في تقرير مطول نشره موقع “issues.fr” الفرنسي تطرق إلى مشروع المغرب الطموح المعروف بـ”طريق الماء”، الذي يهدف إلى نقل فائض مياه نهر سبو نحو المدن الكبرى كالعاصمة الرباط والدار البيضاء. يأتي هذا المشروع في إطار جهود المملكة لمعالجة أزمة المياه المتفاقمة التي تواجهها البلاد.
حتى الآن، بلغت تكلفة المشروع حوالي 728 مليون دولار (ما يعادل 728 مليار سنتيم). وعلى الرغم من أن المشروع ساهم بشكل كبير في توفير المياه لملايين السكان، إلا أنه يثير أسئلة حيوية حول استدامته، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والجفاف المستمر للعام السادس على التوالي.
يعاني المغرب من تفاوت ملحوظ في توزيع موارده المائية، حيث تتلقى نسبة صغيرة من مساحته الإجمالية حوالي 53% من هطول الأمطار. هذا التوزيع غير المتكافئ جعل خيار نقل المياه من الشمال إلى الجنوب حلاً اضطراريًا، لكنه بلا شك محفوف بالتحديات.
بحسب المحجوب لحرش، المدير الجهوي للفلاحة بمنطقة الرباط-سلا-القنيطرة، فإن تحويل الفائض المائي من نهر سبو ساهم في تجنيب نحو 12 مليون شخص خطر العطش. وكان هذا التدخل تحديدًا ذو أهمية كبيرة بعدما كادت العاصمة الرباط والمناطق المحيطة بها تواجه أزمة مياه حادة نهاية العام الماضي.
لكن، وعلى الرغم من هذا النجاح، يظل المشروع محاطًا بالقلق فيما يتعلق بقدرته على الاستمرار في ضخ الفائض المائي مستقبلًا. التغير المناخي أدى إلى تقلص هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 75% مقارنة بالمعدلات التاريخية المعتادة، كما شهدت المملكة ارتفاعًا في درجة الحرارة بمعدل 1.8 درجة مئوية خلال العام الماضي فقط. هذه العوامل تعني زيادة كبيرة في معدلات التبخر والضغط على الموارد المائية المتوفرة.
إقرأ ايضاً
من جهته، حذر الباحث في المناخ والمياه نبيل المقيد من أن الأحواض المائية الشمالية، التي تشكل اليوم مصدرًا للفائض الذي يُنقل إلى المدن الكبرى، قد تكون أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية مستقبلًا مقارنة بالمناطق الجنوبية. هذا ما قد يجعل ما يعتبر فائضًا مائيًا اليوم غير متاح في المستقبل القريب.
ويُعَدّ قطاع الفلاحة أحد أبرز المجالات التي تتسبب في استنزاف المياه نتيجة استهلاكه الكبير. لذلك، دعا الخبراء إلى ضرورة تبني تقنيات ري متطورة وأكثر كفاءة، مشددين على أن مشروع “طريق الماء” وحده لا يمكن أن يكون الحل الكامل للأزمة. وأوصوا بتضمين هذا المشروع ضمن استراتيجية أشمل تتضمن الاستثمار في تقنيات تحلية المياه، لضمان استدامة الموارد وتلبية احتياجات المدن الكبرى.
في ختام التقرير، أُكد على أن نجاح مشروع “طريق الماء” رغم أهميته وفعاليته الحالية يجب أن يتكامل مع رؤية استراتيجية طويلة الأمد تضع حلولًا مرنة ومستدامة للتحديات المناخية وتضمن تأمين الموارد المائية للأجيال القادمة. التغيير المناخي أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله، والاستعداد له أمر لا مفر منه.
