الناظور /خاص
قرار وزاري يصوب نحو “مافيا العقار” بحي المطار: هل ترتعد فرائص المحتكرين؟
في خطوة قد تُحدث تغييراً جذرياً في المشهد العقاري والتنموي بمدينة الناظور، وبالأخص في حي المطار الذي طال انتظاره للتنمية، يأتي قرار وزير الداخلية الأخير برفع قيمة الضرائب المفروضة على الأراضي الحضرية غير المبنية ليثير تساؤلات حول تأثيره المباشر على الشبكات المشتبه في تورطها بعمليات تبييض الأموال، والتي يُتهم “تغولها” بتحويل الحي إلى منطقة محرمة على آلاف الأسر الناظورية بسبب الأسعار الصاروخية.
حي المطار: عقدان من الانتظار.. وأرضٌ أغلى من الذهب تبتلعها المافيا!
منذ أكثر من عقدين على تهيئة حي المطار، الذي أُنشئ أصلاً ليكون متنفساً عقارياً يوفر سكناً لائقاً للعائلات الناظورية، ظلّت أجزاء كبيرة منه رهينة مئات القطع الأرضية غير المستغلة. يلاحظ المراقبون والسكان على حد سواء ظاهرة احتكار هذه الأراضي من قبل جهات يُشتبه في استخدامها للقطاع العقاري كواجهة لغسيل الأموال. ولم تقتصر آثار هذه الممارسات على تجميد التنمية، بل أدت، بفعل “جشع المافيا” حسب وصف المتضررين، إلى تضخم غير مسبوق في الأسعار، حيث وصل سعر المتر المربع للأراضي إلى ثلاثة ملايين سنتيم (30 ألف درهم)، متجاوزاً أسعار أرقى الأحياء في كبريات المدن المغربية، كما قفز سعر المتر المربع في الشقق القليلة المتوفرة إلى حدود 16 ألف درهم.
الحلم الموؤود: جشع يحول حي العائلات إلى خراب.. والنزوح نحو العشوائيات
هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، الناتج عن احتكار الأراضي ورفض بنائها أو بيعها، حوّل حي المطار فعلياً إلى “خربة عقارية” وحرم آلاف الأسر من ساكنة الناظور من حقها في السكن بهذا الحي الذي كان يفترض أن يحتضنهم. وكنتيجة مباشرة، اضطرت العديد من هذه العائلات إلى النزوح نحو ضواحي المدينة المهمشة، واللجوء مرغمة إلى حلول سكنية غير لائقة، بما في ذلك البناء العشوائي، بكل ما يحمله من مشاكل اجتماعية وعمرانية.
الضرائب الجديدة: مطرقة مالية لكسر جدار الصمت والتجميد
يأتي القرار الوزاري بزيادة العبء الضريبي على مُلاك هذه الأراضي الفارغة كآلية ضغط اقتصادية مباشرة. فبدلاً من أن تكون هذه الأراضي استثماراً مجمداً قليل التكلفة، سترتفع تكلفة الاحتفاظ بها بشكل كبير، مما قد يدفع هؤلاء الملاك، الذين يُعتقد أن الكثير منهم جزء من شبكات “مافيا العقار”، إلى أحد خيارين: إما الشروع في البناء والتطوير لتجنب الضرائب المرتفعة، أو بيع الأراضي في السوق. هذا الأخير من شأنه أن يزيد العرض ويضغط على الأسعار للانخفاض، مما قد يساهم في تحرير الحي وضخه في الدورة الاقتصادية والعمرانية للمدينة.
بصيص أمل في الأفق: ضربة للفساد وفرصة للتنمية المستحقة
يرى متتبعون للشأن المحلي أن هذا القرار، إذا ما تم تطبيقه بصرامة وفعالية، قد يكون له أثر حاسم؛ فمن جهة، سيُصعّب مهمة استخدام العقار كأداة لتبييض الأموال ومراكمة الثروات بطرق مشبوهة، ومن جهة أخرى، سيُحرّك عجلة التنمية المتوقفة ويساهم في كبح جماح الأسعار غير المنطقية، مما قد يعيد الأمل للأسر الناظورية في الحصول على سكن لائق بحي المطار، ويعزز في نهاية المطاف التنمية الحضرية المنشودة التي تأخرت لعقدين بسبب ممارسات الاحتكار والجشع.
لكن.. هل تكفي الضريبة لردع “حيتان” العقار؟ خبراء يشككون و”منجم الذهب” يقاوم
ومع ذلك، يبدي محللون متابعون عن كثب للوضع العقاري بالناظور تشككاً حول الأثر الفعلي لهذا الإجراء الضريبي على ما يُعرف بـ “مافيا حي المطار”. ويُرجع هؤلاء المحللون استبعادهم لأي تأثير كبير إلى استمرار وجود طلب قوي وكبير على الأراضي في تلك المنطقة تحديداً. فهم يشيرون إلى وجود جهات، ربما تكون هي نفسها جزءاً من دوائر غسيل الأموال أو المضاربة، مستعدة لدفع أثمان باهظة جداً مقابل اقتناء قطع أرضية هناك، حيث يُنظر إلى هذه الأراضي على أنها بمثابة “منجم ذهب” حقيقي، أداة آمنة للحفاظ على الثروات وتنميتها بعيداً عن أعين الرقابة أو تقلبات الاستثمارات الأخرى. ويرون أن هذه الرغبة الجامحة في اقتناء الأراضي بأي ثمن قد تمتص ببساطة أثر الزيادة الضريبية، مما يبقي الوضع على ما هو عليه ويضع تحدياً كبيراً أمام فعالية القرار في تحقيق أهدافه المعلنة.
