محاولين التجاوب مع مختلف الإشكاليات التي نتجت عن تغير المناخ، لجأ بعض مربي المواشي بالمغرب ولا يزالون إلى عمليات تهجين سلالات الصردي مع سلالات محلية إسبانية مستوردة؛ بما فيها الميرينوس، إذ يعتبرون أن ذلك من شأنه “المساهمة في الرفع من الإنتاجية الوطنية من اللحوم الحمراء والتصدي للتراجع الذي عرفه القطيع الوطني من الماشية”.
وتقوم عملية “الكوبلاج”، وفق المهنيين، على استقدام نعاج إسبانية، وإخضاعها للتزاوج والتكاثر مع الصردي المحلي، إذ يرون أن لهذه العملية مجموعة من النتائج الإيجابية “يمكنها أنْ ترقى بمستوى الإنتاجية الوطنية وتساعدهم خصيصا على تخفيض بعض التكاليف، على اعتبار أن سعر أنثى الصردي يكون عادة أكبر من نظيرتها الإسبانية”.
وبقدر ما يؤكد بعض المختصين، بمن فيهم منخرطون في القيام بالعملية ذاتها، على أهمية هذه الخطوة بقدر ما يؤكدون أنها “لا تشكل أي خطر على سلالة الصردي المغربية الأصيلة، إذ إن هذه الأخيرة مُحصنة بفضل جهود مربين لا يمكن أن يفرطوا في حمايتها”.
تجربة فريدة
محمد محسن، مربي ماشية بجماعة كيسر بإقليم سطات، قال، في حديثه عن تجربته في هذا الإطار: “بدأت تجربتي عندما اشتريت نعجة إسبانية حاملا وأنجبت هنا بالمغرب اثنين من صغارها؛ مما دفعني إلى البحث عن مميزات هذه النعجة، حيث اكتشفت أنها أكثر إنتاجية سواء على مستوى اللحم أو حتى الحليب من الصنف المغربي؛ الأمر الذي دفعني إلى إخضاعها لعملية “كوبْلاجْ” مع الصردي المغربي”.
وأضاف محسن، أن “ثمن النعجة بإسبانيا يكون عادة أكثر من الخروف؛ فالخرفان التي تنتج عن عملية التهجين تحمل ملامح الصردي أكثر من ملامح الأنثى الإسبانية. نحن، اليوم، في انتظار نتائج المرحلة الثالثة من هذه العملية”، مشيرا إلى أن “ملامح بداية هذه التجربة بدأت منذ أزيد من سنة، ونحن ما زلنا ننتظر نتائجها التي ستكون بطبيعة الحال في صالح المربي وفي صالح الإنتاجية الوطنية”.
وزاد: “يوجد كذلك من المهنيين من يقوم بتهجين سلالة الصردي مع سلالات محلية؛ لكن تبقى عملية تهجينه مع السلالات الإسبانية الأكثر أهمية من ناحية المردودية والفعالية.. فنحن، اليوم، في ظل مرحلة صعبة يجب أن تجعلنا نبحث عن حلول جديرة بالتطبيق وبإمكانها أن تعطي نتائج جد إيجابية. أما الحفاظ على الإيقاع نفسه فلا يساهم في أي شيء، إذ نعرف اليوم مشاكل في تربية الماشية وتوفير القطيع الموجه للذبح”.
وجوابا منه عن سؤال للجريدة بخصوص ما إن كانت هذه الطريقة تشكل خطرا على سلالة الصردي المغربية الأصيلة، كشف الفاعل المهني ذاته أن “هذه السلالة ثابتة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال التأثير عليها، إذ توجد مجهودات من قبل مهنيين من أجل الحفاظ عليها بشكل جيد؛ بينما نحن نبحث فقط عن الرفع من الإنتاجية والتجاوب مع ما يفرضه السوق والتغير المناخي”.
لا آثار سلبية
محمد نصر الله، فاعل في مجال الماشية وطرق التربية، أفاد، من جهته، بأن “الفكرة التي انطلق منها بعض الحرفيين هي استقدام نعاج إسبانية، وضمان تكاثرها مع صنف الصردي المغربي الأصيل؛ وهو التوجه الذي يعود إلى مبادرات حرة وفردية خلال السنتين الماضيتين تقريبا، بغرض التجاوب مع المشاكل التي يعرفها قطاع المواشي بالمملكة عبر تشجيع الإنتاجية”.
وأضاف نصر الله، أن “النعجة الإسبانية تعد أرخص من نظيرتها من صنف اليوم، مما جعل كسابة يلجؤون إليها لتخفيض التكاليف، وهي المعروفة أساسا بإنتاجيتها العالية وقدرتها على التكيف مع المناخ المغربي المتنوع؛ وهو ما اتضح لدى عدد من الكسابة منذ أن تم الشروع في استيرادها من إسبانيا خلال المواسم الماضية بعد تراجع منسوب القطيع الوطني”.
في سياق متصل، بيّن المتحدث أن عملية “الكوبلاج” هذه لا تثير حاليا أية مشاكل أو مخاطر، لأن الخطر الأول هو قلة اللحوم الحمراء وتراجع منسوب القطيع الوطني؛ في حين أن جمعية “أنوك” تقوم بمجهودات من أجل الحفاظ على أصالة السلالات المغربية، بما فيها الصردي”.
وسجل الفاعل في مجال الماشية وطرق التربية “وجود سلالات خالصة بالمغرب وأخرى مهجنة، مع وجود حرفيين يهتمون أساسا بمسألة صفاء السلالات المغربية من المواشي من أي دخيل”.