المغرب يعاني مع الاربعة الكبار في افريقيا؟

2 مايو 2025آخر تحديث :
المغرب يعاني مع الاربعة الكبار في افريقيا؟

على الرغم من طموح المغرب ليصبح مركزًا ماليًا إقليميًا، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات لترسيخ مكانته كأحد رواد سوق الاستثمار المباشر (Private Equity) في إفريقيا، والذي يشمل الاستحواذ على حصص في الشركات غير المدرجة لتمويل انطلاقها أو تطويرها. فكيف يمكن للمملكة منافسة “الأربعة الكبار” في القارة وتعزيز جاذبيتها للمستثمرين وإعادة هيكلة نظامها البيئي؟

وفقًا لأحدث تقرير سنوي صادر عن “بارتك أفريكا” (Partech Africa)، وهي جهة مرجعية في هذا القطاع، جمعت الشركات الناشئة الإفريقية ما مجموعه 3.2 مليار دولار من الأسهم والديون في عام 2024، مما يدل على إمكانيات سوق الاستثمار المباشر في القارة. تصدرت نيجيريا الترتيب بـ 520 مليون دولار، تلتها جنوب إفريقيا (459 مليون دولار)، ومصر (297 مليون دولار)، وكينيا (221 مليون دولار)، وغانا (102 مليون دولار). بينما استقطب المغرب 82 مليون دولار “فقط”، ليحتل المرتبة السادسة، بعيدًا عن “الأربعة الكبار” الأفارقة الذين يستحوذون مجتمعين على 67% من الاستثمارات المباشرة في القارة.

ويؤكد التوزيع القطاعي لجمع التبرعات السهمية هيمنة التكنولوجيا المالية (Fintech) على النظام البيئي التكنولوجي الإفريقي، حيث جمعت 1.3 مليار دولار (60% من التمويل)، تليها التكنولوجيا النظيفة (9%)، التجارة الإلكترونية (7%)، خدمات الأعمال (7%)، والتكنولوجيا الزراعية (4%).

**فوارق وممانعة:**
يسلط هذا الترتيب الضوء على الفوارق المستمرة بين مراكز الاستثمار الرئيسية والسوق المغربي، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على التمويل التقليدي. فسنويًا، يتم ضخ أكثر من 400 مليار درهم في الشركات على شكل قروض بنكية وديون بين الشركات، مما يترك مساحة ضئيلة للاستثمار المباشر الضروري لتطوير بيئة ريادية أكثر ديناميكية ومرونة. فعلى عكس تمويل الديون الذي يثقل كاهل ميزانيات الشركات ويحد من marge de manœuvre (هامش المناورة)، يتيح الاستثمار المباشر الوصول إلى الموارد المالية دون توليد ديون مفرطة ويتيح للشركات الاستفادة من دعم وخبرة صناديق الاستثمار.

ويرى حسن المدغري العلوي، الشريك المؤسس لـ “ديل فلو” (Dealflow)، أول منصة رقمية إفريقية مخصصة لعمليات التخارج وجمع الأموال، أن المغرب يجد صعوبة في ترسيخ مكانته كمركز مالي إفريقي بأقل من 10 صفقات استثمار مباشر (سنويًا أو في الفترة الأخيرة). ويقول: “على الرغم من بنيته التحتية القوية، لا يزال تمويل الأعمال يعتمد إلى حد كبير على الديون مما يضعف النظام البيئي. دول مثل مصر وجنوب إفريقيا ونيجيريا تستثمر ما يصل إلى 70 مرة أكثر في رأس المال الاستثماري مقارنة بالمغرب. ما زلنا بعيدين عن المعايير الدولية”.

ويعزو المدغري العلوي هذا التأخير أيضًا إلى ثقافة استثمارية لا تزال غير متجذرة بعمق في المغرب، حيث يُنظر غالبًا إلى الاستثمار المباشر على أنه فقدان للسيطرة بدلاً من كونه رافعة للنمو، بسبب ممانعة المديرين في فتح رؤوس أموال شركاتهم لمستثمرين خارجيين. يُضاف إلى ذلك نقص الوعي لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة بفرص هذا النوع من التمويل، فضلاً عن عتبة الدخول المرتفعة تاريخيًا. ويوضح: “صناديق الاستثمار الأولى، حرصًا منها على الحد من المخاطر، فضلت الاستثمارات الكبيرة التي تستهدف الشركات الكبيرة والمنظمة جيدًا، على حساب الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم”، مما أدى إلى استبعاد العديد من الشركات المؤهلة.

**نحو الديمقراطية وإعادة الهيكلة:**
لتغيير هذا الوضع وتنشيط السوق، يقترح الرئيس التنفيذي لـ “ديل فلو” عدة مسارات. أولاً، دمقرطة الوصول إلى الاستثمار المباشر من خلال تطوير أدوات تمويل مصممة خصيصًا للشركات الصغيرة والمتوسطة (أكثر من 100 ألف شركة متوسطة يمكن أن تكون مؤهلة ولكنها تظل بعيدة عن رادار المستثمرين).

ثانياً، هيكلة السوق بشكل أفضل عبر منصات تسهل التواصل بين رواد الأعمال والمستثمرين، مثل منصة “ديل فلو” التي تعمل كـ “مُسهّل” للصفقات. تهدف المنصة، التي شارك في تأسيسها ثلاثة مسؤولين تنفيذيين سابقين في القطاع المالي بالمغرب، إلى إنشاء نظام بيئي رقمي يجمع جميع الأطراف المعنية بالصفقات (مستثمرين، بنوك استثمار، محامين متخصصين، محاسبين قانونيين). ومنذ إطلاقها، جمعت “ديل فلو” بالفعل تقييمات بقيمة 3 مليارات درهم وتضم مجتمعًا من المستثمرين يمثلون صناديق مغربية وإقليمية برأس مال متاح يتجاوز 5 مليارات درهم. يؤكد المدغري العلوي: “دورنا هو تسريع هذه العملية من خلال منح الشركات رؤية أكبر وجعل البحث عن التمويل أكثر سلاسة”.

أخيرًا، يجب التركيز على دعم الشركات في انتقالها نحو الاستثمار المباشر، من خلال برامج تركز على التثقيف والتوعية. يصر الخبير المالي السابق: “يجب أن يفهم رواد الأعمال أن الاستثمار المباشر ليس مجرد مساهمة مالية، بل هو أيضًا دعم استراتيجي يعزز حوكمة الشركات ونموها”.

إن تضافر جهود المستثمرين والسلطات العمومية والفاعلين في السوق المالية يمكن أن يسرع من دمج الاستثمار المباشر في المشهد الاقتصادي المغربي، ويمكن المملكة من منافسة “الأربعة الكبار” الأفارقة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات تعليق واحد
  • محمد السادس
    محمد السادس منذ أسبوعين

    كبار القارة تنافسوهم با الواقي الدكري و حبوب منع الحمل لي تستوردوهم

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق