في خضم تحقيقات مستمرة وموسعة، شرعت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية في فضح شبكات تبييض الأموال من خلال مشاريع “فضاءات المكاتب” أو ما يُعرف بـ Plateaux bureaux. تأتي هذه التحقيقات استنادًا إلى تصريحات جديدة مقدمة من وكلاء عقاريين أثارت الشكوك حول أنشطة استثمارية تتركز أساسًا في الدار البيضاء ومراكش.
تركز التحقيقات بشكل خاص على الروابط بين هذه المشاريع العقارية ومستثمرين، بينهم مغاربة من الجالية المقيمة بالخارج، لم يُعرف عنهم سابقًا المشاركة في النشاط العقاري. وقد وجدت الأبحاث أن بعض هؤلاء المستثمرين اقتصر نشاطهم السابق على أعمال تجارية بسيطة، ما يثير التعجب بشأن قدرتهم على جمع وتمويل رؤوس الأموال المستخدمة في هذه المشاريع.
المثير للاهتمام أن التحقيقات الأولية حول مشاريع “فضاءات مكاتب” في مناطق منتقاة من الدار البيضاء أظهرت أنها أُنجزت دون الاعتماد على أي قروض بنكية أو تمويلات خارجية. زاد هذا الوضع من شكوك المراقبين ودفعهم إلى تعقب هوية مديري ومساهمي الشركات المالكة للمشاريع. تبين أن هؤلاء المؤسسين أنشأوا شركات موازية لإدارة الأصول العقارية المعدة للإيجار، مع تسجيل حركة مالية مرتفعة في حساباتهم البنكية، رغم عدم بلوغ نسبة التأجير مستوى 50%. كما اكتشفت تضخمًا في واجبات الإيجار المدفوعة لحسابات الشركات.
هذه الشكوك دفعت إلى تسليط الضوء على مهن وأنشطة أصحاب “فضاءات المكاتب”، وتوجيه الأبحاث نحو علاقاتهم بأشخاص يمارسون أنشطة غير قانونية، مثل الاتجار في المخدرات وتهريب العملة. ومن خلال تحليلات متقدمة، اتضح أن بعض المساهمين لا يمتلكون خلفية قوية أو خبرة كافية في مجال العقارات والإنعاش والبناء. ومع ذلك، لجأوا إلى خدمات مكاتب محاسبة محترفة والتزموا بدقة بالإجراءات الضريبية، في محاولات لتضليل الرقابة المالية.
إقرأ ايضاً
كشفت الهيئة الوطنية عن إحالة 54 ملفًا يتعلق بجرائم غسل الأموال والتمويل الإرهابي إلى وكلاء النيابة العامة في مختلف المناطق، ما يمثل زيادة سنوية ملحوظة. كما وردت إلى مصالح الهيئة خلال عام واحد فقط 5171 تصريحًا بالاشتباه، مما يعكس نموًا كبيرًا بنسبة 53.76%.
وأشار المراقبون أيضًا إلى تواطؤ محتمل بين ملاك “فضاءات المكاتب” والمستأجرين عبر عقود إيجار مبالغ فيها لا تتناسب مع حجم أعمالهم التجارية. وأكدت الأبحاث أن الشركات المعنية تراكم مخزونات عقارية غير مفعّلة في مواقع منتقاة بعناية، ما يحافظ على استقرار أسعارها وسرعة بيعها عند الحاجة.
