مراد ميموني
يزخر إقليم الناظور بمجموعة من البنايات الكولونيالية، التي يعود تاريخ بنائها إلى المرحلة الاستعمارية الممتدة ما بين سنتي 1912 و1956.
ومن أشهر البنايات الكولونيالية الموجودة وسط مدينة الناظور، والتي حازت شهرة في باقي ربوع المغرب، النادي البحري أو ما يطلق عليه لدى عموم أبناء المدينة بـ”كلوب”، المعروف في السابق بمقر نادي الضباط قبل أن يصبح مقهى عموميا معروفا.
وتوجد كذلك بنايات عديدة نذكر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، الكنيسة الإسبانية والمعروفة بكنيسة “سانتياغو ماتامورو”، والتي يعود تاريخ بنائها إلى سنة 1916، وبجانبها توجد مقاطعة الناظور الأولى سابقا، قبل أن يتم تحويل مكانها إلى بناية أخرى، والتي كانت في عهد الإسبان مقرا للبلدية الذي كانت توجد بها مجموعة من الأجنحة التابعة لها، كجناح خاص للعروض المسرحية، وجناح للمتحف وغيرها.
كما توجد مجموعة من الثكنات العسكرية بمختلف مناطق إقليم الناظور وأشهرها الثكنة العسكرية الواقعة قرب المحطة الطرقية وسط المدينة المعروفة بـ”الريكولاريس 2″ بالإضافة إلى ثكنات أخرى كـ”الريكولاريس5″ بأزغنغن و”الريكولاريس7″ ببلدة بني شيكر، وغيرها من الثكنات العسكرية.
ويبقى أشهر حدث تاريخي شهدته الثكنة العسكرية “الريكولاريس2″، الموجودة قرب المحطة الطرقية على الطريق المؤدية إلى بني إنصار، هو تجنيد الأطفال أثناء الحرب الأهلية الإسبانية من سنة 1936 إلى غاية سنة 1939، حيث لا تزال أشعار راسخة في الذاكرة الأمازيغية تشهد على العمل الإجرامي الذي ارتكبه الجنرال “فرانكو” في تلك الحقبة الزمنية، خصوصا إقحام الأطفال في حرب لا علاقة لهم بها، ومن بين تلك الأشعار التي كانت تردد القصيدة الشهيرة “طابور لالة يما”.
إقرأ ايضاً
وتعتبر كذلك الثكنة العسكرية بأزغنغن، والتي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا، من بين الثكنات التي شهدت مجموعة من الأحداث التاريخية؛ فمنها انطلقت الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1936، حيث كانت أول استجابة لنداء “فرانكو” لمعارضة النظام الاشتراكي بإسبانيا، على يد الكولونيل محمد أمزيان بالقاسم الزهرواي، بالإضافة إلى وجود جيش التحرير الجزائري ما بين سنتي 1956 و1962.
كما تضم الناظور عددا من الفنادق التي شهدت مجموعة من الأحداث، وأشهرها فندق السلام الذي نزل فيه العديد من قيادات جيش التحرير بين سنتي 1956 و1962. وتبقى أشهر شخصية سياسية نزلت بالمؤسسة الفندقية سالفة الذكر هو الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا.
ومن البنايات التاريخية التي يعود تاريخ بنائها إلى الحقبة الاستعمارية، نذكر مركز الاستثمار الذي كان يحتضن مقر البريد في عهد الاستعمار الإسباني، وبلدية الناظور سابقا، فيما كانت توجد بمنطقة وكسان التابعة للنفوذ الترابي لإقليم الناظور إقامة ملكية لـ”ألفونسو13″ خلال سنة 1912 و1931، وبنايات عدة معروفة بـ”سان خونوريمو” كان ينزل فيها العاهل الإسباني كلما زار الريف عموما والناظور خصوصا.
وإذا كان إقليم الناظور يحظى بالغنى والتنوع في الجانب المتعلق بالمعمار الكولونيالي الذي أقامته سلطات الحماية الإسبانية وخلفته بعد رحيلها عن المغرب، فإن واقع هذه البنايات في المرحلة الراهنة يثير الكثير من القلق لدى المهتمين بتاريخ المدينة وباقي حواضر الإقليم.
اليزيد دريوش، الباحث في تاريخ الريف، يقول، ، “هي مناطق عدة وبنايات وسدود وأسواق ومنارات وقناطر، يزخر بها الريف عموما والناظور على وجه الخصوص، تشهد ظاهرة الإهمال والتهميش والتخريب وسوء الاستغلال، خصوصا أنها تجمع بين الثقافة الإسبانية والإسلامية والأندلسية”.
ويرسل الباحث في تاريخ الريف صرخة إلى المسؤولين: “ينبغي على القائمين على تدبير قطاعي السياحة والثقافة وغيرهما أن يهتموا بهذه المعالم العمرانية، كما يهتم الإسبان بالتراث الموريسكي والإسلامي والأمازيغي والعربي بالأندلس، حيث استثمروه في السياحة كقصر الحمراء بخيرالدا وغيرها”، يقول اليزيد دريوش.