في الوقت الذي تسارع فيه “حكومة عزيز أخنوش” إلى توقيع اتفاقيات استثمارية جديدة، مثل الاتفاق الأخير مع شركة Sunrise الصينية في قطاع النسيج، تظل الأرقام والبيانات المتعلقة بالتشغيل شاهدة على إخفاقاتها في تحقيق وعودها الانتخابية. فبعدما تعهدت في انتخابات 2021 بخلق مليون فرصة شغل، لم تنجح برامجها التشغيلية، مثل “فرصة” و”أوراش”، إلا في إنتاج نتائج محدودة، مع استمرار معدل البطالة في التصاعد، خصوصًا بين الشباب وخريجي الجامعات.
استثمار أم دعاية سياسية؟
الإعلان عن مشروع Sunrise، الذي من المرتقب أن يوفر 7,000 فرصة عمل مباشرة و1,500 غير مباشرة، يأتي في ظل ضغط متزايد على الحكومة بسبب فشل سياساتها التشغيلية، وخصوصًا بعد تخصيصها 14 مليار درهم في قانون مالية 2025 لما أسمته “خارطة طريق جديدة للتشغيل”.
لكن “محمد العيساوي” الباحث في الاقتصاد السياسي بجامعة محمد بن عبدالله بفاس، يرى أن هذه المبادرة تفتقر إلى رؤية واضحة، موضحًا أن “تخصيص ميزانية ضخمة للتشغيل ليس كافيًا، إذا لم تكن هناك استراتيجية عملية تتجاوز مرحلة الشعارات والوعود المؤقتة. مشيرا “أن الاستثمار الأجنبي قد يخلق فرص عمل، لكنه ليس الحل السحري لمعضلة البطالة”.
هذه الخطوة، التي تأتي على بعد أشهر قليلة من انتخابات 2026، تطرح ايضا أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كانت مبادرة جادة أم مجرد محاولة لتلميع الصورة بعد انتقادات واسعة من الرأي العام والمؤسسات الاقتصادية.
ورغم الإعلان عن هذا الغلاف المالي الضخم، لم تكشف الحكومة عن تفاصيل واضحة حول كيفية توزيع هذه الميزانية، أو أي برامج ملموسة جديدة بخلاف تعثرات “فرصة” و”أوراش”. وبدلًا من تقديم حلول عملية، بدأت الحكومة في الترويج لمؤتمرات التوقيع على استثمارات أجنبية كجزء من استراتيجيتها للتشغيل، كما هو الحال مع Sunrise، دون تقديم ضمانات حقيقية بأن هذه المشاريع ستساهم بشكل مستدام في حل أزمة البطالة.
ياسين الحمومي، الباحث في السياسات العامة، يرى أن “الحكومة تحاول خلق زخم إعلامي عبر توقيع اتفاقيات مع مستثمرين أجانب، لكنها لا تملك آليات رقابة لضمان تنفيذها أو تقييم أثرها الحقيقي على التشغيل. ما يحدث اليوم ليس إلا إعادة تدوير للوعود نفسها التي رافقت مشاريع سابقة، ولم تحقق شيئًا يذكر”.
ما وراء الأرقام.. واقع التشغيل في المغرب
في الواقع، لا تعكس الوظائف المعلنة ضمن هذه الاستثمارات تحسنا جوهريا في سياسات التشغيل، حيث تستمر معدلات البطالة في الارتفاع. وفقًا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، فقد بلغ معدل البطالة في المغرب 12.9% في 2024، مع تسجيل بطالة الشباب بنسبة تجاوزت 30% في بعض المناطق الحضرية.
ويؤكد الباحث “العيساوي” أن “أغلب الوظائف التي يتم الإعلان عنها في إطار المشاريع الاستثمارية تكون ذات أجور متدنية وظروف عمل غير مستقرة. وبالتالي، فهي ليست سوى حلول ترقيعية لا تعالج جذور أزمة البطالة الهيكلية في المغرب”.
من فشل “فرصة” و”أوراش” إلى الاستثمار الأجنبي
إقرأ ايضاً
برنامجا “فرصة” و”أوراش”، اللذان أطلقتهما الحكومة كحلول لمعضلة التشغيل، لم يحققا الأهداف المرجوة. فقد كشف تقرير برلماني أن برنامج “أوراش”، الذي كان يهدف إلى خلق 250 ألف فرصة عمل مؤقتة، لم يصل حتى إلى نصف هذا الرقم بحلول منتصف 2024، في حين أن “فرصة” لم يوفر التمويلات الكافية لدعم المشاريع الصغيرة كما وعدت الحكومة، مما دفع بالكثير من الشباب إلى البحث عن فرص خارج البلاد أو في القطاع غير المهيكل.
عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية”، خلال كلمة له في الملتقى الوطني للهيئات المجالية وأعضاء الغرف المهنية لحزب “العدالة والتنمية” شهر يناير الماضي أن الحكومة فشلت في ملف البطالة والتشغيل. وأشار إلى وجود عشرات المستفيدين من برنامج “أوراش” أمام المحاكم، بالإضافة إلى توزيع البرنامج بشكل غير عادل وبمحسوبية على جمعيات وهيئات معينة.
وتساءل بوانو: “الحكومة وعدت برفع الاستثمار العمومي، ولكن أين أثره على التشغيل؟ وأين تأثيره على النمو وخلق الثروة؟”، معتبرًا أن عنوان هذه الحكومة هو “تضارب المصالح والتطبيع مع الفساد”، خاصة بعد سحب القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد والريع.
وأضاف أن رئيس الحكومة وعد في البداية بخلق مليوني منصب شغل، ثم خفض الوعد إلى مليون منصب في البرنامج الحكومي، قبل أن يدعو الملك في عام 2023 إلى خلق 500 ألف منصب شغل فقط. ومع ذلك، فشلت الحكومة حتى في تحقيق هذا الهدف. كما أشار إلى فشل الحكومة في ملف المقاولات، حيث ارتفع عدد المقاولات المفلسة إلى 16 ألف مقاولة، بينما تراجعت أعداد المقاولات الناشئة.
الحكومة مطالبة بخطة تشغيل حقيقية
في ظل هذا الفشل، يبدو أن الحكومة بدأت بالتحول نحو الترويج للاستثمارات الأجنبية كمحاولة لتهدئة الضغط السياسي والإعلامي. ومع ذلك، فإن هذه الاستثمارات تظل غير كافية لتلبية الحاجة المتزايدة لفرص العمل، خاصة إذا لم تكن مصحوبة بإصلاحات عميقة في السياسات الاقتصادية والتعليمية والمهنية.
في هذا السياق يؤكد “العيساوي” الباحث في الاقتصاد السياسي ان ما يحتاجه المغرب اليوم هو إصلاح حقيقي في سياسات التشغيل، يرتكز على تنمية المقاولات الصغيرة والمتوسطة، باعتبارها المحرك الرئيسي لخلق فرص عمل مستدامة. بالإضافة الى تطوير نظام التعليم والتكوين المهني، ليتماشى مع متطلبات سوق العمل، بدلًا من التركيز على القطاعات التي توفر وظائف مؤقتة وغير مضمونة.
وتابع العيساوي ” كما يتوجب أيضا الى تقديم دعم حقيقي للمقاولين الشباب، عبر تسهيل الولوج إلى التمويلات ومنحهم حوافز ضريبية، بدلًا من برامج شكلية لم تحقق نتائج على الأرض. ”
بعدومع اقتراب انتخابات 2026، يبقى السؤال الأهم، هل ستتحرك “حكومة تستاهل حسن” لإيجاد حلول حقيقية، أم ستستمر في تسويق الأرقام والمؤتمرات دون تغيير جوهري في واقع التشغيل بالمغرب.

اغلب الطبقة المتوسطة والغنية من المحافظين، والمحافظ انسان يقل استهلاكه، ونعرف أن الاستهلاك يوفر الشغل ويفتح ورشات ومعامل لهدا فنحتتج إلى مجتمع علماني ،لان الرياضة والسينما والموسيقى واللباس والسياحة والكتاب تقوم يشتغل الكبير ،لهدا لابد من إنتاج طبقة علمانية كما قي اروبا ،الطبقة المحافظة تحب المال ومقتصظة وبخيلة لاتساهم في التشغيل ولا السياسة ولا الاقتصاد ..