كشف التقرير السنوي لمجلس المنافسة لسنة 2023، انخفاض مداخيل التدفقات الصافية للاستثمار الأجنبي المباشر بالمغرب بمبلغ قدره 11,1 مليار درهم، وهو ما يعادل تراجعا نسبته 51,7 و 45,6 في المائة مقارنة بسنتي 2022 و 2021 على التوالي.
وحسب ما أوضحه المصدر ذاته فإن مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعت بنسبة 141 في المائة محققة حجما قدره 34,6 مليار درهم، مقابل ارتفاع نفقاتها ” لتصل إلى أعلى مستوياتها خلال الخمس سنوات الأخيرة، لتبلغ 23,5 مليار درهم في 2023.
وبدا هذا الانخفاض أكثر وضوحا على مستوى أدوات الدين، بانخفاض حجمها الصافي من 8,5 مليار درهم في 2022 إلى 2,5 مليار درهم في 2023 كما تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على شكل سندات المساهمة من 11,9 مليار درهم في 2022 إلى 6,1 مليار درهم في 2023.
وفيما يتعلق بالاستثمار الداخلي، الذي يعكس التدفق الصافي لأصول الثابتة المستخدمة من لدن وحدات الإنتاج العمومية أو الخاصة، يضاف إليه التغير في المخزون وصافي اقتناء النفائس انتعاشا نسبيا في 2023 مقارنة بالمستوى المسجل في 2022، أكد المجلس أنها وصلت لما مجموعه 367 مليار درهم مقابل 363 مليار درهم في 2022، أي بزيادة بلغت 1,3 في المائة.
وأوضح التقرير المرفوع إلى الملك محمد السادس، أن الحجم الإجمالي المبرمج للاستثمار العمومي سجل مستويات قياسية في 2023، بلغ مقدارها 300 مليار درهم بنسبة فاقت 22,4 في المائة مقارنة بسنة 2022 و 53,9 في المائة مقارنة بسنة 2019.
وتعزى هذه الزيادة إلى إطلاق عدة مشاريع عمومية كبرى، مرتبطة أساسا بتنظيم تظاهرات رياضية قارية أو عالمية، أو مخططات تنموية وطنية أو جهوية.
وأتابع أن دينامية الاستثمارات الداخلية والأجنبية على السواء استهدفت تدارك العجز المسجل في 2022، والمساهمة في النمو بشكل أفضل عبر تعبئة الاستثمارات الإنتاجية المحفزة للنمو والخالقة لمناصب الشغل.
وعلاقة بالتوزيع القطاعي، يتبين من المعطيات المتوفرة أن الصناعات التحويلية سجلت رصيدا سلبيا بحجم 4,21 مليار درهم في، 2023 مقارنة بالرصيد الإيجابي المسجل في 2022 والبالغ 102 مليار درهم وترجع أسباب هذه الوضعية إلى الزيادة الكبيرة في نفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الغذائية بمقدار 6,4 مليار درهم، وصناعة السيارات بنسبة 4,9 في المائة، والصناعية الكيماوية بحجم 2,6 مليار درهم بالمقابل سجلت مداخيل الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه القطاعات مستويات أقل، خاصة الصناعة الكيماوية.
وأشار التقرير إلى أن التدفقات الصافية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأنشطة العقارية ارتفعت تقريبا بنفس الوتيرة المسجلة في السنوات الست الأخيرة، محققا حجما قدره 5,8 مليار درهم، وذلك بسبب ارتفاع مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمقدار 7,5 مليار درهم، وإلى استقرار النفقات بحجم 1,6 مليار درهم.
وأكد المصدر ذاته أن الاستثمار الخاص يصطدم بعقبات بنيوية هامة، تتمثل في الولوج إلى التمويل ووفرة العقار، وتقترح المقتضيات المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار الجديد تقويم هذه الاختلالات عبر تمكين المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة من الولوج إلى التحفيزات على قدم المساواة.
وشدد مجلس المنافسة على وجوب تمكين المستثمرين من الولوج إلى عروض العقار سهلة الولوج، ما يستجيب مع مواصلة إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار لهذا الهدف العام المتمثل في تحسين مناخ الأعمال، خاصة من ناحية تبسيط المساطر.
واعتبرت المؤسسة أن انخفاض التدفقات الصافية للاستثمار يتوافق مع الاتجاهات الدولية المرتبطة بحركية رؤوس الأموال والمتمثلة بالخصوص في إعادة تنظيم سلاسل القيم العالمية.
وتجدر الإشارة إلى أن دينامية الاستثمار العمومي تأتي في سياق الإصلاح الذي بوشر تنفيذا للتوجيهات الملكية، غداة انعقاد المجلس الوزاري بتاريخ 10 أكتوبر 2018، الرامية إلى إعادة هيكلة مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية والتوجيهات الواردة في خطاب العرش لسنة 2020 والهادفة إلى معالجة الأعطاب البنيوية لهذه المؤسسات والمقاولات.