في إطار استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 وما يتطلبه الحدث من استثمارات كبيرة لتطوير البنية التحتية، من تحسين الملاعب وشبكات الطرق والنقل، ذكرت صحيفة “بلومبرغ” أن المغرب بدأ تحركات جديدة في سوق الدين الدولي، حيث عين بنوكا لبيع سندات مقومة باليورو. هذه الخطوة تأتي بعد حوالي عام من غياب المملكة عن الأسواق الدولية منذ آخر إصدار لها في عام 2023.
بحسب الحكومة المغربية، يتم التخطيط لطرح سندات بنظام الشريحة المزدوجة بأجل استحقاق يمتد بين أربع وعشر سنوات، مما يمنح المستثمرين خيارات متنوعة بناءً على ظروف السوق الحالية. وتنشط عدة بنوك دولية، من بينها “بي إن بي باريبا”، “سيتي غروب”، “دويتشه بنك”، و”جيه بي مورغان” في ترتيب لقاءات مع المستثمرين في باريس ولندن استعدادًا لهذه الصفقة المحتملة، مع إشراف شركة “لازارد” كمستشار مالي.
تعكس هذه الخطوة رغبة المغرب في زيادة تمويل مشاريعه الضخمة وتحقيق أهدافه التنموية، خاصة بعد توقف دام لخمس سنوات عن إصدار السندات المقومة باليورو. ورغم تصنيف المغرب الائتماني الذي لا يزال خارج نطاق الدرجة الاستثمارية، فإنه يحافظ على مكانته كوجهة جاذبة للاستثمار.
المحلل الاقتصادي رشيد ساري أوضح أن هناك ضرورة ملحة لمواصلة الاقتراض سواء داخليًا أو خارجيًا لتمويل المشروعات الطموحة التي تشمل تنظيم كأس العالم، وهي مشاريع تتطلب ميزانية تتجاوز 5 مليارات دولار. كما أشار إلى أن خروج المغرب من “اللائحة الرمادية” المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب ساهم في تحسين فرص الحصول على تمويلات دولية. لكنه أكد أن جزءاً من تلك القروض لن يكون مخصصًا للمشاريع الكبرى فقط، بل ستُستخدم أيضًا لدعم مبادرات الحماية الاجتماعية.
مع ذلك، عبر ساري عن قلقه بشأن التحديات الاقتصادية التي تواجه المغرب، خاصة مع ارتفاع مستويات الدين إلى أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تفوق المعيار الذي حدده الاتحاد الأوروبي بـ60%. وأكد أن الاعتماد الزائد على القروض كحل سريع قد يؤدي إلى تدخل أكبر من قبل المؤسسات العالمية مثل صندوق النقد الدولي، مما قد يضع قيودًا إضافية على السيادة المالية للبلاد.
إقرأ ايضاً
وحذر من سيناريوهات سلبية مثل تسريع عملية تعويم العملة الوطنية، وهو ما قد يؤدي إلى موجة تضخم غير مسبوقة تُدخل الاقتصاد المغربي في أزمات جديدة. ودعا إلى أهمية دراسة الأثر الفعلي للقروض ومدى مساهمتها في النمو والاستثمار بدلاً من تغطية فجوات اقتصادية مؤقتة.
كما شدد ساري على ضرورة تعزيز الحوكمة المالية والاقتصادية لضمان الاستدامة المستقبلية للنمو، بدلاً من الاعتماد المفرط على الاقتراض الذي قد تكون آثاره طويلة الأمد غير إيجابية، خاصة مع ترك أعباءه للحكومات القادمة.
جدير بالذكر أن المغرب أصدر في عام 2023 سندات دولية طويلة الأجل بقيمة 2.5 مليار دولار بمعدل عائد حوالي 5.8%، وهو معدل يعتبر قريبًا من أدنى مستويات السنة.
