أريفينو.نت/خاص
تتوالى التقارير المفصلة من مصالح الشؤون العامة على المصالح المركزية لوزارة الداخلية، مشيرة إلى تورط رؤساء جماعات ترابية بمحافظات تقع ضمن جهات الدار البيضاء-سطات، ومراكش-آسفي، والرباط-سلا-القنيطرة، في ممارسات مشبوهة. وتشمل هذه الممارسات، وفقاً للمعلومات المتوفرة، قيام هؤلاء الرؤساء بكراء سيارات على نفقتهم الشخصية لفائدة مستشارين جماعيين، سواء من الأغلبية أو المعارضة، بالإضافة إلى تقديم مبالغ مالية لمنتخبين آخرين “تحت الطاولة”، خارج أي إطار قانوني.
وتربط التقارير المذكورة، حسب مصادر إعلامية مطلعة، هذه المبادرات برغبة الرؤساء المعنيين في استباق دورات شهر مايو العادية، بهدف تهدئة التوترات داخل صفوف المعارضة وتمرير عدد من النقاط المدرجة في جداول الأعمال. ويُشتبه في أن العديد من هذه القرارات تحمل طابعاً انتخابياً أو تخدم أغراضاً شخصية بحتة، مع اقتراب نهاية النصف الثاني من ولايتهم واقتراب موعد انتخابات 2026.
وتندرج هذه التحركات، وفقاً للمصادر ذاتها، ضمن استراتيجية تهدف إلى نزع فتيل طلبات إقالة قيد الإعداد، يرفعها نواب للرئيس وأعضاء من الأغلبية والمعارضة على حد سواء، استناداً إلى المادة 70 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بتنظيم الجماعات الترابية. وتنص هذه المادة على أنه “بعد مرور ثلاث سنوات من بداية ولاية المجلس، يمكن لثلثي الأعضاء المزاولين لمهامهم طلب إقالة الرئيس”، مع التوضيح بأن “هذا الطلب لا يمكن تقديمه إلا مرة واحدة خلال مدة الولاية”.
وتشير التقارير أيضاً إلى أن بعض الرؤساء، المتابعين حالياً أمام القضاء، يحاولون حشد أكبر عدد ممكن من المستشارين للتغطية على الاختلالات الموثقة ضدهم ولمواجهة أي محاولة استغلال سياسي من قبل خصومهم. وتندرج هذه المناورات فيما وصفته المصادر بـ”حملة انتخابية مبكرة” بدأت منذ اختتام دورات أكتوبر الماضي.
كما تكشف الوثائق ذاتها أن عدة رؤساء يستعدون لاستغلال دورات هذا الشهر العادية لتمرير قرارات تصحيحية تتعلق بخروقات تم رصدها في تقارير سابقة صادرة عن لجان المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجالس الجهوية للحسابات، والتي قامت بزيارات تفتيشية لجماعاتهم خلال السنوات الأخيرة.
إقرأ ايضاً
وبحسب المصادر المطلعة، فإن دوافع هؤلاء الرؤساء تتجاوز مجرد الرغبة في حماية مناصبهم من طلبات عزل أو إقالة محتملة. يتعلق الأمر أيضاً بإطلاق حملاتهم الانتخابية بشكل مسبق، عبر الإفراج عن قرارات ظلت “مجمدة” لعدة سنوات، وكان يتم رفض إدراجها بشكل منهجي في جداول أعمال الدورات العادية والاستثنائية. وتتعلق هذه القرارات بشكل خاص بمشاريع ذات تأثير اجتماعي قوي، مثل الربط بشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتطوير البنى التحتية والخدمات الأساسية.
وعلاوة على ذلك، كانت تقارير سابقة صادرة عن لجان تفتيش مركزية تابعة لوزارة الداخلية قد سلطت الضوء بالفعل على تورط بعض الرؤساء في مناورات منسقة، بالتواطؤ مع منعشين عقاريين، لتحويل مشاريع عامة لتهيئة البنى التحتية – خاصة الإنارة العمومية والطرق وشبكات الماء والكهرباء – لفائدة مناطق محددة. وتشمل هذه المناطق أراضي قاموا بتقسيمها مسبقاً بعد استفادتهم من تعديلات مشبوهة في تصاميم التهيئة، أعادت تصنيفها كمناطق صناعية أو سكنية، مما سمح برفع قيمتها العقارية بشكل كبير قبل طرحها في السوق وتحقيق أرباح طائلة.
وتشير تقارير مصالح الشؤون العامة، وفقاً لمصادر إعلامية مطلعة، إلى الاستخدام المفرط من قبل بعض رؤساء الجماعات لوصولات المحروقات (غازوال)، التي تم توزيعها على أعضاء في المجلس لا يحق لهم الاستفادة منها، مما تسبب في تبذير كبير لموارد الميزانية. كما تلاحظ هذه التقارير أن بعض الرؤساء استخدموا هذه الوصولات لأغراض الزبونية السياسية والانتخابية، بهدف استقطاب الدعم داخل مجالسهم. ويسود الغموض أيضاً حول بيانات سجلات استهلاك الغازوال، بما يتناقض بشكل صارخ مع التوجيهات الصادرة عن المصالح المركزية لوزارة الداخلية. ويزداد هذا الغموض إثارة للقلق مع تسارع وتيرة اللجوء غير المبرر لوصولات الطلب في الآونة الأخيرة، سواء من قبل رؤساء سابقين أو حاليين.
