزراعة الإسبانية بيانات التسويات الجمركية دون جدوى.
إقرأ ايضاً
